وفيما حفل الشهر الماضي بوساطات دولية بطلب من العدوّ الإسرائيلي لحلّ الأزمة التي سبّبها وجود الخيمتين على مستوى قدرة الردع، والعجز أمام المقاومة اللبنانية، عبّر العدوّ عن يأسه خلال عطلة عيد الأضحى، بإيصال رسالة إلى حزب الله، عبر السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، تفيد بأن جيش الاحتلال «لا يريد حرباً ولن يقدم على إزالة الخيمتين بالقوّة، وأن الموضوع عند القوات الدولية العاملة في الجنوب».
وعلمت «الاخبار» ان شيا طلبت موعداً عاجلاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لابلاغه بالرسالة. وهي اضافت عليها بأن ادارتها تأمل ان تحث الحكومة اللبنانية على التوصل الى تفاهم بين قيادة الجيش وقوات الطوارئ الدولية لمعالجة ازمة الخيمتين، وان التهدئة في الخطاب وعدم حصول تحركات اضافية من قبل حزب الله والمواطنين الداعمين له في المنطقة المذكورة يساعد على تنفيس الاحتقان لدى الاسرائيليين. ونقلت أن حكومة العدو ليست في وارد التصعيد أو القيام بأي عمل عسكري في هذه المنطقة، او في غيرها من المناطق اللبنانية. ولفتت السفيرة الاميركية رئيس الحكومة الى انه يفضل ان لا يحصل اي عمل عسكري من الاراضي اللبنانية تجاه اسرائيل ربطا بما يجري في فلسطين.
وفيما تبين ان شيا أبلغت الرسالة نفسها إلى قيادة الجيش ايضاً، اجرى الرئيس ميقاتي اتصالا بقيادة حزب الله لإبلاغها بمضمون الرسالة الاميركية.
ويأتي تراجع العدوّ عن التهديدات بعدما وصلت رسالة واضحة من المقاومة عبر عدة قنوات، وفي خطاب رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد قبل أيام، بأن أي عمل إسرائيلي لإزالة الخيمتين، مهما كان مستواه، سيكلّف حرباً.
وتؤكّد معلومات «الأخبار» أن المنطقة المحيطة بالخيمتين، صارت في عداد المناطق المحرّرة بعد أن كانت جزءاً من المزارع المحتلّة، إذ نجحت المقاومة في نصب الخيمتين هناك (بعمق 30 متراً داخل «خط الانسحاب» كما يقول العدوّ الإسرائيلي). كما بات عددٌ من رجال المقاومة وأهالي المنطقة، يسكنون في الخيمتين. ولا تبعد الخيمتان كثيراً عن ثكنة زبدين التابعة لجيش الاحتلال، والتي انطلق منها جنود العدوّ يوم 1 حزيران الماضي مع دبابة ميركافا، في محاولة للتهويل على الأهالي والمقاومين لترك الخيمتين والتراجع.
وكان العدو طلب من فرنسا التواصل مع قيادة حزب الله لإقناعها بإزالة الخيمتين، وكذلك فعل مع قيادة «اليونيفل» التي تولّت التواصل مع قيادة الجيش اللبناني للغاية نفسها. وكان رد حزب الله على كل الرسائل بأن المنطقة التي يتحدث عنها العدو، هي أراضٍ لبنانية محتلة، وليست أراضيَ سورية أصلاً، كما أن لبنان يقر بحق المقاومة في تحرير كل المناطق المحتلة، والمقاومة وكذلك الأهالي لن يتوقفوا عن التواجد في هذه المنطقة.
وبعد فشل هذه المساعي، لجأ العدو إلى إطلاق تهديدات على لسان مصادر أمنية وعسكرية عبر وسائل الإعلام العبرية، فيما تجنّب المسؤولون الرسميون الحديث عن الأمر علناً، وتفادوا الرد على استفزازات معارضيهم لهم بالخوف من مواجهة حزب الله. فيما صدر موقف واحد عن وزارة الحرب الإسرائيلية قال إن جيش الاحتلال سيزيل «التعدي» من دون التورط في أعمال عسكرية تؤدي إلى حرب.
محاولة التهديد والمهل الزمنية الفاشلة، تكرّرت أكثر من مرّة، ولا سيّما بعد اجتماع «الكابينت» المصغّر الذي انعقد لمناقشة الوضع في الضفة الغربية المحتلة، خصوصاً بعد عملية 20 حزيران الماضي، والتي قُتل فيها أربعة صهاينة. وقد استغل معارضو رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو، عرض الملفّ خلال الاجتماع، وشنّوا حملة مزايدة شعبية عليه تحت عنوان الخوف من حزب الله، ودفاعاً عن صورة «الردع المهزوز».
لكنّ لعبة المزايدات الداخلية، لم تنجح في جرّ المستوى العسكري إلى المغامرة في اختبار جديّة المقاومة وتنفيذ أيّ من التهديدات على الرغم من انقضاء المهل المتكرّرة.
بالمحصّلة، انكفأ العدو بعد أن حرص جيش الاحتلال على قراءة رسائل المقاومة السياسية والعسكرية والأمنية جيّداً، مع إدراكه استعداد المقاومة لخوض أيام قتالية أو حرب مفتوحة، دفاعاً عن أشبارٍ من أرضٍ لبنانية، تحرّرت بـ«القوّة الناعمة».