عربي ودولي

الجيش الروسي "اختفى" أمام "فاغنر" فمتى يسلّم قواعده للجيوش الغربية والجيش الصيني؟؟؟...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بمعزل عمّا قد يكون مُصطَنَعاً في تمرّد قائد مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين على القيادتَين السياسية والعسكرية الروسية، إلا أن هناك مجموعة من النّقاط التي تطرح نفسها على مستقبل قدرة روسيا على الاستمرار كدولة اتّحادية، بالشكل الذي هي عليه حالياً.

فـ "طبّاخ بوتين" طبخ لرئيسه، وسمّم له الطعام. ونعني بذلك ما سيذكره التاريخ عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تحوّل خلال ساعات معدودة الى واحد من زعماء الدول المتخلّفة في الشرق الأوسط، الذين يحكمون دائماً على أساس أن مؤامرات الأعداء فاشلة طالما بقيَت أنظمة حكمهم صامدة. فهؤلاء يربطون شرف الأوطان بحكمهم، وليس بالإصلاح المستمرّ لهذا الحكم، ولا بما يحمله من حرية ونموّ وحياة لشعوبهم.

من أبرز النّقاط التي طرحها تمرّد قوات "فاغنر" في روسيا، هو أن لا أحد استطاع أن يؤكد أنها لم تَكُن قادرة على الوصول الى موسكو بالفعل، خلال ساعات معدودة. فالجيش الروسي "اختفى" تقريباً في فترة "الزحف الفاغنري"، بحجّة عَدَم التسبُّب بحرب أهلية. وهذه ثغرة كارثية للمراقب الروسي والعالمي، وسواء كان الزّحف "تمثيلية"، أو لا.

ومن أبرز الثّغرات الأخرى، الولاءات الصامتة والكثيرة التي ظهرت داخل الجيش الروسي، وبين جنرالاته، الذين قد يفضّل بعضهم إبراز ضعف القيادات العليا في وزارة الدفاع الروسية، وحقيقة عجزها في الداخل الروسي، قبل أوكرانيا، وذلك رغم الضجيج الروسي النووي الكثير منذ العام الفائت.

ومن النّقاط التي تستحقّ التوقّف أمامها، شعبية بريغوجين التي ظهرت بين الناس في الجنوب الروسي، وهو المنطقة التي فتحت أحضانها شعبياً وعسكرياً لتمرّد "فاغنر" في مدّة تجاوزت الـ 24 ساعة. فلولا ذلك، لما كان تمكّن (بريغوجين) من الكلام بوجه الكرملين بنبرة مرتفعة، وهذه ليست "مزحة"، تُفيد بأن بوتين وقيادات الكرملين لا يُمسكون بكل شيء، وبأن مناطق روسيّة كثيرة ما عادت تدين بالولاء لهم كما يُفتَرَض.

وإذا أضفنا ذلك الى "اختفاء" الجيش الروسي من أمام "فاغنر" على طريق موسكو، لأكثر من 24 ساعة، فإنه يمكننا القول في تلك الحالة إن روسيا وصلت الى مرحلة أنه بات يُمكن لأي روسي أن يفعل ما يريده فيها، في أي مكان، وساعة يشاء، من دون أن يواجه من يوقفه بعد اليوم.

هذا فضلاً عن أن استعداد بريغوجين للزّحف نحو موسكو، أظهر قدرة "فاغنر" على توفير السلاح من خارج روسيا في أي وقت تريده، وبالكميات التي ترغب بها، وأن تذمّر زعيمها من نقص الذخائر في أوكرانيا ما كان إلا خدعة، تنبع من أهداف سياسية لديه.

ومن النّدوب التي تركها تمرّد "فاغنر" أيضاً، هي كيف يمكن لبوتين أن يبرّر تساهله مع "طبّاخه" القديم، في مدى بعيد، وتسليمه (بوتين) بانتقاله (بريغوجين) الى بيلاروسيا، رغم أنه خائن هدّد بتدمير روسيا عملياً خلال ساعات؟ ومن يمكنه أن يضمن عَدَم تكرار التهديد بالزّحف الى موسكو، والنجاح في التنفيذ، في ما لو فشل الاتّفاق الأخير بين الكرملين وزعيم "فاغنر"؟

بدأ بوتين حربه في أوكرانيا العام الفائت، على أساس محاربة النازيين والفاشيين الجُدُد فيها. ثم وسّع قاعدة التبريرات العلنيّة بقوله إنه يُقاتل حلف "الناتو" والغرب "العدوّ" على حدود روسيا. وبالتالي، ماذا سيقول بوتين لشعبه مستقبلاً، عن تساهله (الظاهر على الأقلّ) الذي تُرجم بقبوله التفاوض مع "خائن" داخلي هو بريغوجين، هدّد موسكو بعمقها، وروسيا بجلدها؟

