الدوري الانكليزي: قمة الجريحين بين السيتي واليونايتد تنتهي بريمونتادا حمراء مثيرة
تسديد القروض الممنوحة بالدولار: المصارف تتمرّد وتحتجز الرواتب!
تواجه فئة من المقترضين اللبنانيين معضلةً كبيرة، منذ دخول قرار رفع سعر الصرف الرسمي للدولار من 1500 إلى 15000 ليرة حيز التنفيذ، في شباط الماضي. من مفاعيل القرار، سداد أقساط القروض المبرمة بالدولار على أساس سعر الصرف الجديد، أي 15000 ليرة. كل العاملين في القطاع العام، وفئة من العاملين في القطاع الخاص ممن لا زالوا يتقاضون رواتبهم بالليرة، باتوا عاجزين عن سداد السندات الشهرية لقروضهم بالدولار، بعدما تجاوزت قيمتها رواتبهم بأضعاف.
تكمن المشكلة الأكبر لدى شريحة المقترضين الذين يوطّنون رواتبهم في المصرف نفسه حيث اقترضوا، إذ عمدت المصارف إلى حجز رواتبهم، ضاربة عرض الحائط بكلّ المعايير والشروط التي تحكم عمليات التسليف وقروض التجزئة الصادرة عن مصرف لبنان، وغير المرتبطة بمدى زمني معين، منها أن لا يتجاوز مجموع التسديدات الشهرية للقروض كافة نسبة 25% من المدخول الشهري.
على سبيل المثال، الدفعة الشهرية للقرض الشخصي المقدّرة بـ 500$، والتي كانت توزاي 750 ألف ليرة قبل شباط الماضي، باتت على أساس السعر الجديد توازي 7500000، وهو مبلغ كبير يتجاوز دخل هؤلاء. شربل موظّف في القطاع العام واجه هذه المعضلة، يقول لـ "لبنان 24" أنّ المصرف الذي اقترض منه عمد إلى حجز راتبه الموطّن لديه منذ شباط الماضي، وبات عاجزًا عن فعل أيّ شيء "راتبي كاملًا مع كلّ الزيادات التي لحقته بالكاد يكفي للدفعة الشهرية التي باتت تحتسب على 15000، لم يكن هناك من خيار أمامي سوى الإستسلام لإرادة المصرف الذي حرمني راتبي". قسطه الشهري يبلغ 300 دولار، أي ما يعادل 4500000 ليرة وفق السعر الرسمي الجديد، بقي 5 آلاف دولار من قيمة قرضه، وهو مبلغ كبير، وفي حال استمر المصرف باستيفاء القرض بهذه الطريقة، سيبقى يخسر راتبه لمدة ستة عشر شهرًا إضافيًا.
حال شربل كحال بقيّة المواطنين عندما لجأوا إلى الإقتراض بالدولار لشراء سيارة أو لأيّ سبب آخر، قَبِلوا بإبرام العقود بالعملة الاجنبية، انطلاقًا من أنّ السياسة التسليفية في زمن اقتراضهم بُنيت على سعر صرف مستقر وثابت عند 1515، ولا يمكن اليوم تحميلهم تبعات انهيار الإستقرار النقدي. مصرف لبنان أخذ بالإعتبار وضعية المقترضين بالدولار منذ اندلاع الأزمة في تشرين 2019، بحيث سمح لهم من خلال التعاميم التي أصدرها، باحتساب السند وفق دولار 1500 ليرة لكل قسط شهري قيمته 1000 دولار وما دون. ولكن عندما عدّل السعر الرسمي للدولار مؤخرًا، لم يلحظ هذه الفئة في تعاميمه، فاستغلت المصارف ذلك، واستفردت بالمقترضين، وحجزت رواتبهم. وهذا ما دفع مصرف لبنان إلى إصدار تعميم وسيط في 28 آذار الماضي، رقم 664، يضع حدًّا للحجز على الرواتب بغية استيفاء الأقساط الشهرية. وورد في التعميم الذي وجّهه حاكم المركزي رياض سلامة للمصارف والمؤسسات المالية "لما كان قد تبيّن انّ بعض المصارف تقوم بحجز معاشات عملائها الموطّنة لديها بغية تحصيل الأقساط أو الدفعات المستحقّة بالعملات الأجنبيّة، الناتجة عن قروض ممنوحة لهم وذلك بالليرة اللبنانية، على اساس 1500 ليرة لبنانية للدولار الأميركي. ولما كانت معاشات ذوي الدخل المحدود لا تكفي لسداد أقساط القروض الممنوحة بالدولار لمعظم المستفيدين في ظل ارتفاع سعر الدولار الأميركي. بناء عليه طلب الحاكم من المصارف العاملة في لبنان "التقيّد بأحكام المادة 863 من قانون أصول المحاكمات المدنيّة، وعدم حجز الرواتب أو اقتطاع منها ما يتجاوز النسب المحدّدة. والعمل على إعادة جدولة قروض التجزئة الممنوحة بالدولار الأميركي بحيث لا تتجاوز التسديدات الشهرية النسب المحدّدة في المادة 863 من قانون أصول المحاكمات المدنية وفي الفقرة (ج) من البند (1) من المقطع ثانيًا من هذه المادة".
هل تعميم المركزي يحلّ المشكلة؟
لم يعفِ مصرف لبنان ذوي الدخل المحدود من تسديد قروضهم وفق السعر الرسمي الجديد، ولكنّه منع المصارف من حجز رواتب المقترضين، وطلب منهم إعادة جدولة قروض التجزئة، وفي هذا الإطار يلفت خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي في حديث "لبنان 24" إلى أنّ تعميم مصرف لبنان يشكّل مدخلًا لإطلاق عجلة التفاوض، بين المصرف من جهة والمقترض من جهة ثانية، لإعادة هيكلة وجدولة القرض، التي تكون نتيجة للتفاوض على المستطاع من قبل المقترض مع مصرفه، وفق أحكام المادة 863 من قانون اصول المحاكمات المدنيّة، والتي تنصّ على لا يجوز الحجز على أجور ومعاشات تقاعد المستخدمين والعمال والخدم وعلى مرتبات موظفي القطاع العام الا وفق النسب الاتية:
- عشر ما لا يتجاوز الحد الادنى الرسمي للاجور.
- خمس ما يفوق هذا الحد ولا يتجاوز ثلاثة أضعافه.
- ثلث ما يفوق ثلاثة أضعافه ولا يتجاوز ستة أضعافه.
- نصف ما يفوق ستة أضعافه ولا يتجاوز تسعة أضعافه. - كامل ما يفوق تسعة أضعافه. يضاف إلى الراتب الأصلي او الأجر او معاش التقاعد الذي يعتد به لتعيين القيمة القابلة للحجز كل ما يفوق هذا الراتب كتتمة له، كالمكافآت وغير ذلك من الزيادات. ولا يجوز الحجز على تعويضات الصرف من الخدمة العائدة للمستخدمين والعمال والخدم الا وفق النسب المتقدم ذكرها على أن يحسب الحد الادنى الرسمي للاجور على أساس سنوي."
وعن استنسابية تمارسها بعض المصارف بتطبيق تعميم المركزي وإبقائها على حجز الرواتب الموطّنة، نصح فحيلي هنا بإشراك رب العمل لجهة تهديد المصرف بالتوقف عن توطين الرواتب، إن لم تكن إعادة الجدولة ميسّرة. مضيفًا أنه "يجب أن يُصار إلى وقف العمل بتسديد القرض إلى حين إعادة جدولة الدين بالتفاوض ما بين المقترض والمصرف، أو بين إدارة المؤسسة حيث يعمل المقترض والمصرف".
قد يضع تعميم المركزي وضع حدًّا للمصارف في إجراءاتها التعسّفية بحجز الرواتب الموطنّة، ولكن إعادة جدولة القروض على أساس الـ 15000 ليرة لذوي الدخل المحدود ليرة، هو إجراء غير عادل، من شانه ان يجعل المقترضين من فئة الفقراء الجدد، وهم شريحة كبيرة من المواطنين، يتحمّلون لسنوات طويلة عبء السندات الشهرية، التي تبقى مرهقة بالنسبة لدخلهم المتواضع.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|