الصحافة

الطاقة الشمسية بكلفة أقلّ... ولكن دونها مخاطر

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

 كتبت سلوى بعلبكي في النهار:

30 عاماً وأكثر معاناة اللبنانيين مع الكهرباء، وعدت الحكومات المتعاقبة خلالها بإصلاح قطاع الكهرباء، من دون أن تتحقق، على غرار غيرها من وعود تحسين مستلزمات العيش الكريم للمواطنين. طيلة هذه الفترة وقف اللبنانيون مكتوفي الأيدي أمام أزمة استفحلت في الأعوام الأربعة الأخيرة، بما دفع نسبة كبيرة منهم إلى المزيد من الفقر، توازياً مع انهيار سعر الليرة وتحكم أصحاب المولدات بأسعار الخدمة التي اضطر المواطنون الى تجرّع سمّ تكلفتها مجبرين.

أمام هذا الواقع، برزت بارقة أمل من مشاريع الطاقة الشمسية التي لم يكن اللبنانيون يعيرونها أهمية بالغة، بسبب دعم الدولة لأسعار المحروقات المستعملة في المولدات وأسعار الكهرباء المنتجة من مؤسسة الكهرباء، بما أخر تطوير مثل هذه المشاريع، التي تُعدّ أفضل مصدر للطاقة في لبنان بعدما تطورت بسرعة كواحد من أرخص مصادر الطاقة في العالم.

التهافت أخيراً على تركيب ألواح الطاقة الشمسية أدّى في المقابل الى انتشار فوضوي للشركات والمؤسسات وحتى الأفراد الذين يعملون في هذا المجال من دون أدنى مراقبة لنوعية البضائع التي يتم شراؤها أو طريقة تركيبها، وما إن كانت مطابقة للمواصفات والمعايير التي تضعها مؤسسة الكهرباء أو معهد البحوث الصناعية والمركز اللبناني للطاقة. ولعل هذا ما يفسر الحوادث المتكررة في أكثر من منطقة، وآخرها في منطقة بشامون حيث اندلع حريق كبير على سطح مبنى سكني بسبب انفجار نظام الطاقة الشمسية.

الخبير في مجال الطاقة شربل أبي يونس عزا المشكلات وحوادث الحرائق في مشاريع الطاقة الى 3 أسباب، أولها كثرة وجود بضائع في السوق بجودة ونوعية غير عالية وأسعارها في متناول الجميع، والسبب الآخر يعود الى طريقة التركيب العشوائية التي يقوم بها أشخاص غير متخصّصين أو أكفاء، إضافة الى عدم تركيب حماية للمحوّل (Invertor)، أما السبب الثالث فيعود الى خلل في التطبيق بين البطاريات والمحوّل، خصوصاً إن كانت البطارية من نوع الليثيوم التي تحوي داخلها على ما هو نظام إدارة البطارية(Battery Management System) (BMS)، وإذ أكد لـ"النهار" أن 90% من البضائع الموجودة في السوق هي بضائع صينية، أوضح أن ذلك لا يعني أنها لا تتمتع بالجودة فهي تعد الرقم 1 عالمياً في منتجات الطاقة الشمسية، مشيراً الى انتشار مشاريع الطاقة الشمسية في مناطق خارج بيروت حيث المنازل الإفرادية، وبدأت بكثرة في زحلة وبعدها مناطق جبيل وكسروان.

بدأت تجربة لبنان مع أنظمة الطاقة الشمسية منذ 15 عاماً، وإن بشكل خجول، الى أن تطورت في العامين الأخيرين حيث سجّل لبنان أعلى نسبة تحول في العالم مقارنة مع سكانه من الطاقة الطاقة التقليدية الى الطاقة الشمسية.

بحسب أرقام من المركز اللبناني للطاقة يظهر تطور استخدام الطاقة الشمسية في لبنان خلال 12 عاماً، إذ بدأت بـ0.33 ميغاواط في عام 2010 وصولاً الى نحو 870 ميغاواط في عام 2022، ويُتوقع أن يتخطى لبنان عتبة الألف ميغاوط في حزيران المقبل، علماً بأن لبنان استثمر في التحوّل من الطاقة التقليدية الى الطاقة الشمسية نحو مليار و200 مليون دولار حتى الربع الأول من عام 2023.

المدير العام للمركز اللبناني لحفظ الطاقة بيار خوري كشف لـ"النهار" عن تخطي لبنان في حلول شهر حزيران ألف ميغاواط من مجموع مشروعات الطاقة الشمسية، لافتاً إلى نموّ أسواقها بوتيرة غير مسبوقة خلال العامين الماضيين خصوصاً بعد قرار رفع تعرفة كهرباء لبنان.

لا يخلو القطاع من بعض التجارب الفاشلة التي يلاحقها المركز نتيحة لبعض المخالفات، إن لناحية البضاعة ذات النوعية الرديئة أو حيال نقص الخبرة في عمليات التركيب. بيد أن السوق ينمو بوتيرة كبيرة وفق ما يؤكد خوري، مشيراً في السياق إلى متابعة عملية تطوير القطاع وتنظيمه فضلاً عن فحص معهد البحوث الصناعية البضاعة المستوردة، ولكن الأمر لا يخلو من تهريب بضائع قد تسبب مشكلات لدى تركيبها.

