المجتمع

إذا رحل اللاجئون … على من ترمي السلطة اللبنانية فسادها وفشلها؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"درج"

تصاعد ضغط السلطة على اللاجئين بشكل مفاجئ وغير مبرر، ليس إلا ورقة رابحة، لتحقيق المزيد من المكاسب، من خلال الضغط على الجهات المانحة لزيادة المساعدات، وربما حين يتحقق هذا المكسب سيخفت صخب التحريض على السوريين.

تتواصل حملات الترحيل والتنكيل ضد اللاجئين السوريين في لبنان، وقد اشتدت حدتها في الأيام الأخيرة، إذ نفذ عناصر الجيش اللبناني مداهمات على عدد من المخيمات، التي انتهت باعتقالات ومعاملة سيئة، لم تستثن حتى الأطفال والمرضى. وكانت الحجة جاهزة، اتهام سكان من المخيمات بأعمال سرقة ومخالفات.

مآس كثيرة نجمت عن سلسلة المداهمات التي نفذها الجيش اللبناني وتضمنت إلقاء القبض على سوريين بينهم أطفال، ما أثار أجواء من القلق والرعب، بخاصة بعد انتشار أخبار عن عودة أطفال من المدارس، ليفاجَأوا باختفاء ذويهم، كما حصل مع الطفلة رغد، ذات الـ7 سنوات التي نشرت قصتها مواقع إعلامية.

تم أيضاً ترحيل أطفال مع عائلاتهم ليُتركوا على الحدود السورية- اللبنانيّة لمصيرهم، ومن بين المختفين، الطفلتان سهى ووردة وأمهما… وقد عاد رب العائلة من العمل ولم يجدهن. 

وقع الأقل حظاً في قبضة النظام السوري، ولم يُسمع عنهم شيئاً من حينها، بحسب مركز “وصول” لحقوق الإنسان. وكانت حصيلة مداهمات يوم الخميس 20 نيسان/ أبريل 177 سورياً، بينهم 42 امرأة و70 طفلاً، و65 من الرجال والأحداث، كما استهدفت المداهمات العشوائية منطقتي برج حمود في العاصمة اللبنانية بيروت وقضاء الشوف في لبنان، بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.

اللافت أن الحملة لم تستثن حتى من يملكون أوراقهم الرسمية، وهذا يناقض تماماً ما تقوله السلطات اللبنانية التي سربت أن الحملة تستهدف حصراً المقيمين غير الشرعيين. 

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان لحظت “زيادة في عدد المداهمات في صفوف سوريين في كلّ من جبل لبنان وشمال لبنان. ولغاية شهر نيسان الحالي، علمت المفوضية بما لا يقل عن 13 مداهمة تم تأكيدها. تلقت المفوضية أيضاً تقارير عن سوريين محتجزين بهدف ترحيلهم في ما بعد، ومن بينهم من هو معروف ومسجل لدى المفوضية”.

يحصل ذلك في ظل حملة كراهية إعلامية سياسية أمنية ضد اللاجئين السوريين تبدو غير مسبوقة منذرة بعواقب وخيمة. ويبدو أن أحد أهداف هذه الحملة هو بث الرعب في نفوس اللاجئين، والضغط عليهم وإجبارهم على مغادرة البلاد، لكن العودة خوفاً من الترحيل والمداهمات لا يمكن تصنيفها كعودة طوعية، فهذا الترهيب يذكّر بممارسات النظام السوري بحق السوريين وأيضاً اللبنانيين في وقت سابق. 

اللافت أن حملة الكراهية التي تنصب على اللاجئين تتجاهل تماماً مسؤولية النظام السوري الذي يتم تعويمه، عن هذه المحنة. كما تتجاهل الحملة مسؤولية أطراف لبنانية في مقدمها “حزب الله” عن دعم النظام السوري والتسبب بتهجير اللاجئين.

من جهة أخرى، تصاعد ضغط السلطة على اللاجئين بشكل مفاجئ وغير مبرر، ليس إلا ورقة رابحة، لتحقيق المزيد من المكاسب، من خلال الضغط على الجهات المانحة لزيادة المساعدات، وربما حين يتحقق هذا المكسب سيخفت صخب التحريض على السوريين.

لا شك في أن الأزمة اللبنانية تفاقمت بشكل خطير، إذ يعيش اللبنانيون والسوريون، أوقاتاً عصيبة على جميع الأصعدة، لكن السؤال هل تعالج الأزمة بهذا الترحيل القسري؟ وما خطة الحكومة الاقتصادية والتنموية لتحسين حياة اللبنانيين، غير  التركيز المفاجئ على اللاجئين السوريين؟

تحاول السلطات اللبنانية تسليط الضوء والجهد على أهمية “التخلّص” من عبء اللجوء، مقابل إهمال الأزمات والقضايا الأساسية الأخرى، مثل الودائع العالقة في المصارف أو العدالة لضحايا انفجار مرفأ بيروت، التغاضي الفاضح عن أزمات البلاد والتركيز على أزمة بعينها يثير الشكوك في نية الحكومة تجاه اللبنانيين.

