الرئاسة في الثلّاجة والحاكمية ضحية جمهورية بلا رأس
لا سباق بين رئاسة الجمهورية وشغور حاكمية مصرف لبنان، فالاستحقاق الاول دخل، او أُدخل، الى الثلاجة، فيما الآخر على نار الجبهات التي يتربص بعضها البعض، فحتى الآن وبعد اقل من اسبوع على بيان نواب الحاكم الأربعة التحذيري، وقبل اسبوعين على بداية العدّ العكسي لخروج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من «قلعته» التي تحصّن فيها على مدى ثلاثين عاماً ودشّمها بأسلحة تحوّلت لغزاً في السياسات النقدية والمالية التي ادّت الى ما ادّت اليه الى اليوم، لا يزال الغموض يلف آلية التسلّم. ومع سقوط احتمالي تعيين حاكم جديد والتمديد للحاكم الحالي، بقي الإجراء الدستوري المتاح هو تسلّم النائب الاول للحاكم وسيم منصوري مهمّات الحاكم بالوكالة، لكن الاخير، وبحسب معلومات «الجمهورية»، يرفض الطريقة التي يريدها بعض القوى السياسية له في التسّلم، وهي دفعه الى الجبهة وتجريده من الأسلحة.
وقالت مصادر نواب الحاكم الاربعة لـ«الجمهورية»: «يتسلّم منصوري مهمّة الحاكم في حالتين: الاولى ان يتمّ إقرار الخطة الاصلاحية والقوانين التي أُحيلت الى المجلس النيابي، ويُطلب منه العمل على اساسها، ونحن سندعمه بكل خطواته. واما اعطاؤه التغطية لخطّة أعدّها واضطلعنا عليها، وهي اجراءات وحلول ليست عاطلة وفق الأصول والمتاح، فيكون هو مسؤول عن السياسة النقدية بغطاء من الحكومة والمجلس النيابي لتسيير البلد بالتي هي أحسن في ظلّ الشغور الذي يتمدّد الى كل المؤسسات.. أما أن يتسلّم منصباً من دون خطة، وممنوع عليه اتخاذ الاجراءات المناسبة وأن يستمر في ما لسنا مقتنعين به، فهذه معضلة حقيقية ولا حماس لمنصوري ولأي منا للتسلّم… فلا مصلحة لأي جهة بتسلّم كرة النار من دون تغطية سياسية ومن دون أدوات، وكل رجل دولة يعلم انّ هذا الامر هو ممر إلزامي لتسلّم مهمّات الحاكمية، فيصبح النائب الاول كمن يُعطى تذكرة سفر ولا مطار ولا طائرة».
على جبهة الاستحقاق الرئاسي، لم يتبدّل اي شيء في مشهد الجمود والانتظار الذي يطبعه، وكان التطور الوحيد امس ما تردّد من معلومات عن انّ اللقاء الخماسي العربي الدولي سينعقد الاثنين المقبل في قطر، وانّ الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان سيشارك فيه ويعود بعده الى باريس ليعود منها لاحقاً الى لبنان.
وكان اللافت امس، ما نقله «موقع لبنان الكبير» عن مصدر سعودي، تأكيده «انّ كل ما يتمّ التداول به عن مبادرات تدعمها المملكة العربية السعودية لتكوين تكتلات نيابية سنّية او غيرها، غير صحيح».
وشدّد المصدر، على انّ المملكة لم تكلّف أحداً أو اي شخصية بتمثيلها او تكوين تكتل او المبادرة، فالممثل الوحيد للمملكة هو السفير السعودي وليد بخاري. وأي مبادرات من اشخاص يدّعون تمثيل المملكة فهي مبادرات «مشبوهة». ولفت الى «انّّ المملكة على موقفها الثابت تجاه لبنان وأمنه واستقراره وإتمام الاستحقاقات الدستورية والاصلاحات والالتفات الى مصلحة لبنان واللبنانيين».
وكان ملف الاستحقاق والمبادرة الفرنسية وما هو منتظر من «لقاء باريس الخماسي» مدار بحث بين السفير السعودي في لبنان وليد البخاري وعضو كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب مروان حمادة، الذي زاره امس في اليرزة.
