الحالة الإنتظاريّة: إلى متى؟
كتب رامي الرّيس في "نداء الوطن":
إذاً، لا مخرج يُتوقع قريباً من الأفق السياسي والدستوري المسدود (عن عمد بطبيعة الحال وقياساً لطبيعة الممارسات السياسيّة اللبنانيّة)، ما يعني إبقاء البلاد رهينة المزيد من التقهقر على مختلف المستويات التي ستأخذ منعطفات جديدة مع قرب انتهاء ولاية حاكم المصرف المركزي.
الأزمة المستعصية في أوجهها المتعددة، ليست مستعصية بطبيعة تكوينها، لا بل هي قابلة للحل، إلا أنّ سلوك طريق العلاج يتطلب خطوات حازمة ومتلاحقة وجريئة، ويتطلب بالدرجة الأولى وجود مرجعيّات مسؤولة ونزيهة قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة والذهاب في مسارات تنفيذها حتى النهاية.
حالة الاستسلام السياسي للقدر، إذا صح التعبير، لا تؤدي الّا إلى مزيد من القهر للبنانيين وإلى تعميق الأزمة وتعقيدها لا سيما مع تمدد حالة الانحلال، لا بل الانحطاط، إلى مختلف إدارات الدولة ومؤسساتها، في ظل غياب أي رؤية جدية حيال هذا الأمر.
والحالة الانتظاريّة التي تعتمدها بعض القوى السياسيّة (التي غالباً ما تتهم الآخرين بالعمالة والارتهان إلى الخارج) بحيث أنّها تتوقع نضوج تسوية دوليّة معيّنة تفضي إلى انتخاب مرشحها الأوحد، باتت أيضاً تطرح علامات استفهام كبيرة حول مآلات الأمور ومساراتها المستقبليّة في ظل تعاظم الشكوك حول الصيغة والاستيلاد شبه اليومي لصيغ سياسيّة أقل ما يُقال فيها أنها مريضة وانعزاليّة وتقسيميّة.
ولكن، ماذا لو لم تتبلور التسوية السياسيّة الخارجيّة المنتظرة واستمر ارتهان المؤسسات والتنكيل بالدستور في الداخل؟ وماذا لو بقي الملف اللبناني في قعر الاهتمامات الدوليّة بحيث تأخرت المخارج المتوقعة؟ باستثناء فرنسا، لا يمكن القول إنّ ثمة تحركات سياسيّة أو ديبلوماسيّة جديّة في الملف الرئاسي اللبناني.
أمّا الحراك الفرنسي، فله ما له من اشكاليّات على ضوء الانحياز إلى مرشح معيّن دون سواه ومحاولة تسويقه لدى الآخرين بدل الوقوف على مسافة واحدة من الجهات المتناقضة والدفع في اتجاه اختيار شخصيّة حياديّة يمكن أن يُشكّل انتخابها مدخلاً حقيقيّاً للخروج من الواقع الراهن والتأسيس لحقبة جديدة على مختلف المستويات.
ثمّة شخصيّات لبنانيّة عديدة تتمتّع بالكفاءة المطلوبة للقيام بهذه المهمة، وهي تمتلك حيثيات ومواصفات تخولها ألا تشكّل استفزازاً أو قلقاً لأي من الأطراف اللبنانيّة التي تتوجس من بعض الأسماء والتي تعطّل انتخاب الرئيس. ولعل عدم التفات باريس لأي منها له أسبابه المصلحيّة التي لا تتقاطع حتماً مع المصلحة الوطنيّة اللبنانيّة.
بات واضحاً أنّ موازين القوى المحليّة غير قادرة على فرز واقع سياسي جديد. طبعاً، هذا لا يعني الذهاب إلى انتخابات نيابيّة مبكرة لأنّ طبيعة النظام الدستوري والديمقراطي اللبناني لا تتيح ذلك، ولأنّ الفكرة بحد ذاتها لن توفر المخارج المطلوبة للأزمات الراهنة. وأيضاً، لأنّه ليس هناك ما يضمن، في حال حصولها، أن تحدث تغييرات جوهريّة في طبيعة تركيبة المجلس النيابي أو أن يشهد الواقع السياسي على دخول وجوه تغييريّة جديدة.
أساساً، إنّ الجانب الأكبر من مؤيدي الثورة لم يخرجوا بعد من صدمة تراجع التوقعات من النواب التغييريين الذين لم ينجحوا في التفاهم ولو على ملف واحد، ما عكس شعوراً بأن كل الانتقادات التي سيقت ضد الأحزاب «التقليديّة» أثناء الحملات الانتخابيّة لا تعدو كونها مجرّد أدوات «لركوب الموجة» الشعبيّة والدخول إلى المجلس النيابي.
المهم الآن أنّ الآفاق المسدودة لا يمكن أن تبقى مقفلة بهذا الشكل إلى ما لا نهاية. البداية من انتخاب رئيس موثوق ومسؤول لإعادة الثقة المفقودة والبناء من الصفر.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|