بري في أصل الإستفاقة الميقاتية!

يُنتظر أن يزور رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بعبدا لإستكمال المداولات التي حصلت يوم الثلاثاء، وسط ترقّب لمآل الخطوة الحكومية التالية.
وتعتقد أوساط سياسية رفيعة أنّ ميقاتي تحرّك في إتجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نتيجة مجموعة عوامل داخلية وخارجية، ولم تكن خطوته وليدة الصدفة كما حاول فريق ميقاتي تصويرها. فإتصال المعايدة في عيد السيّدة شكل لرئيس الحكومة المكلّف حجّة لتلمّس مسار حكومي متجدّد، بعدما كابر الرجل أكثر من 40 يوما بذريعة أنه ينتظر أن تحدّد الرئاسة موعدا له لزيارة القصر. فإذ به يبادر بالإتصال في مناسبة دينية من غير المعتاد أن يتمّ تبادل التهئنة فيها. وهو بذلك أراد خلق فرصة تلقّفها رئيس الجمهورية ودعاه الى زيارته لتجديد التشاور الحكومي.

وتشير الأوساط الى أنّ الإستفاقة الميقاتية في هذا التوقيت ليست عفوية، إنما أتت تجنّبا لمزيد من الضغوط الفرنسية، لكنّها أيضا والأهم من كلّ ذلك استجابة لضغط محلي يقوده رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وتكشف المصادر أن بري أبدى في الأيام القليلة الفائتة رغبة استثنائية من أجل تشكيل حكومة، وهو تشاور مع ميقاتي من أجل إعادة إحياء المسعى الحكومي مع الرئاسة، بالنظر الى أن رئيس البرلمان لا يريد أن يكون تحت ضغط فراغين حكومي راهنا ورئاسي بعد 31 تشرين الأول، من جهة لإدراكه هشاشة وضع حكومة مستقيلة ميتة دستوريا لن تكون قادرة على ملء الفراغ في حال شغور الرئاسة، ولأنه من جهة أخرى كان يعتقد أنّ طريق مرشحه الرئاسي الأكثر قربا إليه، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ستكون سهلة ولن تعقّدها عقبات كالتي ظهرت في الأيام القليلة الفائتة، وهو ما شكّل لبري حافزا بل ضرورة للدفع في إتجاه تشكيل حكومة.

وتأمل المصادر أن يكون المسعى المتجدّد قائما على رغبة صادقة، بحيث يتدارك ميقاتي سلوكه السابق الذي تقصّد أن يكون مستفزّا لرئاسة الجمهورية ليحمّلها تبعات عدم الموافقة على مسودته.
وتشير في الوقت عينه الى أنّ الصيغة الحكومية الأنسب لا تزال في تشكيل حكومة تكنو- سياسية قادرة على مواكبة المرحلة الدقيقة التي يقبل عليها البلد، وسط كمّ هائل من الإستحقاقات المحلية الخارجية، من الإتفاق مع صندوق النقد الدولي الى بوادر الإتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة والذي لا بد سيخلّف تأثيرات هائلة على دول الإقليم، تفترض بلبنان أن يحصّن نفسه تجاهها وأن يتحضّر لمواكبتها والإفادة من أيّ فرصة سانحة له.