ونُقل عن حمادة قوله، انّ لودريان سيكون الاثنين في الدوحة لينضمّ للمرة الأولى الى اجتماع اللجنة الخماسية وهو اجتماع مفصلي». ولفت إلى انّ «لودريان سيعود الى بيروت قبل نهاية تموز الجاري وتحديداً بين 17 و26 منه، بعد زيارته لقطر والسعودية، وانّ رعاية الحوار يجب أن تكون من الدول الصديقة للبنان». وأضاف: «الحوار يجب أن يقتصر في هذه المرحلة على الرئاسة، وقبل انتخاب رئيس لا فريق داخلياً محدّداً يمكنه رعايته وطرح السلّة المتكاملة مخالف للدستور ولا لـ«الدوحة 2».
والى ذلك، في الوقت الذي تتحدث معلومات متواترة عن ارتفاع وتيرة التواصل بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، وتشي بإمكان تلاقي الطرفين قريباً للبحث في طريقة التعاطي مع الاستحقاقات الماثلة، والتي يتصدّرها الاستحقاق الرئاسي، قال رئيس «التيّار» النائب جبران باسيل أمس: «عاودنا التحاور مع «حزب الله» في ذهنية إيجاد الحل، ونأمل ان يتكثف هذا الحوار في سبيل ايجاد الحل، ومن الطبيعي تفضيل الحوار على التصادم، والجلسة الانتخابية الاخيرة اظهرت بشكل قاطع انّ مرشح الثنائي اصطدم بحائط مسدود ولم يبلغ العتبة التي تبرّر بقاءه كمرشح، وهذا ما يضعنا امام معادلة جديدة مفادها انّ اي عناد من هذه الجهة سيقابله عناد من الجهة الاخرى، والعكس صحيح، اي مرونة ستُقابل بمرونة على أساس الاتفاق والتلاقي».
واضاف: «لا ننصح أحداً بالمراهنة على تغيير موقفنا لانّ الركائز ثابتة ولا تتبدّل مع الوقت، خصوصاً اذا كان يتعلق الامر بفرض رئيس جمهورية، فرئاسة الجمهورية ليست موضوع بازار سياسي بل موضوع تشاوري تفاهمي، ولا يمكن أن نغطي عملية حذف لمكوّن وطني بكامله، واللامركزية الادارية حق والصندوق الائتماني هو واجب من اجل حقوق المودعين، ولا حياة في لبنان من دون دولة ولن نقبل ان نكون جزءاً من مشروع محاصصة».
وأضاف: «نقدّر كثيراً الجهود الفرنسية وندعو لاستمرارها على قاعدة مساعدة اللبنانيين للاتفاق وليس لفرض رئيس عليهم، والحوار مقبول او مرغوب اذا كان يمرّر حلولاً، لكن مرفوض اذا كان لتمرير الوقت وانتظار ظروف ليتمكن فريق من فرض مرشحه».
وفي غضون ذلك، فيما ينشغل الداخل اللبناني بأزمة الرئاسة وينتظر حوار لودريان الذي لم تتضح معالمه بعد، بقيت الأنظار موجّهة الى الجنوب اللبناني وبالتحديد الى قرية الغجر، حيث فشلت الوساطات الديبلوماسية في ازالة الخيمتين اللتين نصبهما «حزب الله» في مزارع شبعا مقابل النقطة التي تمدّد فيها جيش العدو الاسرائيلي في بلدة الغجر وقضمه الجزء اللبناني منها، في خرق فاضح للقرار 1701 والخط الازرق، ويُعمل حالياً على اتفاق يقضي بعودة الارض التي قضمها العدو الى السيادة اللبنانية مقابل إزالة الخيمتين اي معادلة win win ( رابح رابح) لتسوية الامر.
واستبعد مصدر عسكري رفيع في حديث لـ«الجمهورية»، ان يؤدي هذا الامر الى حرب. مؤكّداً «انّ الامور تحت السيطرة، وانّ المأزق الذي وصلت اليه اسرائيل جعلها تحتاج لأي حل يُنزلها عن الشجرة بعدما تمكّن الجيش والمقاومة من تحقيق انتصار في سياسة الردع في المنطقة».
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|