لا تقتصر البضاعة المستوردة على بلد فحسب، بل تأتي من كافة أنحاء العالم، فالألواح الشمسية تستورد من الأردن والصين. أما المحوّل (Invertor) والبطاريات، فتُستورد من الصين، ألمانيا، فرنسا، كندا والهند. الى ذلك ثمة مواصفات إلزامية لضمان المحافظة على جودة أنظمة الطاقة الشمسية، ولدى المركز لوائح للشركات المؤهلة تركيب مشاريع الطاقة الشمسية، ومنها لائحة تتضمّن أسماء نحو 70 شركة مؤهلة في تركيب الطاقة لمشاريع منزلية في المناطق كافة، ولائحة أخرى تتضمّن أسماء شركات مؤهلة في تركيب الطاقة لمشاريع كبرى تتجاوز 250 كيلوواط.

لكن بالأرقام، كيف تتوزع الطاقة الشمسية تبعاً للمناطق والقطاعات؟ مناطقياً، يؤكد خوري أن مشاريع الطاقة موجودة في كل لبنان وفق توزيع جغرافي عادل، إذ بعدما كان يقتصر تركيبها على المناطق الغنيّة، باتت تشمل مناطق لبنان كافة مثل عكار، الهرمل، حاصبيا وراشيا. وأفاد خوري أن المركز أنجز إعداد دراسة شاملة عن التوزع الجغرافي لمشاريع الطاقة، ستُعرض على وزير الطاقة الأسبوع المقبل. أما قطاعياً فيستحوذ القطاع الصناعي على النسبة الأكبر من مشاريع الطاقة الشمسية تُقدّر بـ27%، يليه 21% للمنازل، ثم قطاع التجارة 19%، إضافة الى 13% للقطاع الزراعي الذي يستخدم الطاقة في عمليات الريّ وآبار المياه.

أهمية مشاريع الطاقة الشمسية أنها يمكن أن تساعد المواطنين في التخفيف من فاتورة الكهرباء أيضاً، إذ ما على المواطن إلا تقديم طلب اشتراك بما يُعرف بالتعداد الصافي (NET Metering) لكي يكون في مقدوره تغذية الشبكة بالفائض من إنتاجه، وحسمها لاحقاً من فاتورته. ويؤكد خوري أن التنقية أطلقت في وزارة الطاقة عام 2011، لكن التأخير يعود الى الإجراءات المتبعة من مؤسسة الكهرباء. ويؤكد خوري أن الطلب مرتفع على هذه الآلية، خصوصاً أنها تخفض أعباء الفاتورة.

ومع استفحال الأزمة الاقتصادية والمالية، وارتفاع حدة أزمة الكهرباء توازياً مع ارتفاع تعرفة المولدات الخاصة، بات لبنان في مقدم قائمة الدول الأكثر تركيباً للطاقة الشمسية مقارنة بعدد السكان، إذ يشير خوري الى أن القطاع الذي بدأ ينتشر في لبنان بدءاً من عام 2010، نما أكثر وبوتيرة سريعة بدءاً من عام 2020/2021 مع استفحال أزمة المحروقات، أما بعد رفع الدعم عن المحروقات، فبدأ إقبال المواطنين كافة على تركيب الطاقة الشمسية مدعوماً بغلاء التعرفة الكهربائية من جهة وارتفاع أسعار فاتورة المولدات نتيجة غلاء المازوت. هذه العوامل دفعت اللبنانيين إلى الاستغناء عن كهرباء تكلفهم 27 سنتاً واستبدالها بطاقة شمسية رخيصة كلفتها 6 سنتات. ولفت خوري إلى أن 150 شركة باتت مسجلة في هذا القطاع تعمل وفق طرق هندسية متخصّصة فضلاً عن وجود 400 إلى 500 شركة تستخدم الطرق التقنية.

توازياً، وعلى الصعيد الرسمي، وقع وزير الطاقة والمياه وليد فياض عقوداً لشراء الطاقة مع ممثلي 11 شركة من القطاع الخاص لبناء محطات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية. وبحسب هذه العقود، تقوم الشركات الخاصة ببناء 11 محطة شمسية لإنتاج الكهرباء بقدرة 15 ميغاواط لكل محطة ويُربط الإنتاج على شبكة مؤسسة الكهرباء ويباع للمؤسسة، أي ما مجموعه 165 ميغاواط من الطاقة الشمسية وبيع الكهرباء لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان بسعر 5.7 سنتات أميركية لكل كيلوواط ساعة في محطات الطاقة الشمسية التي سوف تُبنى في منطقة البقاع، وسعر 6.27 سنتات أميركية لكل كيلوواط ساعة في محطات الطاقة الشمسية التي سوف تُبنى في بقيّة مناطق لبنان. وقد فوّض مجلس الوزراء بقراره إلى وزير الطاقة والمياه التفاوض مع الشركات وتوقيع عقود شراء الطاقة خلال مدة اثني عشر شهراً. وستشكل هذه المحطات الشمسية إضافة مهمة على المزيج الطاقوي في لبنان لناحية التحول نحو المزيد من الطاقة المستدامة النظيفة.

ووفق الوزير فياض، أصبحت أنظمة الطاقة الشمسية الأقل كلفة بالإضافة الى كونها طاقة نظيفة مستدامة. ففيما تصل كلفة إنتاج الكهرباء في مؤسسة الكهرباء الى نحو 17 سنتاً أميركياً لكل كيلوواط ساعة، تسمح هذه العقود بتأمين طاقة شمسية نظيفة بكلفة 5.7 و6.27 سنتات أميركية لكل كيلوواط ساعة. وبرأيه تُعدّ هذه الأسعار عادلة جداً "خصوصاً مع ارتفاع كلفة تمويل هذه المشاريع في لبنان الذي يعاني من ضائقة اقتصادية كبيرة".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا