الشروط تسبق حوار لودريان وعودته
يُنتظر ان تشكّل عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، سواء تمّت قبل نهاية الشهر الجاري او بعده، محطة لإدخال القوى السياسية في حوار بين كتلها النيابية، لعلّها تتمكّن من خلاله من كسر حلقة التعطيل والتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية.
المسلّم به انّ أيّ حوار يجري، شرطه الأساس لكي ينجح هو الإدراك المسبق انّه المعبر الإلزامي للخروج من الازمة، وتوفّر صفاء النيات والرغبة الاكيدة في اعادة مدّ الجسور بين اطراف سياسية مختلفة، وكسر الجليد القائم في ما بينها، والإرادة الصادقة لاستخراج نقاط الالتقاء من باطن الخلافات والتأسيس لمساحات مشتركة تُبنى عليها نقلة نوعيّة ترمّم ما امكن من واقع مهترئ على كل المستويات. ودون ذلك سيبقى حواراً محكوماً بالفشل، وفي أحسن الاحوال «حوار طرشان» بين قوى أسيرة لحساباتها، ولا تريد ان تسمع سوى صوتها، ولا أن ترى سوى مصالحها، ولا يتأتّى من هذا الحوار سوى تضييع الوقت، وبدل ان ينفّس احتقانات الجو العام، يحقنه بجرعات اضافية من الشحن والتوتير.
أولاً، هل انّ الحوار الذي يسعى لودريان الى تسهيل انطلاقه بين اللبنانيين، يعني اعلاناً فرنسياً غير مباشر، عن إنهاء مفاعيل المبادرة الفرنسية التي رمت الى توافق لبناني على سلّة متكاملة تشمل رئاسة الجمهورية والحكومة في آن معاً؟ ام انّ هذا الحوار يُراد له أن يكون تحت سقف المبادرة الفرنسية؟
ثانياً، هل انّ الدفع الفرنسي لإجراء حوار بين اطراف تدرك باريس عمق الخلافات في ما بينها، محصّن بما يجعله حواراً مجدياً ومنتجاً؟ ام انّه يمثل آخر خرطوشة يمكن لفرنسا ان تطلقها في اتجاه الملف الرئاسي، وتلقي من خلالها على اللبنانيين مسؤولية تحمّل النتائج والتداعيات والتبعات؟
ثالثاً، ماذا لو تبيّن انّ هذه الخرطوشة «فشينغ» ولم تصب هدفها، وجاءت النتيجة فشلاً للحوار؟ هل سيقول الخارج انني حاولت وفشلت، وينكفئ تاركاً اللبنانيين يتخبّطون على الخط الرئاسي وفي مهبّ احتمالات وسيناريوهات بوقائع اقوى من قدرتهم على مجاراتها او تحمّلها او التعايش معها؟
رابعاً، قبل الحديث عن اي حوار حول رئاسة الجمهورية سواء دُعي اليه من الداخل او الخارج، هل أنّ المتصارعين على الحلبة الرئاسية راغبون في الدخول في حوار؟ وهل سيتمكن لودريان من أن ياتي بهم الى طاولة الحوار؟
لعلّ عودة إلى قراءة المشهد الداخلي المعقّد والمعطّل منذ ما قبل انتهاء الولاية السابقة، تؤكّد انّه لو كانت ثمة إرادة او رغبة في الحوار لدى الاطراف السياسية، لانعقدت الطاولة الحوارية قبل ثمانية اشهر على الأقل، ومعلوم هنا انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري اطلق سلسلة دعوات في هذا الاتجاه دون أن تلقى استجابة من الاطراف الأساسية المعنية برئاسة الجمهورية، ما حمله في نهاية المطاف، وبعد رفض «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، الى تعليق مسعى كان يحضّر له لجمع الأطراف على طاولة حوار للتوافق على رئيس للجمهورية.
حتى الآن، لم يصدر عن الفرنسيين ما يؤكّد الترجيحات او بمعنى أدق الاشارات حول عزم لودريان في زيارته الثانية الى بيروت المرجّحة في بداية النصف الثاني من الشهر الجاري، على طرح اجراء حوار بين الكتل النيابية يديره رئيس مجلس النواب. كما انّه لم يصدر من الداخل اللبناني ما يؤشر الى تبدّل في مواقف الاطراف الرافضة لمبدأ الحوار. والتي تؤكّد بما لا يرقى اليه الشك، أنّ طريق هذا الحوار شائكة، ومحفوفة بشروط متصادمة قد تنسفه قبل انعقاده.
وشكّكت مصادر سياسية معنية بالملف الرئاسي بإمكان نجاح «حوار لودريان»، وقالت لـ«الجمهورية»: «انّ زيارة لودريان المرتقبة، إن اقتصرت فقط على إجلاس المتصارعين على رئاسة الجمهورية على طاولة الحوار للتوافق في ما بينهم، من دون آلية ضاغطة لفرض هذا التوافق، فكأنّه يضيّع الوقت ويضع فيه مهمّته امام الفشل الحتمي. وخصوصاً انّه في زيارته السابقة استمزج آراء القيادات السياسية حول فكرة اجراء حوار، ووجد نفسه امام حقل من الشروط، ولمس بكل وضوح صعوبة اقناع الاطراف في التراجع والتخلّي عن خياراتها، التي لا يمكن ان تتلاقى لا بالحوار ولا بغير الحوار.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|