المعارضة من رفْضِ فرنجيّة إلى مرشّح واحد
دخل الفراغ الرئاسيّ شهره السابع دون أن يحصل أيّ تطوّر جديد يقرّبه من نهاية سعيدة. فبالرغم من إطلاق "حزب الله" حملة ترشيح سليمان فرنجيّة، وتشبّثه به، ونجاحه في إقناع "الوسيط النزيه" الفرنسيّ بالانضمام إلى الفريق الداعم لوصول فرنجيّة إلى قصر بعبدا، فإنّ حظوظ الأخير لم تتعزّز كثيراً في مواجهة الرفض المسيحيّ الواسع الذي يواجه ترشيح "الثنائيّ الشيعيّ" له.
ومن اللافت أنّ انضمام فرنسا إلى "حزب الله" في دفع فرنجيّة الى الأمام يلقى استهجاناً في أوساط واسعة من الرأي العام اللبنانيّ، لاسيّما من الشريحة المسيحيّة التي تستغرب كيف أصبحت السياسة الفرنسيّة في لبنان مجنّدة لإيصال مرشّح "حزب الله" الى الرئاسة، واستبعاد أيّ خيار آخر غيره.
وفي هذا السياق، من المستغرب أيضاً أن تتفتّق عبقريّة "خليّة لبنان" في قصر الرئاسة "الإليزيه" من أجل ابتداع مشاريع لتسويات غريبة، همّها فقط خدمة ترشيح فرنجيّة. فتارة تطرح تسوية تجمع بين سليمان فرنجيّة في رئاسة الجمهوريّة والقاضي والسفير نوّاف سلام في رئاسة الحكومة، وطوراً يُعاد طرح اسم الرئيس تمّام سلام. كلّ ذلك من أجل تعبيد طريق فرنجيّة نحو بعبدا، من خلال رمي جوائز "ترضية" للفريق السياديّ، أو للتغييريّين، من دون الأخذ في عين الاعتبار أنّ ثمّة واقعاً مسيحيّاً يرفض إملاءات "الثنائيّ الشيعيّ" التي تمثّل اعتداءً صارخاً على إرادة مكوّن أساسيّ في المعادلة اللبنانيّة، كلّ ذلك بذريعة نظريّة "موازين القوى" التي تقدّمها باريس سبباً أساسيّاً للترويج لفرنجيّة.
ما تقدّم من محاولات لفتح الطريق عنوة أمام مرشّح "حزب الله" لا يتوقّف عند الساحة اللبنانيّة، لا بل انّه قائم على قدم وساق مع الشريك السعوديّ الذي يمثّل في مكان ما الشرعيّة العربيّة في لبنان. وفي هذا الإطار، لم تعد محاولات باريس لحمل الرياض على تأييد ترشيح فرنجيّة تُعدّ وتُحصى. وهنا من اللافت أيضاً أن يتناوب الرئيس إيمانويل ماكرون وأعضاء "خليّة لبنان" في تجميل صورة مرشّح "حزب الله" أمام ممثّلة الشرعيّة العربيّة، مرّة من خلال التركيز على فكرة تقاسم فرنجيّة مع الإيرانيّين وانتزاع رئاسة الحكومة للفريق السياديّ، ومرّة ثانية من خلال لعب دور صندوقة بريد بين "حزب الله" والرياض عبر "ضمانات" فرنجيّة، في حين يُقال انّ الأخيرة تتعجّب إزاء هذه الحماسة المنقطعة النظير لفرض مرشّح لا يحظى، على أقلّ تقدير، بتأييد بيئته الطائفيّة، و لا يلبّي الحدّ الأدنى من المواصفات التي سبق أن طرحتها السعوديّة نيابة عن الشرعيّة العربيّة، وقد قفز "حزب الله "فوقها آخذاً معه فرنسا بما تمثّله من موقع دوليّ معنيّ بالملفّ اللبنانيّ.
طبعاً يبقى الموقف الرافض مرشّح "حزب الله" عملاً قاصراً ما لم يتطوّر من حالة ردّ الفعل الى الفعل. بمعنى أنّه ما دام "حزب الله" ومعه باريس مستشرسَين إلى هذا الحدّ لفرض فرنجيّة، وما دامت الشرعيّة العربيّة التي تمثّلها المملكة العربيّة السعوديّة غيرَ متأثّرة بـ"حملة الترويج" الفرنسيّة، فإنّ من واجبات ممثّلي البيئة المسيحيّة في البرلمان أن يخرجوا من هذه الحالة الجامدة، وكأنّهم لا يُحسنون سوى لعب دور المتلقّي، وأن يعملوا على التواصل معاً بمشاركة النوّاب المستقلّين، والشخصيّات المسيحيّة المستقلّة التي تمثّل مناخاً أساسيّاً في الرأي العام المسيحيّ، من أجل تكوين جبهة معارضة متماسكة تقدّم مرشّحاً موحّداً لرئاسة الجمهوريّة. وحدها وحدة الموقف، ثمّ العمل بجدّيّة لمرشّح موحّد، بالتشاور مع شركاء من البيئات الإسلاميّة المؤيّدة لهذا الخيار، يعيدان تصويب الموقف، ويضمنان تحرير رئاسة الجمهوريّة من قبضة "حزب الله" و إملاءاته.
"النهار"- علي حمادة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|