"أنا عالقلم والورقة درزي وزوجتي شيعية"...زواج مدني في ضهور الشوير
"اللي بيجمعو الحبّ ما بيفرقو اللّه، هي جملة أمّي وهي من خلفيّة دينيّة محافظة"، تقول مدرّسة اللغة الانكليزية نجوى سبيتي التي تزوجت من حبيبها أستاذ الرياضيات عمر عبد الباقي مدنياً على الأراضي ال#لبنانية ولكن افتراضياً في آن!
أتمّ الزواج قاضٍ أطلّ عبر الشاشة من ولاية يوتا الأميركيّة في احتفال حاشد ببلدة ضهور الشوير، جرى تناقل مشاهده عبر مواقع التواصل.
لم يكن للزوجين سوى اللجوء إلى الزواج المدني بطريقة "ذكيّة" للهروب من واقع المنع والضائقة الاقتصادية. فقد حاول عبد الباقي "الدرزي على الورق"، كما وصف نفسه، أن يلجأ إلى عالِم دين من الطائفة الشيعيّة الذي قال له إن الزّواج من حبيبته لا يصلح في لبنان إلّا إذا "تشيّع"، "أنا عالقلم والورقة درزي وزوجتي شيعيّة وأكيد هيدا شي مُعرقل بلبنان ولازم روح عالمحكمة الجعفرية"، حسب تعبيره.
ويتم تسجيل هذا الزواج قانونيًا في الدولة اللبنانيّة مثل الزيجات المدنية التي تعقد في قبرص وغيرها، وفق الزوجين.
يقول عبد الباقي: "إمكانيّة السفر صعبة بسبب تكلفتها الباهظة، وكذلك أزمة جوازات السّفر دفعتنا للّجوء إلى الزواج الافتراضي".
في حديثهما إلى "النهار"، يُقول الزوجان: "نحن أشخاص راشدون ولدينا تجارب، ولا يمكن لأي أحد إن كان سلطة دينيّة أو مجتمعيّة أن يقف أمام هذا الزواج، كما أن محيطنا العائلي والاجتماعي تقبّله ولم نجد صعوبة من هذه الناحية".
لكن ما استاء منه عبد الباقي أن البعض، خصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعي، يصدر أحكامًا بحقّيهما معتبرين هذا الزواج "باطلًا"، وأنّهما "خارجان عن الدّين"، وفق تعبيره.
وترى سبيتي أن "الزواج هو الالتزام بالشخص الآخر وكفى، هذا خيارنا ونحن نريد أن نتزوج على الأراضي الّلبنانية وأن يُسجّل زواجنا في الدولة اللبنانيّة"، مؤكدة مطالبتها بفصل السلطة الدينيّة عن الدولة.
طالب الزوجان المنتميان الى "الحزب السوري القومي الاجتماعي" المنادي بالعلمانية بدعم هذه الخطوة للإضاءة على الزواج المدني والطّرق القانونية السهلة لإتمامه، خصوصًا من أولئك الذين يطالبون بالدولة المدنيّة.
يمكن القول إن سبيتي وعبد الباقي اخترعا فكرة للهروب من واقع منع الزواج المدني. وقد تفتح الخطوة المجال لكثيرين ممّن لا يجدون سبلاً للزواج المدني بطريقة قانونيّة بسبب الضائقة المادية.
وتتجه الأنظار إلى الخطوات التي ستقوم بها السلطات الدينية والرسمية لعرقلة هذا العقد "الافتراضي" رغم صعوبة الأمر كما يبدو حين تصدر ورقة الزواج من محكمة أميركية، ويقوم الزوجان بطلب تسجيله في لبنان كشأن الأزواج الذين يعقدون زيجاتهم في محاكم خارجية.
وفي وقت سابق، لجأ أشخاص إلى شطب قيدهم الطائفي لإتمام زواجهم على الأراضي اللبنانية، لكن السلطة عرقلت تسجيل زيجاتهم.
وتأتي الخطوة مع تصاعد الجدل المزمن مجدداً حول إقرار الزواج المدني الاختياري في لبنان، وخروج أصوات رجال الدين المعارضة بشدة للخطوة.
تعقيبًا على هذه الخطوة، يقول جوزيف بشارة، الكاتب العدل والرئيس السابق لمجلس كتاب العدل، لـ"النهار" أن هذا الزواج يشير إلى الدخول في مرحلة جديدة "فبعد أن ألغى التطور التقني والتكنولوجي مفهوم المسافات والحواجز في مجال التواصل، بدأ ينتقل هذا الأمر إلى المجال القانوني ومجال التوثيق، وتحديدًا توثيق العقود عن بُعد. فاعتمدت بعض الولايات الأميركية هذا المعيار وسمحت بتنظيم هذه الزّيجات من دون وجود أي رابط معها (جنسية أو إقامة)".
والزواج المدني بهذه الطريقة، بحسب بشارة، طُرح سابقًا بشكل قانوني ومدعّم بواسطة ضابط عمومي لبناني ومن خلال المؤسّسات اللبنانية، "وتمت عرقلة الأمر بشكل منافٍ لمنطق الدستور الذي أعطى هذا الحق. ما يؤكّد أن المنطق المتحجّر لا يحسن مواكبة التطورات وقيادة التحولات بشكل إيجابي".
ويعتبر بشارة "أننا أمام خيار جعل هذه القاعدة القانونيّة في لبنان تحضن كل اللبنانيّين على اختلاف آرائهم وعقائدهم، وإمّا ممارسة التعسّف عبر نفي وجود الآخر أو دفعه عنوةً إلى الذهاب إمّا لبلد خارجي وإمّا لموظف أو ضابط عمومي خارجي كما حصل مع عبد القادر وسبيتي".
والحل المثالي، بحسب بشارة، هو "بتبنّي المؤسّسات اللبنانيّة لأبنائها وجعلهم يمارسون حقوقهم على الأرض اللبنانية ومن ضمن المؤسّسات اللبنانية".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|