عربي ودولي

الحرب العالميّة الكبرى: النّفط والغاز vs الطّقس والبيئة والإنسان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعيداً من الحسابات السياسية، نسأل عن كيف يمكن تحقيق الحياد الكربوني على مستوى عالمي ناجح، طالما أن الدول النفطية المستعدّة لاستعمال النّفط كسلاح، وكأداة للحصول على مكاسب جيوسياسية منذ عقود، هي نفسها التي تسابق الجميع على مؤتمرات المناخ، وعلى التأثير في تأجيل المواعيد النهائية لبعض مقرّراتها، وعلى إبرام اتّفاقات تتعلّق بالطاقات النّظيفة، وهي تلك الدول نفسها التي "يحجّ" بعض أكبر المسؤولين الدوليين إليها بين الحين والآخر، ويحقّقون كل أو معظم ما تريده ومهما كانت كلفته البيئية باهظة، نظراً لثرواتها وقوّتها المالية؟

وكيف يمكن النّجاح في تخفيف حدّة الضّغط المناخي، إذا كانت أكبر الدول النّفطية نفسها لا تزال تطالب بزيادة الاستثمارات في مجال الطاقة الأحفورية لرفع إنتاجها، وذلك بمعزل عن أن الهدف الحقيقي لتخفيض تلك الدول إنتاجها من النفط هو رفع الأسعار، فيما هي تتذرّع بنقص الاستثمارات؟

وكيف يمكن النّجاح في معالجة مفاعيل "الغليان العالمي"، طالما أن الحكومات حول العالم "تنام مرتاحة"، وهي لا تضغط من أجل إصدار التشريعات اللازمة للتخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري في بعض المجالات بالكامل، ولتخفيف استعماله الى الحدّ الأقصى في المجالات التي لا يمكن الاستغناء عنه فيها، بالكامل؟

وماذا عن شركات النفط الكبرى التي تسيطر على السياسات العالمية؟ وماذا عن المصانع والمؤسّسات المُلوِّثة التي تعمل من دون أي توقّف ليلاً ونهاراً، في كل البلدان؟ وماذا عن بعض الأفران، والمطاعم، والباتيسري... التي لا تُقفِل أبداً، أو تلك التي تعمل بساعات طويلة جدّاً، وهي تحتاج الى الكهرباء، ومكيّفات الهواء، والكثير من القطع والآلات، والإنارة... والى الكثير من الأمور المُسبِّبَة لحرق الوقود الأحفوري بشكل مستمرّ وبكميات هائلة، كل أيام السنة، والتي لا يوجد ما يُلزمها حتى بتقليص ساعات إنتاجها في اليوم الواحد ولا بمقدار ساعة واحدة؟

الكلام يطول ويطول، والأمثلة تكثر وتطول، والنتيجة واحدة، وهي أن سُبُل إنقاذ الطبيعة والإنسان من الجحيم المناخي الذي يهدّدهما، سجينة الالتزامات والتواقيع الورقيّة، لا أكثر.

شدّدت الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر على أن "هذا الموضوع مُعقَّد جدّاً. فعلى سبيل المثال، تسيطر الصين على إنتاج ألواح الطاقة الشمسية التي تنتج طاقة نظيفة. ولكنّها تستعمل الوقود الأحفوري بكميّة كبيرة لصناعة تلك الألواح، أي انها تلوّث بما يساعد على إنتاج طاقة نظيفة في وقت لاحق".

