نواب الحاكم فضحوا نواب الأمة
هل يبدأ الانهيار الحاد مع انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الاسبوع المقبل أم مع نهاية فصل الصيف وجفاف اموال السياحة؟ او مع توقف استخدام اموال المودعين للحفاظ على الاستقرار النقدي؟
سقط القناع مرة اخرى عن مجلس النواب الذي تستّر منذ اندلاع الازمة على موضوع هدر اموال المودعين حاملاً شعار حمايتها والحفاظ عليها اعلامياً فقط وبالشعارات الفارغة غالباً. فهو والحكومة اليوم امام اختبار التشريع لمواصلة استخدامها بهدف الحفاظ على الاستقرار النقدي وسط تمسك نواب حاكم مصرف لبنان بقرار عدم المسّ بالاحتياطي من دون قانون صادر عن مجلس النواب او تغطية حكومية لها قوة قانونية يعتد بها.
« سواء استلم نواب الحاكم او تمّ تعيين حاكم جديد الأمر سيّان، لأن الطبقة السياسية تريد الاستقرار النقدي على حساب ما تبقّى من أموال المودعين، وفي نفس الوقت تدّعي أنها تطالب بالحفاظ على أموال المودعين». هذا ما يرجح حصوله النائب ميشال ضاهر الذي سأل «لماذا يصرّ المسؤولون اللبنانيون على تضليل الرأي العام وامتهان الكذب والدجل عليهم؟» معتبراً ان الطبقة السياسية مصابة «إما بالغوغائية السياسية او بانفصام في الشخصية او بالاثنين معاً، فيما الانهيار الحاد قد بات على الابواب».
وبما ان الاصلاحات المطلوبة منذ سنوات على اندلاع الازمة لم تجد عاقلاً ضمن الطبقة الحاكمة يفرض اقرارها لوضع البلاد على سكة الاصلاح، فان خطة او شروط نواب الحاكم لاستلام سدّة حاكمية البنك المركزي هي ايضا لن تنفذ ضمن مهلة الستة اشهر التي حددوها ولا حتّى بعد تلك المهلة.
عندما كانت البيئة مؤاتية لاقرار تلك القوانين بوجود رئيس للجمهورية وحكومة فعالة ومباحثات جدّية مع صندوق النقد الدولي، امتنع مجلس النواب عن اقرار الشروط المسبقة لصندوق النقد مثل الكابيتال كونترول واعادة هيكلة القطاع المصرفي والتوازن المالي، وهي الشروط نفسها التي حددها نواب الحاكم. فكيف الحال اليوم في ظلّ الفراغ الرئاسي وتصريف الاعمال وانشغال الطبقة السياسية في البحث عن جهات لتحميلها مسؤولية الوضع الحالي والقاء المسؤوليات على عاتقها عبر تقاذفها في ما بينها؟
في هذا الاطار، افادت مصادر مطّلعة على مجريات اللقاء الذي جمع نواب الحاكم بالرئيس نجيب ميقاتي امس، ان ميقاتي شدد على ان الوضع الحالي غير مؤات اليوم لتهديد الاستقرار النقدي القائم بالحد الادنى في السوق قبل انتخاب رئيس للجمهورية، معتبراً ان الاولوية اليوم لانتخاب الرئيس وعدم تعكير صفو الامور. مما يعني عدم المساس بعمل صيرفة بالطريقة التي تعمل بها حالياً ولو انها غير قانونية كونها وجدت حلًّا لرواتب القطاع العام والتجار والمصارف. واشارت الى انه في غياب البديل عن صيرفة للقطاع العام، لا يمكن وقفها. وبما ان نواب الحاكم يرفضون المسّ بالاحتياطي من دون قانون يشرّع لهم ذلك، فان ردّ ميقاتي كان ان سياسة الحكومة تحددها بنفسها، وبالتالي منح ميقاتي نواب الحاكم نوعاً من الغطاء الحكومي لاستخدام الاحتياطي لزوم صيرفة لان مجلس النواب لن يشرّع بغياب رئيس للجمهورية.
