التمديد لسلامة بـ"قرار" مخالف للقانون؟
ضاقت الخيارات كثيراً أمام حكومة نجيب ميقاتي في التعاطي مع الشغور الزاحف نحو حاكمية مصرف لبنان. يتحدّث مصدر مطّلع لـ "أساس" عن "خيارات محتملة يُعمل عليها في الكواليس ويُشكّل بيان نواب الحاكم الأربعة جزءاً منها لجهة الضغط باتجاه إقرار تعيين حاكم و"شرعنة" السير به اتّكاءً على البيان وتحت عنوان تجنّب الفراغ "المُفزِع" في الحاكمية إذا نفّذ نواب الحاكم قرارهم بالاستقالة".
على الرغم من المعوّقات الكبيرة التي تحول دون تعيين مَن يخلف رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان وتحت سقف الخلاف المسيحي-المسيحي الذي أخذ "استراحة" قصيرة من خلال التقاطع على اسم جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، وعلى الرغم من "الغضب الباسيليّ الساطع" على الحكومة، تشير معطيات "أساس" إلى أنّ خيار التعيين لم يُدفن تماماً بعد، وما يزال يُعمل عليه سرّاً إلى حدّ تأكيد مصدر موثوق أنّ "الخلاف الحقيقي هو على الاسم لا على الآليّة أو المبدأ. وحين يُقَرّ تعيين بهذا الثقل تصبح التعيينات العسكرية تفصيلاً بسيطاً".
التلويح بالاستقالة للضغط فقط
يَتقاطع هذا المُعطى مع وقائع تحسمها جهات مطّلعة لناحية تأكيد "عدم حصول فراغ في حاكمية مصرف لبنان مهما كانت السيناريوهات المطروحة، وعدم إمكانية تعيين حارس قضائي وفق رغبة ميشال عون وجبران باسيل، وعدم التمديد لرياض سلامة وفق المبدأ المتعارَف عليه بالتمديد، أي بمرسوم يوافق عليه ثلثا أعضاء الحكومة، وعدم استقالة نواب الحاكم الأربعة على الرغم من التلويح بهذا الخيار الذي أتى، وفق المعلومات، من باب الضغط والحثّ على التعيين فقط".
رئيس الحكومة سيرفض الاستقالة
في نهاية الأمر، عند سقوط جميع المساعي لحلّ أزمة الحاكمية، هناك المادّة 18 من قانون النقد والتسليف التي لن يدير لها ظهره نائب الحاكم الأوّل وسيم منصوري، ولا باقي نوّاب الحاكم، والتي تتيح للأخير تسلّم مهامّ حاكم مصرف لبنان إلى حين تعيين حاكم أصيل.
نائب الحاكم، بتأكيد مصدر قانوني، محكوم بهذا الواجب الوظيفي وإلّا صُنّف الأمر إخلالاً وظيفياً تترتّب عليه مسؤوليات وينطبق الأمر نفسه على نواب الحاكم إذا أعلنوا استقالتهم التي سترفضها الحكومة إذا حصلت.
مفاوضات سرّيّة للتعيين
حتى الساعة ما تزال المفاوضات تجري بسرّيّة تامّة لتعيين حاكم بالأصالة في ظلّ عدّة معطيات لا تُخفّف من حجم التوقّعات بسقوط خيار التعيين:
- تأكيد نائب "حركة أمل" علي حسن خليل لموقف الرئيس نبيه برّي المؤيّد لـ "تعيينات الضرورة أيّاً تكن هذه التعيينات"، بالقول: "إذا حصل توافق على تعيين حاكم فلن نكون حجر عثرة في ظلّ الإرباك والفراغ القاتل".
- دخول القوات اللبنانية على خطّ التفاوض سرّاً على الاسم مع القوى السياسية. وقد لوحظ في هذا السياق التضارب في المواقف، ربّما المنسَّق، بين رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي دعا صراحة إلى تعيين حاكم جديد وبين نائبه جورج عدوان الذي أقرّ قبل أيام بأنّ هذه الحكومة لا يحقّ لها تعيين حاكم، وهو ما فُسّر من جانب البعض بأنّه يأتي ضمن سياق شدّ الحبال حول الاسم بعدما كان الوزير السابق كميل أبو سليمان المرشّح شبه المعلن لمعراب.
- كَشَف مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس عن "تحرّك لرئيس الحكومة خلال الأسبوعين المقبلين"، مُتحدّثاً عن "مخارج متعدّدة، منها التعيين وتسلُّم نائب الحاكم الأوّل صلاحيّات الحاكم، وإذا لم يتمّ التوافق على المَخرَجَيْن فهناك مَخرج جديد قيد الدرس".
- التسريبات عن تفضيل واشنطن تعيين حاكم بالأصالة حتى لو لفترة قد تنتهي مع انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
- صَمتٌ مُطبقٌ من جانب الحزب بعدما جاهر برّي بموافقته على تعيين حاكم جديد وملء الشغور في المواقع العسكرية عقب موقف السيّد حسن نصرالله الرافض لإقرار الحكومة أيّ تعيينات.
التمديد لسلامة!
وفق معلومات "أساس" فإنّ الجهود المبذولة لتعيين حاكم لمصرف لبنان مع محاولة أخذ غطاء مسيحي، قوّاتي على الأرجح في ظلّ استحالة سير باسيل بالتعيين، تترافق مع خيار ثانٍ يناقَش في الكواليس ويقضي بأن تطلب الحكومة من وزير المال يوسف خليل الطلب من رياض سلامة الاستمرار في مهامّه لتسيير المرفق العامّ على رأس الإدارة النقدية والماليّة مع استخدام ورقة "استقالة نواب الحاكم". وكان وزير المال نفسه قد أعلن صراحة في شباط الماضي صعوبة استبدال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
في هذا السياق تتحدّث أوساط سياسية مطّلعة عن سابقة حصلت أيام حاكم مصرف لبنان الأسبق ميشال الخوري الذي عُيّن على رأس الحاكمية مرّتين، الأولى بعد انتخاب الياس سركيس رئيساً للجمهورية من 1978 إلى 1985، والثانية من 1991 إلى 1993.
هذا وحصلت سابقة ثانية حين تسلّم نائب الحاكم جوزف مهامّ الحاكم بالوكالة بعد استقالة سركيس في 1976، واستمر في منصبه حتى 1978. وكان أوغورليان قد عُيّن في عام 1963 نائباً للحاكم.
لكنّ أوساطاً قانونية توضح لـ"أساس" أنّ "الحكومة لا تستطيع الطلب من سلامة البقاء في منصبه لتسيير الأعمال، إذ تنتهي ولايته في 31 تموز ولا يمكن تمديدها إلا بقرار من مجلس الوزراء لا بقرار إداري من رئيس الحكومة أو وزير المال".
3 خيارات
هكذا "تتزارك" ثلاثة خيارات في رسم معالم ما بعد 31 تموز: التعيين، أو تسلّم منصوري، أو التمديد بقرار إداري يُدرَس بتأنٍّ في الكواليس.
المجلس الدستوريّ يغطّي الحكومة؟
عملياً، يتمسّك فريق عمل حكومة ميقاتي بخلاصة قرار المجلس الدستوري بردّ المراجعات بالطّعن بقانون التمديد للمَجالس البلديّة والاختياريّة الذي يُعتبر أنّه أعطى حكومة ميقاتي "حقّها".
انعكس ذلك من خلال المطالعة التي نشرها الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكّية مؤكّداً "حَسم المجلس الدستوري مدى دستوريّة مُمارسة حكومة تصريف الأعمال لصلاحيّات رئيس الجمهورية وكالةً عملاً بأحكام المادة 62 من الدستور وآليّة عقد جلساتها واتّخاذ قراراتها".
إلى ذلك اعتبر مكّية أنّ قرار المجلس "يَجزم بصورة قاطعة وجوب انعقاد الحكومة بهيئة تصريف الأعمال، ومُمارستها صلاحيّات رئيس الجمهورية وكالةً، وعدم وجود ما يُسمّى صلاحيّات لَصيقة بشخص رئيس الجمهوريّة لا يُمكن للحكومة مُمارستها، ودستورية الآليّة المعتمدة لعقد جلسات مجلس الوزراء واتّخاذ القرارات فيه".
يشير فريق ميقاتي إلى أنّ خلاصة قرار المجلس الدستوري شارك فيها خمسة من الأعضاء المسيحيين المحسوبين على النائب جبران باسيل، وهذا ليس تفصيلاً صغيراً.
ملاك عقيل- اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|