وأكدت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الدول النامية تقع تحت رحمة الدول المتطوّرة. فهذه لديها ثروات إما تجهلها، أو لا تستطيع استغلالها بسبب الفساد الذي يتحكّم بها. ولكن إذا عرفت كيف تستثمر تلك الثروات، فبإمكانها التخفيف من الانبعاثات الضارّة كثيراً، وتحقيق التعدُّد في مصادر الطاقة بشكل يؤمّن لها الاستقرار الطاقوي، والاستقلالية الطاقوية. وهذا أمر مهمّ جدّاً، تعلّمت أوروبا نفسها أهميّته بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والاضطرار الى البحث عن مصادر بديلة من الغاز الروسي. وبالنّسبة الى لبنان، نجد أنه بلد غنيّ جدّاً بالشمس والرياح والمياه، والتنوّع في مصادر إنتاج الطاقة فيه سيكون مهمّاً جدّاً له، من أجل الابتعاد عن التلوّث الذي تتسبّب به المولّدات ومعامل الكهرباء".

ولفتت أبي حيدر الى أن "التحوُّل في مجال الطاقة ليس عاملاً وحيداً للتقدّم في حماية المناخ، بل لا بدّ من الاهتمام أيضاً بأهمية التشجير، وبكيفية استخدام المياه، وبإنشاء نقل مشترك فعّال يخفّف من الحاجة الى اقتناء سيارات عدّة لمنزل واحد. فضلاً عن أن تخفيف انبعاثات المصانع والمؤسسات الملوِّثة مهمّ جدّاً في هذا المجال أيضاً. وهنا نذكّر بالتقارير التي رافقت مدّة الحَجْر العالمي خلال حقبة تفشّي جائحة "كوفيد - 19"، والتي أظهرت بالملموس كيف ساهم (الحَجْر) بتخفيف نِسَب التلوّث والانبعاثات، والضّغط على الطبيعة والمناخ".

وأشارت الى أن "التشريعات مهمّة جدّاً، ولكنّها لا تكتمل إلا بوعي المواطن أيضاً، وببعض المحفّزات التي تشجّعه على تغيير سلوكياته الطاقوية، أو بالقوانين التي تردعه وتعاقبه عندما يخالف. ولكن هذه كلّها غير متوفّرة في لبنان مع الأسف، وفي دول أخرى مثله".

وردّاً على سؤال حول صعوبة زيادة الضّغط على شركات النّفط العالمية، وعلى المُنتجين والعاملين الكبار في مجال الوقود الأحفوري من أجل التخفيف على المناخ، أجابت أبي حيدر: "هذا صعب كثيراً، لا سيّما أن الشركات والمؤسّسات النّفطية الكبرى تقوم على ميزانيات ومشاريع ضخمة، وهي من صانعي القرار حول العالم".

وأضافت: "عندما يحصل لبنان على منح لمشاريع إنمائية، تأتيه تلك الأموال إما عن طريق الإتحاد الأوروبي، أو الولايات المتحدة الأميركية إجمالاً. ويكون مصدر المنح الأوروبية مثلاً، الأموال التي تُجبى من الضرائب التي تدفعها الشعوب الأوروبية، أو من تلك (الضرائب) التي تدفعها الشركات العاملة في أوروبا، والتي تتسبّب بانبعاثات ضارّة، إذ إن بعض القوانين الأوروبية تغرّم تلك الشركات، وتُعطي أموال الغرامات للدول النامية لتستثمرها في مشاريع تخفّف من الانبعاثات. ولكن رغم ذلك، من المستبعد الذهاب بما هو أبْعَد من ذلك عالمياً، لِلَجْم تلك الشركات".

وختمت: "لا مهرب كاملاً من الوقود الأحفوري، ولكن يمكن العمل على تخفيف استهلاكه عبر الطاقات النّظيفة من أجل البيئة والمناخ، خصوصاً أن مفاعيل التلوث ليست محصورة في بلد واحد، بل تشمل كل الدول المحيطة به، والعالم. ومن هنا، لا بدّ من إقرار كل التعهدات الدولية في مجال البيئة والمناخ بتشريعات محلية تواكبها داخل كل دولة. فالطقس بات قاسياً جدّاً على مستوى عالمي، ولا بدّ من الإسراع في الحلول".

 أنطون الفتى -"أخبار اليوم"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا