التعادل المنتج
كتب زياد شبيب في "النهار":
في السياسة سيكون انعقاد مجلس النواب في الرابع عشر من هذا الشهر مختلفًا عن المحطات السابقة بسبب انتهاء مرحلة الورقة البيضاء واحتمال حصول تصويت بالطريقة الأقرب الى المطلوب دستوريًا بغض النظر عن احتمال فوز أحد المرشّحَيْن بالرئاسة.
أما في الدستور، فيستمرّ تشويه المفاهيم. والابتعاد عن التطبيق السليم للنص الدستوري، يبدأ من تسمية انعقاد مجلس النواب بأنه جلسة وبأن انعقادَه في المرّات السابقة لانتخاب رئيس للجمهورية، كان في جلساتٍ سيبلغ عددها اثني عشر جلسة، والصحيح أن تلك المسمّات جلسات ما هي إلّا فصول من جلسة انتخاب رئاسية واحدة وحيدة انطلقت منذ انعقاد المجلس في المرة الأولى وتم تعليقها واستئنافها اثنتي عشر مرة وما تزال مستمرة حتى انتخاب رئيس. والغاية من التسمية الخاطئة تثبيت منطق الحاجة في كل مرة الى دعوة من رئاسة المجلس للانعقاد ما يعطيها القدرة على التحكم بمسار العملية الانتخابية. ولهذا كان يتم "اختتام" الجلسة بدلًا من تعليقها وإبقائها مفتوحة كما هو مفترض بحكم الدستور.
بصرف النظر عن التسميات والممارسات غير المنسجمة مع الدستور يبقى النص واجب التطبيق، والعبرة تكمن في تحديد النتائج الدستورية المترتبة وفق التوصيف الصحيح لما يحصل. ذلك أن الممارسة المشار اليها لا ترقى الى مستوى العرف الدستوري لسببين، الأول أنها ليست محل قبول جامع بل إن مروحة الاعتراض عليها تتعاظم، وهي ممارسة عابرة لا تتصف بالاستقرار. أضِف أنّ لا عرف دستوريًا في ما يتعارض مع النص الدستوري ويخالفه coutume contra legem .
من هنا إن دورة الاقتراع التي ستجري يوم الرابع عشر من الشهر الجاري لن تكون الدورة الاولى بل هي دورة الاقتراع الثانية عشرة في الجلسة الانتخابية المستمرة منذ شهور وهذا يعني أن الأكثرية المطلوبة للفوز فيها هي ٦٥ صوتًا ومن يتمكن من الحصول على هذا العدد يكون رئيسًا للجمهورية، لأن الدورة الاولى التي تتطلب اغلبية الثلثين حصلت منذ شهور وانتقل المجلس الى دورات الاقتراع التي تليها.
ظنّ المراقبون أن جواب رئيس مجلس النواب نبيه برّي على التهديد الأميركي بفرض العقوبات على معرقلي انتخاب رئيس، كان في الدعوة التي وجهها لانعقاد المجلس في الرابع عشر من الجاري بما يُبعد عنه تُهمة تعطيل الانتخاب، لكن الحقيقة أن هذه الدعوة ليست سوى استجابة طبيعية للتطور الداخلي المتمثل بتقاطع كُتل نيابية تحوز معظم المقاعد النيابية المخصصة للطوائف المسيحية على اسم مرشّح واحد هو جهاد أزعور. أما جواب رئيس المجلس على تهديد باربرا ليف فكان في مشهد آخر وهو استقباله العماد جوزف عون قائد الجيش من دون مناسبة وإفراجُه عن مراسيم ترقية الضباط المتوقفة في وزارة المال منذ عهد الرئيس ميشال عون. رسالة برّي الجوابية على الرسالة الأميركية مفادها أنه ليس بعيدًا عن التوجهات الأميركية في الشأن الرئاسي وبأن التعاون مع قائد الجيش ممكن خلافًا للعهد السابق.
ترافق ذلك مع إعلان برّي عن قرار التصويت لمرشحه المعلن سليمان فرنجية خلافًا للمرات السابقة التي اعتمد فيها مع حلفائه التصويت بالورقة البيضاء. وهذا يدلّ على قرار بالذهاب حتى النهاية بشأن ترشيح فرنجية، ولأن النهايات لا تكون بالضرورة سعيدة فإن التسمية قد تكون مفتاح الخروج من التأزم الحالي، فيكون التصويت المستقطب للكتل والأصوات حول مرشحين اثنين بمثابة تثبيت للتعادل بين القوى يفتح المجال للبحث بسيناريوهات جديدة ومخارج جديّة، ما يجعل التعادل المرتقب تعادلًا منتجًا بخلاف ظاهره الانقسامي.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|