الصحافة

قراءة في انتظار برّي وفرنجية رأي السعودية في شأن الرئاسة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قبل أيام كسر رئيس مجلس النواب نبيه بري صمتاً ضمنياً كان قد مارسه لبعض الوقت، ليعلن أخيراً أنه ينتظر مع آخرين (سمّى فرنسا) إجابات الرياض على لائحة الضمانات التي قدّمها المرشح للرئاسة الأولى زعيم "تيار المردة" سليمان فرنجية الى باريس لتنقلها بدورها الى القيادة السعودية على رجاء أن تبارك بناءً عليها هذا المرشح ومن ثم تفعل حضورها ومونتها على فريق من النواب الذين ينتظرون كلمتها لكي يتبنّوا هذا الترشيح.

وبعده بوقت قصير يظهر فرنجية على إحدى قنوات التلفزة المحلية ليفصح عن بعض ما يعتبره أوراق قوّة ومميّزات يمتلكها ولا تتوفر لسواه من شأنها أن تعزز فرصة تحقيق مقصده. لكن فصل المقال في كلامه المسهب مجاهرته بأنه ليس في وارد الذهاب الى جلسة انتخاب يبدو فيها متحدّياً الإرادة السعودية، قارناً كلامه هذا بعبارة "إنني لست مستعجلاً" ما يعني أنه وضع نفسه على قارعة الانتظار كما بري.

وهكذا وفي محصلة الكلامين يتبيّن أن صاحبيهما قد وضعا أوراق اللعبة الرئاسية كاملة بيد الرياض وعهدتها.

ووفق "النهار" في بوحهما الصريح هذا تنطوي جملة دلائل وأبعاد يمكن للمراقبين استنتاجها وأبرزها:
– ثمة إقرار عملي من فريق 8 آذار بأن السباق الرئاسي الذي يخوض معركته بشراسة ومخاشنة قد بات بانتظار كلمة سر خارجية. وبناءً على ذلك فإن هذا الفريق يرتدّ الى الموقع الذي كان يعاير فيه خصومه بتهمة الارتهان للخارج وانتظار كلمة منه تكون بمثابة الضوء الأخضر والبوصلة الهادية. وكان يرفق هذا الكلام بدعوات متكرّرة يوجّهها له داعياً إياه الى الجنوح نحو خيارات داخلية ديدنها الحوار والتوافق بهدف إنتاج تسوية رئاسية ورئيس من طبيعة توافقية.
- إن وضع أوراق اللعبة بيد جهة ما وانتظار كلمة سرها هو رهان متجدد وربما أخير بعدما انهارت رهانات أخرى سابقة منها التعويل على دور فرنسي ومنها أيضاً رهان خفيّ على إمكان استدراج طرف من الطرفين المسيحيين الأرجح تمثيلاً ولا سيما أن الثلاثي المسيحي قد شكل حائط صد واعتراض في وجه ترشيح فرنجية رافضاً مقاربة هذا الخيار ولو من باب الاستئناس بالرأي وخوض النقاش.

ثمة في 8 آذار من لا ينكر أن بري وفرنجية ما أفصحا عن مثل هذا الرهان إلا لأنهما أخذا اتفاق بكين على محمل الجد وتعاملا معه كمادة إيجابية من شأنها أن تصب لمصلحة توجّههما وإن طال الوقت وهي تنمّ عن ثقة زائدة بالنفس وبالحسابات أو عن يأس من الرهان على أمر آخر.

وثمة بطبيعة الحال من يدرج هذا الأداء باعتبار أنه تحميل ضمني للرياض مسؤولية بقاء الاستعصاء الرئاسي وأنها استمرت بسياسة النأي بالنفس حيث كان بإمكانها أن تسهم بالانفراج. ولا يخفي هؤلاء أيضاً أن مخاطبة بري وفرنجية للرياض علانية وعبر الإعلام إنما يراد منه أيضاً حشر المكونات اللبنانية التي لا تخفي أنها تنتظر توجهاً سعودياً لتبني على الشيء مقتضاه.

لذا لم يكن مستغرباً بالنسبة لأوساط في عين التينة الحملة الإعلامية المضادة العالية النبرة التي أطلقتها "القوات اللبنانية" أخيراً في اتجاه الرئيس بري ومسارعتها الى دحض أي معطى إيجابي تحدّث عنه. وترى الأوساط نفسها أن "هذا التصعيد" من جانب معراب إنما هو هجوم استباقي يبادر إليه عادة من يستشعر خطراً داهماً عليه لا يصبّ في مصلحة طروحاته.

وليس خافياً أن "لعبة" محاولة استدراج الرياض الى ملعب خيار 8 آذار ومرشحها للرئاسة الاولى ليس توجّهاً جديداً فهو عملياً بدأ قبل شهور من خلال عرض "سلة الحكم المتكاملة " التي تعطي الرياض حق تزكية المرشح لتولي الرئاسة الثالثة في مقابل الموافقة على خيار مرشحها للرئاسة الأولى.

وحجة أصحاب هذا الأداء أن الرئاسة الاولى في لبنان، دوماً وأبداً ومنذ نشوء الكيان، هي بفعل تسوية خارجية خصوصاً إذا كان الداخل عاجزاً عن إنتاج تسوية بفعل توازن القوى وعجز أي من الفرقاء عن فرض مشيئته على الآخر.

وإن كان في إمكان بري وفرنجية أن يذهبا بأريحية الى حد خطب ود السعودية واستدراج رضاها اعتقاداً منهما بأنها راغبة في العود على بدء في ساحة كانت اختارت أن تنسحب منها، فإن السؤال: ماذا يمكن للقطب الثالث في معسكر فريق 8 آذار أي "حزب الله" أن يقدّم لتبديد السخط السعودي عليه أولاً ومن ثم الشروع في مرحلة جديدة في العلاقة معه؟

وفق معلومات توفرت من أكثر من مصدر فإن "حزب الله" شرع منذ فترة ليست بالقصيرة وبعيداً عن الأضواء الى تقديم "عربون حسن نيّة" وأوراق اعتماد لمرحلة جديدة من خفض منسوب التوتر والشحن كان أول علائمها انتفاء واضح لاسم المملكة من مضبطة الاتهام التي اعتاد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله أن يعلنها في كل إطلالة له منذ أعوام عدة، فيما تحدثت معلومات عن انفتاحات أولية بين الطرفين تمثلت بلقاء غير مباشرعقد عبر طرف ثالث في عتمة بغداد. وفي الوقت عينه يمارس الطرفان لعبة الصمت تجاه المعلومات التي ترد في بعض الصحف عن لقاء وشيك سيتم بين ممثلين عن الطرفين في بيروت أو الضاحية الجنوبية.

وثمة في أوساط 8 آذار من يتحدث صراحة عن حاجة الطرفين، الرياض و"حزب الله"، الى وقف "الحرب" الدائرة بينهما وشد العزيمة الى مرحلة من الانفتاح التام خصوصاً بعد أن وجدت حرب اليمن طريقاً لها للانتهاء، علماً بأن أسس الصراع بينهما هي ساحة اليمن وتحديداً ما تعتبره الرياض مشاركة مباشرة من الحزب في أداء دور استشاري ميداني الى جانب الحوثيين بل إن الرياض تذهب الى حدّ اتهام خبراء الحزب بالإشراف المباشر على توجيه الصواريخ التي طالت مناطق حسّاسة في العمق السعودي.

وبناءً على ذلك، إن كان بري وفرنجية وجّها نداءً غير مباشر للسعودية طالبين مساعدتها في حلّ الاستعصاء الرئاسي عبر قول كلمتها الفصل فهذا يعني أمرين: الأول إقرار هذا الفريق بالعجز عن توفير فرص النجاح الداخلي لمرشحه، والثاني أن المسألة طويلة.

ولكن ماذا لو طلبت الرياض من هذا الطرف أن يسحب مرشحه لمصلحة مرشح ثالث توافقي، فهل هو يبيّت سلفاً فعلاً في ضميره نيّة الاستجابة؟

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا