هل يستكمل لبنان إقرار الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد والبنك الدولي؟
اقترح تقرير البنك الدولي الذي صدر مطلع شهر اغسطس على لبنان اصلاح المالية العامة لتخفيف آثار عملية التعافي على الشعب، ووضع 3 أهداف رئيسية يجب على الحكومة الالتزام بها في المرحلة القادمة، وهي: استمرار تأمين الخدمات الأساسية بكلفة مقبولة، واعتماد الإنصاف والشفافية في الإنفاق العام، ورفع كفاءة هذا الإنفاق.
كما أشار في معرض توبيخه للسلطة اللبنانية، الى ضرورة استكمال الإصلاحات البديهية، ومنها إقرار قانون الكابيتال كونترول، وتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، وإعادة النظر بالنظام المصرفي.
تأخرت الحكومات المتعاقبة عن القيام بأي خطوة باتجاه الإنقاذ منذ أن بدأت مؤشرات الانهيار في خريف العام 2019، الى أن أقر مجلس النواب التعديلات على قانون السرية المصرفية في 27 يوليو الماضي، وهو ما اعتبر بداية جيدة لسلسلة اجراءات وقرارات الزامية يجب اعتمادها، لاستعادة بعض الثقة بالنظام القائم، بعد أن تلاشت هذه الثقة الى الحدود الدنيا، ووصل الانهيار المالي والتضخم الاقتصادي الى مستويات غير مسبوقة.
المعلومات المسربة عن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي تؤكد أن تفاهما حصل بين الرئيس نبيه بري وقوى برلمانية وازنة على انجاز قانون «الكابيتال كونترول» او ما يطلق عليه «قانون الضوابط الاستثنائية والمؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية»، وشمل الاتفاق الإسراع بإنجاز قانون موازنة العام 2022، قبل الشروع بعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
في المقابل فإن الرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 أكتوبر القادم، وعد الرئيس نجيب ميقاتي بالتعاون لتأليف الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، اذا ما وافق الأخير على إبقاء الوزير الحالي للطاقة وليد فياض في منصبه بالتشكيلة الوزارية.
وهذه الخطوات الثلاث كانت بمنزلة الشروط البديهية التي حددها صندوق النقد الدولي عند التوقيع بالأحرف الأولى على التفاهم مع الحكومة اللبنانية في مايو الماضي.
كما أن البنك الدولي طلب إقرار هذه الخطوات أيضا، للبدء بتمويل استجرار الكهرباء من الأردن بقوة 250 ميغاواط، إضافة الى تمويل ثمن كميات الغاز المستوردة من مصر عبر الأردن وسورية لتغذية محطات توليد الطاقة في لبنان، على اعتبار أن انقطاع الكهرباء كان السبب الرئيسي للانهيار، كما أنه أدى الى إحداث شلل بالحركة الاقتصادية والحياتية برمتها.
ويعتبر شهرا سبتمبر وأكتوبر القادمان من أصعب الأوقات على المجلس النيابي اللبناني، ففيهما يجب إقرار بعض الإصلاحات التشريعية الأساسية للولوج في خطة التعافي، كما على مجلس النواب انتخاب رئيس للجمهورية، وهو ملزم بالشروع بمناقشة البيان الوزاري إذا ما تشكلت الحكومة، ومنحها الثقة او حجبها عنها.
والقوى السياسية الأساسية تتهيب خطورة الوضع، وغالبيتها قابلة لتقديم بعض التنازلات، لأن مؤشرات تفكك الدولة بدأت بالظهور مع توقف عمل الإدارات والمحاكم، وأصبح لبنان قاب قوسين أو أدنى من الارتطام الكبير.
ولا يمكن تجنب هذا الارتطام من دون خطوات انقاذية جريئة، خصوصا لناحية تحسين الجباية وتوفير اعتمادات كافية في الموازنة وفقا لأسعار الصرف الجديدة، لأن الموازنة السابقة مازالت تعتمد على سعر صرف الدولار مقابل 1500 ليرة، بينما قيمته السوقية تجاوزت 34 ألف ليرة.
ليس سهلا على مجلس النواب الحالي إقرار الخطوات الضرورية المطلوبة - لاسيما انتخاب رئيس للجمهورية - لأن الخلافات السياسية بين الكتل الرئيسية تتوسع، وقدرة التعطيل قائمة، لكن ابطاء عملية إقرار الإصلاحات التشريعية والإجرائية الملحة، سيرتب مسؤولية كبيرة على هذه الكتل، لأن قدرة ضبط الشارع أصبحت صعبة جدا، فالقوى الأمنية منهكة، والمأساة المعيشية تتفاقم، وأكثر من 85% من اللبنانيين يعيشون حالة فقر مدقع، بينما ودائعهم محجوزة لدى البنوك، وقانون الكابيتال كونترول الجديد لم يلحظ أي إجراء تجاه تحريرها.
د.ناصر زيدان
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|