من جهته، اعتبر ضاهر ان الانهيار الحاد سيبدأ عندما يتم التوقف عن استخدام اموال المودعين مؤكداً «اننا امام خيارين بوجود 9 مليارات دولار من الاحتياطي في البنك المركزي: إما الاستمرار بهدر اموال المودعين للحفاظ على الاستقرار النقدي وهو الامر الذي أخذه رياض سلامة على عاتقه، والذي يرفضه نواب الحاكم ويؤكدون عدم استعدادهم لانفاق دولار واحد من الاحتياطي إلا بموجب تشريع، او اقرار قانون اقراض مصرف لبنان الدولة 1,2 مليار دولار للحكومة مدة 6 اشهر لتسديد متوجبات «وهو الامر الذي لن يوافق عليه مجلس النواب الذي يحمل شعار عدم المساس باموال المودعين». وبالتالي رأى ضاهر ان على الدولة تحمّل واجباتها لتأمين الايرادات من الاملاك البحرية ووقف التهريب والتهرب الضريبي وغيرها بدلا من التعويل على البنك المركزي لتمويل عجزها من اموال المودعين.
وقال ضاهر لـ»نداء الوطن» ان القناع سقط اليوم عن مجلس النواب الذي طالما تحجج بالحفاظ على اموال المودعين وهو في الوقت نفسه صامت بوجه هدرها ويلقي اللوم والمسؤولية على رياض سلامة بدليل مقولة احد النواب: «خلّونا نترك الحاكم لنضلّ نمسّح فيه!».
واشار الى انه لم يعد بالامكان اليوم القاء تهمة الاستمرار باستخدام اموال المودعين على سلامة، بل اصبح النواب امام خيار اتخاذ قرار بتشريع استخدام تلك الاموال او المواصلة بالنفاق والكذب، لان اي حاكم جديد لن يقبل بمواصلة هدر الاحتياطي من دون تشريع البرلمان والحكومة.
وسأل ضاهر: مَن من النواب سيتجرّأ على اقرار هذا التشريع وهو يصرّح يومياً بضرورة الحفاظ على اموال المودعين؟ متوقعاً ان تحول عدم شعبوية هكذا تشريع دون اقراره. اما في حال التذرع بتسديد رواتب القطاع العام لاقراره، «لتقم الحكومة بواجباتها بدلاً من ذلك وتعمل على تحصيل عائداتها بدلا من الاتّكال على البنك المركزي واموال المودعين لتغطية عجزها وتحصيل رواتب القطاع العام!».
اوضح عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال ان التدهور في سعر الصرف سيبدأ مع توقف عمل منصة صيرفة حتّى لو تم استبدالها بمنصة جديدة، ولكن من دون التدخل بالسوق عبر ضخ السيولة المطلوبة تطبيقاً لمبدأ عدم مخالفة القانون والمسّ باحتياطي البنك المركزي اي اموال المودعين، سيؤدي الى نقص حاد في السوق بالسيولة المطلوبة لتلبية الطلب الكبير على الدولار، والمقدر بحوالى مليار دولار شهريا منها 800 مليون حاجات الاستيراد و200 مليون لتمويل متطلبات الدولة. لافتاً لـ»نداء الوطن» الى ان انفاق المغتربين يغطي حالياً جزءاً كبيراً من الطلب على الدولار في السوق، ولكن مع منتصف آب، سيتراجع بشكل كبير عرض الدولارات، وستعود الفجوة في السيولة المطلوبة لتبلغ حوالى 400 مليون دولار شهرياً. مؤكداً انه في حال توقفت صيرفة عن تأمين تلك السيولة، فان انفجار الوضع المالي والنقدي لا مفرّ منه.
رنى سعرتي - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|