زادت تعقيدات الانهيار الاقتصادي في لبنان، بعد عام 2019،من أزمة اللاجئين في البلاد، والتي يتحمل مسؤوليتهم بشكل أساسي نظام الأسد ،الذي لم يمنح السوريين أي ضمانات واضحة أو خطوات جدية تشجعهم على العودة،  بل على العكس، يقوم النظام السوري بتزوير أملاك السوريين اللاجئين، ومصادرتها تاركاً إياهم بلا أي شيء يعودون إليه. إضافة إلى استخدام السلطة اللبنانية اللاجئين كشماعة للتغطية على فسادها وبين سلطة ديكتاتورية وأخرى فاسدة يفقد اللاجئون السوريون حتى فرصة الشعور بالأمان.

وصلت اليوم قضية اللاجئين السوريين في لبنان إلى نقطة خطيرة لا يمكن السكوت عنها، في ظل انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان. المرحلة الحالية لا تحتاج إلى فعل ورد فعل وحسب، بل إلى فهم للأرضية السياسية لوجود اللاجئين السوريين، واستغلالها عبر تحويلها من قضية إنسانية إلى ورقة ضغط سياسية واقتصادية. العودة إلى الأرقام، التي لا تخفيها مفوضية الأمم لشؤون اللاجئين، تثبت وصول ملايين الدولارات لمؤسسات الحكومة اللبنانية، فأين ذهبت تلك الأموال؟

منذ عام 2015 أنفقت مفوضية الأمم لشؤون اللاجئين 9.3 مليار دولار أميركي على أزمة اللجوء السوري في لبنان لدعم اللاجئين السوريين واللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين والمؤسسات العامة، وصلت المساعدات لجميع المؤسسات اللبنانية تقريباً، واستفادت منها البلديات والجهات الحكومية، بحسب الأرقام الرسمية للمفوضية. 

حصلت وزارة الشؤون الاجتماعية التي لا يتوقف وزيرها هيكتور الحجار عن بث الخطاب العنصري، منذ عام 2013، على 27.16 مليون دولار أميركي، كما حصلت وزارة الداخلية والبلديات على الدعم المادي لدعم مكتب الأمن العام اللبناني والشرطة البلدية من خلال توفير المعدات، وإعادة تأهيل 31 مركزاً للأمن العام على المستويين المركزي والوطني، فما الذي حصل اليوم حتى يتم تجاهل كل هذا ويتم التركيز على أزمة واحدة، هي قضية اللاجئين!

يتجاهل المسؤولون في خطاباتهم أن  الأموال التي ينفقها اللاجئون السوريون في لبنان تساهم في الدورة الاقتصادية، إذ يدفع اللاجئون ضريبة القيمة المضافة على الاستهلاك (VAT) في نقاط الشراء، تماماً كأي شخص آخر في لبنان. تعدّ هذه الضريبة أكبر مصدر للإيرادات الضريبية للحكومة اللبنانية بحسب أرقام المفوضية.

 لا يتناسى المسؤولون الحقائق الاقتصادية وحسب، إنما يتجاهلون الخطر المحدق باللاجئين، والمتمثل بنظام بشار الأسد، الذي يرسلونهم إليه، وفق تقارير توثق اعتقال عدد من العائدين وتعرضهم للتعذيب إضافة إلى السطو على أملاك المهجّرين في عدد من المناطق السورية. 

ردود الفعل الدولية بدت خجولة وغير كافية للتصدي للحملة المخيفة ضد اللاجئين، وهو ما يعكس تراجع الاهتمام الدولي بالملف السوري بعد سنوات من الحرب والصراع.

في السياق، دعت “منظمة العفو الدولية” السلطات اللبنانية إلى “وقف عمليات الترحيل غير القانونية للاجئين سوريين خشية أن يتعرضوا لتعذيب أو اضطهاد من قبل الحكومة السورية عند عودتهم إلى بلادهم”. 

وأشارت العفو الدوليّة إلى أن السلطات اللبنانية طردت عشرات اللاجئين الذين دخلوا بشكل غير قانوني إلى لبنان، أو الذين يحملون أوراق إقامة منتهية الصلاحية، بعد مداهمات لمنازلهم قام بها الجيش اللبناني. وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، في بيان: “من المقلق جداً رؤية الجيش يقرر مصير لاجئين بدون احترام الضمانات بإجراء قانوني. بدلاً من العيش في خوف، تجب حماية اللاجئين الذين يعيشون في لبنان من المداهمات التعسفية والترحيل غير القانوني”.

اليوم يحتاج السوريون كما اللبنانيون إلى حلول حقيقية، بدل استخدام الفئات الأضعف “كبش المحرقة”.

يبقى السؤال: إذا رحل اللاجئون السوريون … على من سترمي السلطة اللبنانية أخطاءها؟ 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا