دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
معركة إردوغان الأخيرة… وعكة صحية وشعبية
"درج": جو حمورة- باحث وصحافي لبناني
ليست الانتخابات التركية هذه المرة نزهة سهلة كما كانت في الماضي. العامل الجديد والمهم في هذه الانتخابات، هو بروز ائتلاف معارض مشكّل من ستة أحزاب رشحت رئيس حزب “الشعب الجمهوري” العلماني كمال كيليجدار أوغلو بغية إسقاط إردوغان.
بدا الرئيس التركي متعباً وكهلاً في إطلالته الشعبية الأولى بعد الوعكة الصحية التي ألمت به. 4 أيام من المرض أجبرت رجب طيب إردوغان على إلغاء مقابلات تلفزيونية ومهرجانات شعبية هو بأمس الحاجة للمشاركة فيها، وذلك قبل أسبوع ونيف من موعد الانتخابات النيابية والرئاسية.
ببساطة، يمكن وصف الانتخابات التي ستجرى في 14 أيار/ مايو بالمصيرية. يتوقف مصير الرجل الذي حكم تركيا منذ عام 2002، على نتائج صناديق الاقتراع التي ستحدد مصيره ومصير حزبه، فإما تجدد له لولاية رئاسية جديدة وأخيرة أو تخرجه من السلطة.
ليست الانتخابات التركية هذه المرة نزهة سهلة كما كانت في الماضي. العامل الجديد والمهم في هذه الانتخابات، هو بروز ائتلاف معارض مشكّل من ستة أحزاب رشحت رئيس حزب “الشعب الجمهوري” العلماني كمال كيليجدار أوغلو بغية إسقاط إردوغان.
لا يجمع بين هذه الأحزاب الستة الكثير في الإيديولوجيا أو المواقف السياسية، فبعض هذه الأحزاب قومية، وغيرها علماني وأخرى إسلامية. ما يجمعها هو هدف يتيم تريد تحقيقه لا أكثر، وهو معاقبة إردوغان على تفرده بالحكم والسير بتركيا إلى مكان لا تريده.
يدفع إردوغان اليوم ثمن تعنته الدائم وأعماله السلبية التي مارسها خلال سنوات حكمه الطويلة. الاقتصاد التركي المتراجع من الأدوات التي تستعملها المعارضة لمحاربة إردوغان، إذ تشهد البلاد تراجعاً في قيمة عملتها الوطنية، وتضخماً مخيفاً وبطالة زائدة وصلت إلى حدود الـ12 في المئة، بحسب معهد الإحصاء التركي “توركستات”. فيما حقوق الإنسان في تركيا في حالة يرثى لها، إذ يزدهر القمع وسجن أصحاب الرأي والصحافيين وحتى المغرّدين.
لا يعني ذلك أن شعبية إردوغان و”حزب العدالة والتنمية” قد اندثرت بالفعل، إذ لا يزالان يحظيان بدعم شعبي مهم بين الطبقات الفقيرة والمتدينة، وبين رجال الأعمال وتجمعاتهم، وأيضاً بين المتحملقين حول الطرق الصوفية المؤثرة جداً في الانتخابات التركية.
في المقابل، تراهن المعارضة على وحدتها من جهة، كما على الاستفادة من أخطاء الحكم وإبراز نفسها صاحبة طرح تجديدي يريد نقل تركيا من حالتها الراهنة إلى حالة أفضل، من جهة أخرى. أما إردوغان، فلا يقدم أي جديد خلال خطاباته السياسية أو برنامج حزبه الانتخابي، إنما يؤكد الاستمرار في نهجه السياسي، والاقتصادي والتربوي والاجتماعي.
ونكسة إردوغان الصحية جاءت لتضيف نقطة سلبية إلى معركته الانتخابية، فالرجل بدا ضعيفاً جداً وغير قادر على مواكبة الأحداث أو حتى حكم البلاد، بخاصة أن وعكته الصحية لم يلفها الغموض كثيراً ولم تبقَ سرية، إنما ظهرت آثارها مباشرة عليه خلال مقابلة تلفزيونية محلية مساء 25 نيسان/ أبريل، إذ كان واضحاً أن الرئيس ليس بخير، حتى إنه اعتذر عن إكمال المقابلة مباشرة على الهواء.
أما عن كيف ستنعكس الوعكة الصحية على الانتخابات ونتائجها، فيرى المتخصص في الشؤون التركية يشار نيازباييف “أن الحادثة الصحية ستجعل من الجمهور يرى تفانياً من الرئيس التركي في خدمة الناس… أما إذا استمرت الوعكة الصحية لمزيد من الوقت فإنها ستساهم في هزيمته”.
لا تراهن المعارضة التركية على أوضاع إردوغان الصحية، إنما تعرف أن فرصتها بالفوز عليه، هذه المرة، جدية وحقيقية. إن معظم استطلاعات الرأي الأخيرة، لا تظهر إلا فجوة صغيرة جداً بين الرئيس الحالي ومرشح المعارضة، فيما بعضها يعطي هذا الأخير أفضلية بسيطة على رئيس البلاد. وذلك على عكس الانتخابات الماضية جميعها، والتي كان يفوز فيها إردوغان وحزبه بفارق بضعة ملايين من الأصوات.
ولا يتوقع أي استطلاع للرأي أن يفوز إردوغان أو كيليجدار أوغلو في الدورة الأولى لتعذر حصول أي منهما على أكثر من 50 في المئة من مجموع الأصوات، وذلك بسبب ترشح رئيس حزب “الوطن” محرم إينجه (المنشق عن حزب الشعب الجمهوري) كما المرشح المتشد قومياً سنان أوغان للانتخابات الرئاسية. وهذا ما سيفرض إعادة الانتخابات نهاية شهر أيار/ مايو 2023 بين الحائزين أعلى نسبة من أصوات في الدورة الأولى.
إردوغان البالغ 69 سنة، واجه، خلال مسيرته السياسية، الكثير من الأخصام. ترأس بلدية إسطنبول، ثم سجن بضعة أشهر. حارب “الأتاتوركية” وانتصر على دولتها العميقة حين تربع على عرش رئاسة الحكومة لسنوات طويلة، كما قوّض دور المؤسسة العسكرية وحرمها أي دور خارج ثكناتها. حابى الإسلام السياسي وغيّر المجتمع وهوية الدولة. شارك بحروب في ليبيا وسوريا والعراق وفي الصراع الأرمني- الآذري، وواجه بنجاح تمردات وثورات ومحاولات انقلاب داخلية. ربح الرجل معاركه السابقة، السياسية والعسكرية والانتخابية منها، فيما يواجه اليوم المعركة الأخيرة التي يريد الفوز بها مهما كلف الأمر، فيكون متربعاً على رأس الجمهورية التركية في ذكرى تأسيسها المئوي الأول أواخر العام الحالي.
لا تسعفه صحته كثيراً على تحقيق مراده، كما لا يسعفه جمهوره المؤيد، إنما المتراجع رويداً رويداً. معركة إردوغان الأخيرة ستكون قاصمة في حال هزيمته، فيعود إلى أدراج المعارضة ناقماً، بعدما حكم تركيا وحيداً لأكثر من عقدين من الزمن ومن دون منازع حقيقي.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|