دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
"شبه ترشيح" وإطلالة مرتقبة... كيف يُفهَم "حراك" فرنجية المستجدّ؟!
بعد طول انتظار وضع المؤيّدين له في حيرة كادت ترقى لمستوى "الريبة"، خرج رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية بإعلان يصحّ اعتباره "شبه ترشيح" من بكركي الأسبوع الماضي، بعد لقاء جمعه بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وُصِفت أجواؤه بـ"الودية والإيجابية"، واستغلّه لإطلاق "رؤيته الرئاسية"، بعيدًا عن "فيتو" صنّفه "مزعومًا"، ولدعوة الجميع، ولا سيما القوى المسيحيّة، للانخراط في "التسوية" التي تسرّعها تطورات المنطقة.
لن يكتفي فرنجية بـ"شبه الترشيح" هذا، فهو يستعدّ لإطلالة تلفزيونيّة منتصف هذا الأسبوع، يفترض أن يتحدّث فيها بصراحة، فيسمّي الأمور بأسمائها، بعيدًا عن أي "مواربة" فرضها "اعتكافه" عن الظهور الإعلامي في الآونة الأخيرة، على أن يطلق بعدها "حراكًا سياسيًا" وفق بعض المعلومات، قد يقوده إلى الخصوم قبل الحلفاء، في محاولة لإحداث "خرق" لا تبدو فرصه واسعة، أقلّه حتى الآن، وبانتظار نضوج "التسوية"، إن تحقّقت.
يأتي "حراك" فرنجيّة المستجدّ هذا في توقيتٍ سياسيّ يثير الكثير من الجدل، في ظلّ حديث عن اجتماع خماسي جديد حول لبنان سيجمع ممثلي الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر، وبعد نفي باريس أن يكون لديها "مرشح" في لبنان، بعيد استقبالها زعيم "المردة"، وبعده ممثلين عن الكثير من الأحزاب والقوى السياسية، بينهم رئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل، وعضو تكتل "لبنان القوي" النائب سيمون أبي رميا، وآخرين.
إزاء كلّ ما تقدّم، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، إذ كيف يمكن فهم "حراك" فرنجية المستجدّ، وفي هذا التوقيت بالتحديد؟ لماذا يتحرّك الرجل اليوم، بعدما اعتكف في الماضي غير البعيد؟ هل يراهن على أن "التسوية" باتت قريبة، وأنها ستوصله إلى بعبدا عاجلاً أم آجلاً رغم كلّ الاعتراضات الداخلية والخارجية؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا "تنصّلت" فرنسا من دعمه العلنيّ، توازيًا مع هذا الحراك بالتحديد؟.
من استمع إلى كلام فرنجيّة من الصرح البطريركي قبل أيام شعر أنّ رئيس تيار "المردة" مطمئنّ لمسار الأمور، خلافًا لما تشي به المعطيات الداخلية والخارجية، فهو وإن لم يعلن ترشيحه بصورة رسمية، كان أكثر من واضح بالرسائل "المعبّرة" التي وجّهها، مفنّدًا موقفه من معظم البنود "الخلافية" التي أحاطت باسمه، متمسّكًا بالتسويق لنفسه بوصفه "مرشحًا توفيقيًا وتوافقيًا"، لا "مرشح فريق ضدّ آخر"، كما تصوّره الدعاية الإعلامية المواجهة له.
من صلاحيات الرئيس إلى الاستراتيجية الدفاعية والإصلاحات الاقتصادية، تنوّعت مضامين كلام فرنجية "المقتضب"، الذي يرجّح أن يفصّله في إطلالته الإعلامية المرتقبة، لكنّ أهمّ رسائله كانت باتجاه الدول العربية، والسعودية على وجه الخصوص، حيث تعمّد نفي كل ما يُثار في الإعلام عن "فيتو" بوجهه، مؤكدًا أنّه لم يكن له في أيّ يوم "نظرة عدائية تجاه أي دولة عربية، ولا سيما السعودية"، فهو خُلِق في بيت عروبي، ولا يتمنى إلا الخير للمملكة، وفق تعبيره.
صحيح أنّ كثيرين وضعوا هذا الكلام بالتحديد في خانة تقديم الرجل "أوراق اعتماد" للسعوديّين، بما يتناقض مع "سيرته السياسية"، هو الذي نبش له البعض من "الأرشيف" قوله قبل سنوات إنّ الخارج ليس من ينتخب الرئيس في لبنان، لكنّ آخرين اعتبروه "تكملة" للمهمّة التي بدأها في زيارته الأخيرة لباريس، لجهة "طمأنة" الرياض على خياراته المستقبليّة، في حال انتخابه رئيسًا، خصوصًا أنّ أسئلة "مباشرة" وُجّهت له بهذا الصدد، وفُهِم أنّ السعوديين يقفون خلفها.
بهذا المعنى، يقول العارفون إنّ فرنجية الذي بدا "واثق الخطى" في كلامه من بكركي، أراد توجيه أكثر من رسالة للخارج قبل الداخل، بمعزل عن إعلان الترشيح من عدمه، طالما أنّ الترشيح الذي يصرّ كثيرون على السؤال عنه ليلاً ونهارًا، بات "تحصيلاً حاصلاً"، ولا سيما أنّ الدستور لا ينصّ على تقديم ترشيحات رسميّة، وهو أوحى أنّ "التسوية" ستعبّد طريقه إلى بعبدا، بدليل الدعوة التي وجّهها للقوى المسيحيّة الرافضة لاسمه، للانخراط فيها.
لكن، إذا كان فرنجيّة أوحى بأنّ حظوظه ارتفعت بعد زيارته لباريس، وهو ما يفسّر مبدئيًا اختياره هذا التوقيت بالتحديد لإطلاق "حراكه الرئاسي"، ثمّة من يعتبر أنّ العكس هو الصحيح، ويضع حراكه في خانة "رفع العتب"، باعتبار أنّ حظوظه "انتهت عمليًا"، وهو ما دفع الخارجية الفرنسية إلى "تبنّي" خطاب شركائها في اللقاء الخماسي، بعيدًا عن "التسويق" لأيّ مرشح، فأين الحقيقة وسط كلّ هذه "المعمعة"؟.
قد تصحّ وجهتا النظر، وفق ما يقول العارفون، فمعارضو ترشيح فرنجية يعتبرون أنّ "ورقة فرنجية احترقت"، بعدما فشلت كلّ الجهود في إقناع خصومه بانتخابه ضمن سلّة متكاملة، تشمل رئاسة الحكومة، وربما حاكمية مصرف لبنان، وقد سمعت باريس رفضًا صريحًا وواضحًا من هؤلاء لأيّ تسوية من هذا النوع، في اللقاءات التي عقدتها، علمًا أنّ صيغة "لا غالب ولا مغلوب" لا يمكن أن تنطبق على تسوية تفضي لانتخاب "مرشح حزب الله" رئيسًا، وفق هؤلاء.
ولعلّ هذا يعزّز وجهة النظر هذه أنّ الكتلتين المسيحيتين الأكبر، أي "لبنان القوي" (التيار الوطني الحر) و"الجمهورية القوية" (القوات اللبنانية)، معطوفة على سائر القوى الأساسية في الساحة المسيحية (الكتائب والمستقلون)، تضع ما يشبه "الفيتو" في وجه ترشيح فرنجية، ولو أنّ موقفها لا يبدو "محصّنًا" طالما أنّها "عاجزة" حتى الآن عن تقديم أيّ "بديل"، تستطيع من خلاله "إحراج" داعمي فرنجية في الداخل كما في الخارج، وبالتالي إخراجه من المعادلة.
لكنّ مؤيدي ترشيح فرنجية في المقابل، يعتبرون أنّ الأمور أكثر من إيجابيّة خلافًا لكلّ ما يُحكى، وإلا لما اختار الرجل هذا التوقيت بالتحديد للقفز إلى الأمام، وهم يدعون الجميع إلى "مراقبة" التحولات الجارية في المنطقة، من الاتفاق السعودي الإيراني، والترجمة السريعة له في ساحتي اليمن وسوريا، وصولاً إلى انفتاح الرياض غير المسبوق على دمشق، بعد الزيارة "النوعية" لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى العاصمة السورية.
وإذا كان من المتوقع أن يحطّ الرئيس السوري بشار الأسد شخصيًا في الرياض في القادم من الأيام، يصبح من البديهي أن الحديث عن "فيتو سعودي" على فرنجيّة لا يعدو كونه "أمنيات"، وفق المتحمّسين لفرنجيّة، الذين يقولون إنّ "التسوية" حين تدقّ ساعتها، سيلتحق بها الجميع، وعلى رأسهم المصرّون على "المكابرة" اليوم، وهم يؤكدون أنّ الظروف تميل لصالح رئيس تيار "المردة"، ولو لم تنضج معطياتها الكاملة حتى اليوم.
يقلّل المتحمّسون لفرنجية من أهمية بيان الخارجية الفرنسية النافي لدعمه، معتبرين أنّ البناء عليه من جانب خصوم الرجل بدا "مُبالَغًا به"، إذ إنّ أيّ كلام مغاير يدين باريس بالدرجة الأولى، ويضعها في قفص اتهام "التدخل" في الشؤون اللبنانية. لكن، أبعد من هذا الرأي وذاك، هل يقترب فرنجية فعلاً من الوصول إلى بعبدا، أم أنّ "فيتو الخصوم" سيملأ طريقه بالألغام، فيتعذّر وصوله إلى القصر، ولو بقي الأخير "فارغًا" إلى ما شاء الله؟!.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|