"الحزب" و"الغرام الأميركي" في الجنوب
هل هي صدفة أن يصل إلى تل أبيب، عشية ذكرى اندلاع حرب تموز، الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين؟ ما ينفي طابع الصدفة، أنّ مهمة مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة، الذي يحتل مكانة رفيعة في لبنان وإسرائيل بعد الترسيم البحري الذي أنجزه بينهما، أنّ وصوله المفاجئ إلى الدولة العبرية مرتبط بتوتر بدأ ينذر بشيء من تموز 2006.
في ظاهر الأمور، ومنذ نشأة الجمهورية الإيرانية عام 1979، كانت عبارة «الموت لأميركا» فاتحة النشيد الوطني للدولة الفارسية. أمّا خاتمته فهي «الموت لإسرائيل». ومع مرور الزمن الذي بلغ اليوم 44 عاماً، تبيّن أنّ هذَين الشعارَين هما أحياناً من نوع «ومن الحب ما قتل». كما أنّهما أيضاً، وعلى الطريقة اللبنانية «تقبرني». فهل هناك دفء حب دفيء تحت قشرة شعاريّ «الموت»؟
في اعتقاد كثيرين في البيئة الحاضنة أو المحيطة بالتنظيم الشيعي المسلح الذي يتصل مباشرة بـ»فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، أنّ «الحزب» في لبنان وبعد انطلاقته قبل نحو 40 عاماً، صارت له أدوار لم يتصور أحد أنّها ستكون له في يوم من الأيام. في طليعة هذه الأدوار، أنّ «الحزب» يمثّل الذراع القوي لطهران خارجياً. كما أنّ هناك دوراً بارزاً لـ»الحزب»، هو أنّه حارس الاستقرار على الحدود الجنوبية. وهذا الدور الأخير بوّأه، كما قال مسؤول كبير سابق في حركة «أمل» رحل عن عالمنا العام الماضي، أن يصبح الذراع القوي لضمان الهدوء بين لبنان وإسرائيل.
بالطبع، يرفض «حزب الله» إطلاقاً أن يقال أنّه يقوم بهذا الدور في جنوب لبنان. بل على العكس، هو يتباهى يومياً بتوازن الرعب الذي أنشأه بعد العام 2000 بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لما تبقى من الجنوب، وتكريس هذا التوزان في حرب تموز 2006. ولهذه الغاية، قدّم في الأسابيع الأخيرة شواهد على مثل هذا التوزان ما أدّى إلى تدخّل وسيط البحر الأميركي ليكون وسيط البرّ هذه المرة.
في المقابل، هناك شواهد تروى في مجالس البيئة الحاضنة لـ»الحزب» أو المحيطة به. ومنها، إنّ «فضل» هذا التنظيم لا يضاهى في هذه الأيام في ضبط الحدود الجنوبية، فلم تمتد إليها حتى الآن حرائق «وحدة الساحات»، بدءاً من غزة وصولاً إلى صور. ومن الشواهد أيضاً، والمعززة بالمعلومات، أنّ أي تنظيم فلسطيني في مخيمات لبنان عموماً، والجنوب خصوصاً، لا يتحرّك خارجها إذا كانت وجهته الجنوب إلا بإذن من «الحزب». وفي رأي هذه المجالس، أنّه على امتداد تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي منذ نشأة الدولة العبرية عام 1948، لم يحظ الجنوب بنفوذ قوة وحيدة كتلك التي يمثلها التنظيم الشيعي. وما أعطى لهذا النفوذ تأثيراً، أنّه لم يعرف لبنان طوال 75 عاماً تقريباً قوة مسلحة في الجنوب، هي من نسيج أكثرية السكان، أي الشيعة.
بالعودة إلى المسؤول السابق في حركة «أمل»، فهو كان يردد دوماً أنّ العبء الأكبر من موازنة قوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب (اليونيفيل)، تتحمله الولايات المتحدة. وهنا نتحدث عن مئات الملايين من الدولارات التي أنفقت على هذه القوات منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي. لكن القوات الدولية لم تمنع نشوب حرب 2006. كما أنّها غير قادرة على منع نشوب حرب جديدة.
إنّ «حزب الله» وحده هو القادر على شن الحرب أو لجمها. لكن ثمن هذا الدور، مهما بلغ الغرام الأميركي به، سيكون حتماً من جيب لبنان.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|