هل انتقل لودريان الى مرحلة البحث عن نظام جديد؟
لا جديد يمكن أن يقدمه الموفد الرئاسي الفرنسي الى اللبنانيين للركون اليه وملء الفراغ الرئاسي، فالتواصل الغربي في هذا الملف لم يدخل بعد مرحلة السخونة التي تفضي في مكان ما الى انتخاب رئيس. ولا زالت الدول الاقليمية والدولية في مرحلة بناء الثقة فيما بينها خصوصا تلك التي عقدت مصالحات في الفترة الاخيرة، وتحتاج الى مزيد من الوقت لدراسة ملفاتها قبل الشروع الى حلها.
لا يخرج اللاعب الفرنسي عن ما هو مرسوم على الصعيد الدولي بالنسبة للبنان، فالوضع في البلاد لا يحله رئيس يجلس على كرسي بعبدا حتى ولو جاء توافقيا، والازمة الاقتصادية التي وُلدت عام 2019 هي ربيع لبناني هدفه التغيير في بنية النظام المعمول به ويُعتبر الانهيار المالي والاقتصادي الذي وُلد عن قصد في هذه المرحلة وما نتج عنه من تغييرات جوهرية في بنية النظام والدولة، الممر الالزامي للتغيير الذي يُعمل عليه في الخارج وينطلق من مسلمات عدة ابرزها:
-اعادة تموضع القوى الطائفية في البلاد وتوزيعها على المؤسسات وفق ميزان الاقوى عدديا والذي يُسيطر على اجزاء كبيرة من الدولة بطريقة غير شرعية والمقصود هنا الثنائي الشيعي.
-سقوط معادلة الـ "س.س"، وما نتج عنها من تفكك الكثير من التحالفات التي كانت متماسكة قبل العام 2005 وما رافق هذه الحقبة من تطورات أثَّرت بشكل سلبي على المكونات اللبنانية خصوصا بين السنة والشيعة
-وضع المسيحيين في البلاد وحالة الاستنزاف التي طرأت على هذا الشارع الذي يعاني من نزيف الهجرة وانخفاض نسبة الشباب، وبالتالي يقتضي ذلك اعادة النظر بوجود هذا المُكون داخل الدولة مع الحرص على ابقائه في لبنان كعنصر قوة.
واذا ما تخطينا عددا لا بأس به من المسلمات واكتفينا بالمذكور، يتبين أن الواقع اللبناني كما هو اليوم بات يحتاج حكما الى عقد اجتماعي جديد او تسوية شاملة تطال بنية النظام. فمن الصعب على الدول المعنية في الملف اللبناني اهمال العنصر الشيعي الذي قلب الموازين الداخلية وبات الرقم الاقوى في البلاد حيث يتحكم بمختلف القطاعات الانتاجية ويغزو الاسواق عبر مؤسسات رديفة لديها من الملاءة المالية ما يكفي لجذب اللبنانيين اليها، وقد نجح الثنائي أيضا بخلق بديل عن مؤسسات الدولة ونجح باستقطاب اللبنانيين اليه، وعززت الازمة الاقتصادية هذا الوضع الشاذ وبات السوق الموازي بديلا عن السوق الرسمي. هذا الواقع لا يمكن أن يواجهه أي رئيس جمهورية أو حكومة من خارج عباءة الثنائي وتحديدا الحزب الذي تخطى الدولة بأشواط.
استنتج الفرنسي أن بديل فرنجية في لبنان هو التسوية الشاملة، لأن التباعد في الرؤية بين الاطراف يتطلب الجلوس الى طاولة شبيهة بطاولة الطائف لاعادة صياغة النظام اللبناني وفق مقتضيات المرحلة. ولودريان الذي جاء بمهمة استطلاعية يجس من خلالها نبض القوى السياسية وتصورها لحل الازمة، هو جزء من مهمة واسعة وصلت اليها الدول الخمس التي تجتمع بشكل دوري للبحث في الازمة اللبنانية. هذه الدول وفق المعلومات بدأت تتبادل ألافكار حول مستقبل النظام السياسي اللبناني المُفكك اليوم بفعل الضربات التي تلقاها، ويجري البحث على بديل يبدأ بالدرجة الاولى بتغيير القوى السياسية التي حكمت بالبلاد منذ اتفاق الطائف. وتلعب المنظمات غير الحكومية التي تعمل في الحقل السياسي والاجتماعي دورا بارزا مع الدول الخارجية لمساعدة اللبنانيين على الانتقال السريع نحو نظام سياسي يواكب التطورات الحاصلة وقد يكون هذا الاتفاق شاملا ويأتي قبل الانتخابات الرئاسية. من هنا يجري الحديث عن سحب بعض الدول يدها عن الاحزاب التي تدعمها في لبنان لأن التطورات في المنطقة ذاهبة في اتجاه التهدئة بالدرجة الاولى واعطاء فرصة للشباب اللبناني لادارة دفة البلاد، وانهاء حالة الاحزاب التي شاركت في الحرب الاهلية ولم تجدد رؤيتها ونظامها الداخلي لمواكبة الدولة الحديثة التي نشأت بعد حرب اهلية أسفرت عن تدمير البلاد وتهجير الشعب.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|