"التربية" تبحث عن بدلاء لخمسة آلاف أستاذ: الامتحانات بالتشبيح
بدأت وزارة التربية مرحلة جديدة في التعامل مع أساتذة التعليم الثانوي الممتنعين عن التعليم، من خلال اتخاذ قرارات، وصفها الأساتذة بأنها تعسفية، ولن تؤمن لوزارة التربية مبتغاها، الذي بات يقتصر على إجراء الامتحانات الرسمية ولو كانت شكلية. وبالتالي، سيفتتح الأساتذة مرحلة جديدة في المواجهة تتمثل بمنع إجراء الامتحانات الرسمية.
سلطة استنسابية
وفي التفاصيل، تقدم مدير التعليم الثانوي خالد الفايد باقتراح ضمّنه في كتاب حمل الرقم 1423/5 ورفعه إلى مدير عام التربية عماد الأشقر يوم الإثنين في الثالث من نسيان. ويتعلق باقتراح تأمين بديل بالتعاقد الداخلي عن أساتذة الملاك والمتعاقدين الممتنعين عن التعليم. واعترف الفايد في الكتاب بأن النصوص القانونية المرعية الإجراء لم تنص على تأمين بديل عن أستاذ ممتنعين عن التدريس من دون مبرر قانوني، واقترح الموافقة الاستثنائية على تأمين البدلاء للفترة المتبقية من العام الدراسي. وحصل فوراً على الموافقة من وزير التربية. وعاد وأصدر تعميماً إلى الثانويات حمل الرقم 1503/5 يوم أمس الثلاثاء طلب فيه من المديرين باستبدال الأساتذة الممتنعين عن التعليم ببدلاء عنهم مؤقتاً. وقررت الوزارة، كما سبق وكشفت "المدن"، دمج الطلاب من ثانويات عدة بواحدة، ليتسنى للمديرين، الذين أمنوا أساتذة، تعليم الطلاب. وكشفت هذه القرارات أن الوزارة عاجزة عن اتخاذ تدابير بحق أكثر من خمسة آلاف أستاذ مضرب عن التعليم، فلجأت إلى استخدام سلطة استنسابية، لا سوابق قانونية لها، لتمرير ما تبقى من العام الدراسي.
الاقتصاص من النشطاء
وتزامنت هذه القرارات العشوائية مع رفض وزير التربية عباس الحلبي لقاء وفد عن الأساتذة الممتنعين لعرض مشاكلهم. وعوضاً عن لقاء الأساتذة للتحاور معهم، قررت وزارته تحويل الأساتذة النشطاء نقابياً إلى مجالس تأديبية. ليس هذا فحسب، بل تعمل بعض وحدات الوزارة على مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالأساتذة، لمعرفة من هم الأكثر نشاطاً للاقتصاص منهم.
ووفق مدراء وأساتذة من مختلف المناطق، فإن قرار استبدال الأساتذة الملاك بمتعاقدين لا معنى له، لأنه لا يمكن إيجاد بدلاء في الأساس. وفي حال تمكنت الوزارة من تأمين بعض المتعاقدين كيفما اتفق لتعليم بعض الطلاب بعد دمج الثانويات، سيكون الأمر مجرد قرار تعسفي لإجراء الامتحانات الرسمية لطلاب المدارس الخاصة.
دمج الثانويات
ويقول أحد المدراء إن الوزارة لجأت إلى هذا الخيار غير التربوي، وهي تعلم أنها لن تتمكن من إيجاد بدلاء عن الأساتذة الممتنعين، ويمكنها استبدال أساتذة المواد الاختيارية (مواد يختارها الطالب في الامتحانات الرسمية)، لكنها لا تستطيع استبدال أساتذة المواد الأساسية بأي أستاذ كان، لأن الأستاذ الجديد لن يتمكن من استكمال ما بدأ زميله مع طلابه في مطلع العام الدراسي.
أما في قضية دمج المدارس، فقد بدأت الوزارة تختبر هذا الأمر عبر دارسي المناطق الذين يجتمعون مع المدراء لبحث آلية الدمج. وسجلت أولى الفضائح في سجل الوزارة في جبل لبنان. ووفق مصادر "المدن"، اجتمع دارس منطقة بعبدا مع مديري ثانويتين (نتحفظ عن ذكر إسميهما) واحدة في الشياح وأخرى في عين الرمانة للبنات، ما زال أساتذتها ممتنعين عن التعليم منذ مطلع العام الدراسي. ووقعت إشكاليات طائفية بين الثانويتين. فطلاب الثانوية الأولى أغلبيتهم من المسيحيين، فيما الثانية مختلطة طائفياً، ولذا وعد مدير الثانوية الأولى، حيث سيدمج طلاب، بتوزيع الطلاب المسلمين على ثانويات الضاحية الجنوبية.
صراع على الامتحانات الرسمية
مصادر وزارة التربية تؤكد أنه لم يعد أمامها أي خيار لاستكمال العام الدراسي. فالمشكلة لم تعد في إجراء الامتحانات الرسمية من عدمها. فحتى لو قررت الوزارة عدم إجراء الامتحانات الرسمية ومنح الطلاب إفادات، لا يمكنها منح أي إفادة بإنهاء الطالب العام الدراسي، طالما أنه لم يتعلم إلا ربع المنهج. ولذا، المطلوب من الأساتذة إنهاء البرامج بما تبقى من أيام، بمعزل عن إجراء الامتحانات الرسمية. فالأخيرة قائمة واتخذ القرار بإجرائها. وستقوم الوزارة بتحديد موعد الامتحانات قريباً وهي تُعِدّ ميزانية لها.
الأساتذة الثانويون يرفضون ابتزاز الوزارة. هم على قناعة بأن ما يقوم به المسؤولون في وزارة التربية ليس تربوياً ولا من منطلق الخوف على مصير الطلاب، بل لإجراء الامتحانات الرسمية لطلاب القطاع الخاص. فالعام الدراسي انتهى ولم يعد للأيام المتبقية أي جدوى تربوياً لإجراء الامتحانات، إلا إذا كانت على حساب طلاب المدارس الرسمية.
ويقول النقابي حسن مظلوم إن قرارات استبدال أساتذة الملاك، الذين تم تعيينهم بعد خضوعهم لدورات في كلية التربية، وبعد نجاحهم في مجلس الخدمة المدنية، بأساتذة متعاقدين، هو الذي سيقضي على التعليم الثانوي. فليس تفصيلاً أن المدارس الخاصة المرموقة تعتمد على الأساتذة الثانويين في القطاع الرسمي، لأنهم تولوا وظيفتهم عن جدارة. والامتحانات الرسمية خير دليل على تفوق مرحلة الثانوي في القطاع الرسمي على الخاص.
ويضيف، إن الأساتذة يرفضون تعامل الوزارة معهم كنكرة أو كأنهم ثياب بالية يمكن استبدالها ساعة يشاء هذا المسؤول أو ذاك. فالوزارة بأحزابها، التي تمتلك مدارس خاصة، تريد إجراء الامتحانات الرسمية على حساب طلاب التعليم الرسمي. وبالتالي لم يعد أمام الأساتذة أي خيار إلا المواجهة لمنع إجراء الامتحانات الرسمية، وذلك من خلال الاستعانة بطلابهم وأهاليهم، لإقفال مراكز الامتحانات.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|