سمير جعجع والرئاسة المستحيلة... "الحكيم" ينتكس ويتخبّط
تخبّط ما بعده تخبّط ونكسة ما بعدها نكسة. هكذا يمكن وصف مواقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من إستحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية الذي أصبح على الأبواب بما أن لبنان يعيش الأسابيع الأخيرة من عهد الرئيس ميشال عون.
تخبّط ما بعده تخبّط لأن جعجع نفسه الذي أعلن في السابع عشر من تموز الفائت دعمه "قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية إذا تبيّن أن حظوظه متقدمة" بحسب تعبيره، عاد وفي الثالث من آب الجاري أي بعد 17 يوماً فقط على دعمه قائد الجيش، وقبل أن يتأكد من حظوظ العماد عون، ليقول "أنا مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية ولكن هذا يتوقف على وحدة المعارضة".
وكي يصل "الحكيم" الى ذروة التخبط، ختم مؤتمر الثالث من آب، بالقول رداً على سؤال، "تعطيل نصاب جلسة إنتخاب الرئيس منعاً لوصول رئيس لفريق الممانعة يختلف عن أنواع التعطيل الأخرى" وهنا نسي جعجع أو تناسى محرك غوغل الذي يحوي في أرشيفه عشرات وقد يكون المئات من التصريحات التي إتهم فيها رئيس القوات عام 2014 حزب الله والتيار الوطني الحر وجميع من كان في محور "8 آذار" بتعطيل نصاب جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية "خدمة لإيران وأجندتها في المنطقة" كما قال وكرر.
هذا التخبط الطاغي على مواقف رئيس القوات من الإستحقاق الرئاسي، له أسبابه ونكساته السياسية التي تعيشها معراب منذ 15 أيار الفائت تاريخ إنتهاء العملية الإنتخابية النيابية.
صحيح أن القوات خرجت من الإنتخابات النيابية بكتلة مسيحية وازنة، وصحيح أيضاً أنها تقدمت على التيار الوطني الحر بالأصوات التفضيلية المسيحية، غير أنها ومنذ ذلك التاريخ، تعاني الأمرين مع حلفائها ومع الذين كانت تسعى الى التحالف معهم ولو ظرفياً بعد الإنتخابات وتحت عنواني "السياديون" و"التغييريون"، كل ذلك بهدف إيصال جعجع الى قصر بعبدا الأمر الذي يتبين يوماً بعد يوم أنه من سابع المستحيلات.
من حليف القوات الأساسي في الإنتخابات أي الحزب التقدمي الإشتراكي جاءت النكسة الأولى لمعراب. فبينما كانت النائبة ستريدا جعجع تكتب بيان رد عالي النبرة على مواقف رئيس الحزب وليد جنبلاط كان الأخير يعدّ تموضعاً سياسياً جديداً في إتجاه حارة حريك ويفتح أبواب منزله في كليمنصو للمعاون السياسي للسيد حسن نصرالله حسين الخليل ولمسؤول وحدة الأمن والإرتباط في حزب الله وفيق صفا تمهيداً للقاء سيجمعه بالسيد نصرالله، ومن بين أبرز الملفات التي يناقشها جنبلاط مع الحزب هو ملف رئاسة الجمهورية.
وكي تصبح نكسة جعجع مضاعفة، نبش له معارضوه تغريدة له عبر تويتر قال فيها "أنا أثق بجنبلاط عندما يقول نعم وأعتقد أنه وصل الى قناعة بعدم الجدوى بالتقارب مع حزب الله وحلفائه وآداء الحزب الإشتراكي بالأشهر العشرة الأخيرة على الأقل واضح في هذا الإتجاه وقنوات التواصل بيننا قوية".
من حليفه السابق أي حزب الكتائب تلقى جعجع النكسة الثانية. ففي الوقت الذي أوحت فيه القوات على لسان مسؤوليها بأن المياه قد تعود الى مجاريها مع الصيفي بعد الإنتخابات، كانت قيادة الكتائب منكبّة على تحضير اللقاء النيابي الذي عقد مع نواب من قوى "17 تشرين" وأشرف ريفي وميشال معوض ونعمة افرام وفؤاد مخزومي وآخرين وسط غياب واضح عنه لنواب القوات اللبنانية.
أما النكسة الثالثة والأزعج بين كل النكسات فكانت تلك التي ألحقها نواب "17 تشرين" بالقوات. ففيما تحدث جعجع بعد الإنتخابات عن ضرورة أن ينسق 67 نائباً من خارج محور حزب الله وحلفائه بين بعضهم البعض ولا سيما في إستحقاق رئاسة الجمهورية، أظهرت الوقائع أن نواب 17 تشرين في وادٍ والقوات في وادٍ آخر والدليل ما حصل في إنتخابات رئاسة مجلس النواب ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس وصولاً الى تسمية رئيس جديد لتشكيل الحكومة وإستحقاقات أخرى.
في المحصلة، سمير جعجع غير قادر على الوصول الى بعبدا وهو يعرف ذلك تماماً، وهو غير قادر حتى، من دون نواب الإشتراكي والكتائب و"17 تشرين" والمعارضة، على جمع 43 نائباً لتعطيل نصاب جلسة إنتخاب الرئيس.
هو غير قادر على التأثير في الإستحقاق الرئاسي وما قاله وسيقوله من اليوم وحتى إنتخاب الرئيس الجديد لن يكون أكثر من تخبّط ما بعده تخبّط، لا أكثر ولا أقل.
مارون ناصيف - الكلمة أونلاين
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|