فهل هذا يعني أن عصر الصفقات مع الخَوَنَة بدأ في روسيا؟ وهل سيفعل بوتين ذلك مع أي خائن أو عميل آخر أيضاً؟ وما نفع الإبقاء على المعارضين الروس، ومنهم ألكسي نافالني، في السجون بعد اليوم؟

وهل ان بريغوجين "إبن مبارح" ليخدع نفسه بأن بوتين عاجز عن قتله في قلب بيلاروسيا في أي وقت، وبعدما "تبرد" صدمة "الزّحف الفاغنري" الى موسكو؟ وهل ان بريغوجين ساذج لدرجة أن يتجاهل حقيقة أن ألكسندر لوكاشينكو (الرئيس البيلاروسي) هو "صديق الدم" له (بريغوجين)، ولبوتين؟

وهل ان بوتين، ولوكاشينكو، وبريغوجين، يعتقدون أنه يمكن لأي إنسان في العالم أن يخدع نفسه بأن تجديد نشاط "فاغنر" ضدّ أوكرانيا والغرب عبر بيلاروسيا مستقبلاً، غير ممكن، سواء بالقيادة الحالية نفسها لتلك المجموعة، أو بقيادة جديدة في ما لو تمّ التخلّص من بريغوجين مثلاً؟

قد يفضّل الغرب الآن بقاء بوتين في السلطة، بعدما بات ضعيفاً في نظر نفسه أولاً، قبل شعبه والعالم. فهذا أفضل من النّظر الى ديكتاتور دموي جديد (بريغوجين مثلاً)، يدخل الكرملين مع "جوقة" جديدة من الدمويّين واللّصوص. وقد يحذر الغرب من ديكتاتور هو بوتين، قد يُصبح عنيفاً جدّاً في أوكرانيا قريباً، للَمْلَمَة صورته المذلولة بسموم بريغوجين.

ولكن ما لا يمكن التغاضي عنه، هو فتور دول مجموعة "بريكس"، ودول منظمة شانغهاي للتعاون، تجاه ما كان يجري مع بوتين، وذلك تحت ستار أنه شأن روسي داخلي. فهذه الدول لم تُظهر أي "غَيْرة" استثنائية على مصلحة "الصديق الروسي"، وذلك رغم أن بوتين شخصياً هو "مُلهِم الأفكار" حول العالم متعدّد الأقطاب، وعالم ما بعد الدولار الأميركي، وكسر الأحادية الأميركية، والهيمنة الغربية...

وما أشارت إليه وزارة الخارجية الصينية على صعيد دعم الصين لروسيا في حماية الاستقرار الوطني، وتحقيق التنمية والازدهار، يُظهر أن بكين مستعدّة للتعامل مع أي قائد لروسيا، سواء كان بوتين أو غيره، بحثاً عن الاستقرار، والتنمية، والازدهار. وهذا أكبر دليل على أن أصدقاء بوتين الذين "خزّنهم" لوقت الضّيق، خذلوه عند أول "شبه ضعف".

يبقى القول إن روسيا يجب أن توقف حربها على أوكرانيا. فالأوكرانيون يتعذّبون "عالفاضي"، بسبب روسيا - بوتين التي هي دولة إبرام الصّفقات مع مُمارسي اللّهو بالدبابات، وبالتهديد بالزّحف الى موسكو، وبلد سجن وتعذيب وتسميم أصحاب الآراء والأفكار الحرّة، في وقت واحد.

ولكن الشعب الروسي المتحلّق حول بريغوجين "الخائن"، يُظهر حاجة الروس الى أي جديد غير بوتين، وغير شخصيات إدارته، وغير التحديثات اليومية للحرب الروسية على أوكرانيا، على صعيد أن "دمّرنا، وما دمّرنا"، و"قتلنا، وما قتلنا"...

فموسكو كادت تسقط في 24 حزيران 2023 "بين الضّحك والجدّ"، ومهما كانت الخلفيات الحقيقية لما حصل. كما أن الجيش الروسي الذي يستعين بالسلاح الإيراني، والكوري الشمالي، وبالخبرات الشيشانية في حرب تقليدية يخوضها في دولة أضعف من روسيا بكثير في الأساس، وهي أوكرانيا، (الجيش الروسي) "اختفى" عندما هُدِّدَت العاصمة الروسية جدياً.

وهنا يبقى التحذير من أن الجيش (الروسي) الذي أخلى مواقعه لقوات "فاغنر"، والذي "اختفى" أمامها، هو نفسه الذي قد يُخلي مواقعه للجيش الأوكراني، أو الأميركي، أو "الأطلسي" عموماً، في الجنوب أو الغرب الروسي، أو حتى للجيش الصيني في الشرق الروسي، في أي يوم من الأيام. وهذا يعني الكثير، والأكثر منه، بكثير...

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا