الاستحقاق الرئاسي: المواطن هو الغائب الأكبر
أقل من أسبوعين وتدخل البلاد في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد. لكن اقتراب المهلة الدستوية لا يعني أن مسارات الانتخاب مشرعة، لا بل إن العكس قد يكون صحيحاً، ولا سيما أن العديد من المعنيين بموضوع الانتخابات الرئاسية، أقله على المستوى المحلي، مثل رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ينتهجان سلوك من يضع عينه على مرحلة الفراغ الرئاسي. الأول يشعل الحرائق على عادته مع صهره المرشح اليائس في سعيه للتسلل الى قصر بعبدا كرئيس يخلف عمّه. والثاني يتصرّف من خلال جنوحه صوب تفعيل حكومته البائسة من بوابة الوعود "الإصلاحية" التي يصر عليها "صندوق النقد الدولي" والراعي الفرنسي. كلا الطرفين طوى صفحة تأليف حكومة جديدة منذ وقت طويل، وكلاهما يتحضّر للاحتمال الأكثر وروداً اليوم، ألا وهو الفشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتهيئة الساحة لمرحلة تصريف أعمال حكومية "مطعّمة" بصلاحيات رئاسية. وإن كان ميشال عون يكاد يفقد وصهره الأمل في البقاء في رئاسة الجمهورية، فإن الأمل يتجدّد بدفع المعركة الرئاسية شبه المستحيلة الى "مهوار" الفراغ المديد، الذي يبقي لعون "قدماً" في "بور" الحكومة الميقاتية. هنا يكون عون في وضعية تمكّنه من متابعة المعركة في كل اتجاه من أجل العودة الى قصر بعبدا عبر خليفته المعلن. لكن ماذا لو وصلنا الى الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل دون أن يُنتخب رئيس جديد، ورفض عون الخروج من قصر بعبدا بذريعة رفض ترك الموقع الماروني الأول شاغراً في الوقت الذي تبقى فيه الرئاستان من الحصّة المسلمة مشغولتين وعاملتين؟ وماذا لو خرج عون في الساعات الأخيرة لولايته وتذرّع برفض نقل صلاحيات الموقع الماروني الأول الى حكومة تصريف أعمال، يرأسها مسلم سنّي؟ هذه الأسئلة ليست جديدة. ولكنها في حالة ميشال عون تطرح نظراً للتجربة المريرة السابقة التي كلفت البلاد قبل ثلاثة عقود عامين إضافيين من المذابح والخراب، الى أن أُخرِج بالطريقة التي نعرفها.
كلامنا هذا ينطلق من خشية حقيقية من أن يُعطَّل انتخاب الرئيس الجديد، ليس حبّاً بميشال عون وعائلته والبطانة، بل لأن الطرف الذي سيسهّل أمر التعطيل، والذهاب الى فراغ رئاسي جديد وطويل قد يكون في صدد قلب الطاولة على الجميع، وتوجيه المسار نحو ما هو أبعد من صراع حول هويّة الرئيس الجديد، بل الى صراع من أجل رسم هويّة جديدة للبنان بعدما جرى تطويع قسم كبير من الطاقم الحاكم في لبنان.
إن الأيام التي تفصلنا عن بدء المهلة الدستوية لانتخاب الرئيس الجديد، ومن خلال التحركات الحاصلة هنا وهناك، لا تبشّر بالخير. فالصراع بين طرفين منتميين الى فريق "حزب الله" إضافة الى الضياع الشامل في المقلب الآخر من رقعة الشطرنج السياسية يشيان بمرحلة مقبلة صعبة، يقاد فيها لبنان كعربة يجرّها حصانان في اتجاهين مختلفين. ولبنان واللبنانيون ضحايا رئاسة لم تعرف البلاد أسوأ منها، وحكومة أقل ما يقال عنها إنها "خفيفة". والغائب الأكبر في كل المشهد هو المواطن اللبناني. لا يعيره أحد من الطاقم الحاكم وفوقه الحاكم الفعلي أي اهتمام. إنه الغائب في الحكومات، والرئاسات اليوم وغداً.
"النهار"- علي حمادة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|