مقايضة... ونُصّ
فجأةً، ومن دون سابق إنذار، قَلبَ رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الطاولة على «المتقاطعين الجدد» معه، فأطاح «مرشح التقاطع»، وزير المال السابق جهاد أزعور، معلناً القبول بأيٍّ كان إذا ما تمت تلبية ثلاثة شروط: اللامركزية الادارية الموسعة، الصندوق الإئتماني، الإصلاحات.
يعرف باسيل في قرارة نفسه أنّ الشروط التي يطرحها عصيّة على التحقق، فاللامركزية الادارية الموسعة لا معنى لها إذا لم تكن مقرونة باللامركزية المالية، فهل يقبل بها رئيس مجلس النواب نبيه بري؟ وهو الذي يتمسك بالتوقيع الثالث ولا سيما في قضايا المال؟ وهل يقبل بها «حزب الله»؟ هذا من دون أن نتحدّث عن رفض المكوِّنات الأخرى.
بالنسبة إلى الصندوق الإئتماني، فإنّ اقتراح قانون في شأنه، موجود في أدراج مجلس النواب منذ عشر سنوات، وهو من الملفات التي تُطلَق عليها صفة «الملفات النائمة»، وعليه فإنّ مَن تجاهله لعشر سنوات، لماذا يحييه اليوم؟
أمّا الإصلاح فعنوان كبير من دون مضمون، بدليل أنّ كل الحكومات المتعاقبة وضعته في بياناتها الوزارية، خصوصاً بعد العام 2005، حين كانت تشكَّل حكومات من دون وصاية سورية، لكنه بقي حبراً على ورق.
ماذا يعني كل ما سبق؟ لم يجد معظم الذين حلَّلوا هذه الطروحات، سوى اعتبارها «جوائز ترضية» لاحقة لنزول باسيل عن شجرة رفضه ترشيح سليمان فرنجية، ومن دون «جوائز الترضية» هذه، ماذا سيقول لتياره ونوابه وتكتله؟ وبالمناسبة، فإنّ هذا الطرح الجديد تمّ من دون عِلمِ نواب «التكتل»، ويجزم أكثر من نائب في التكتل، أنّ باسيل لم يفاتحهم بهذا الطرح الجديد، وفوجئوا به مثلهم مثل غيرهم.
لكن من الأسئلة التي لا بد من طرحها حيال هذا السيناريو، هل يكفي ان يتفق ثنائي «حزب الله»- «التيار الوطني الحر»، لحلحلة معضلة إنتخاب الرئيس؟ ما يفعله الوزير جبران باسيل هو بمثابة استباق للزيارة الثالثة للموفد الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جان إيف لودريان، في أيلول المقبل، وإسقاط من جانب واحد لمرشح التقاطع جهاد أزعور. ألم يقل باسيل سابقاً: «نتنازل عن أزعور إذا تنازلوا عن فرنجية؟» فما عدا مما بدا؟ هل لأنه أدركَ أنّ «حزب الله» لن يتنازل عن فرنجية فتراجع هو؟
كما أن طرح باسيل يخالف بيان اللجنة الخماسية في الدوحة والذي وضع خارطة طريق لانتخاب رئيس.
وفي العودة إلى «ثلاثية الشروط»، هل يضمن باسيل أن تصدر قوانين اللامركزية والصندوق الإئتماني والإصلاحات، مع مراسيمها التطبيقية؟ فإذا لم تصدر هذه المراسيم، تكون هذه القوانين قد انضمت إلى ما سبقها من عشرات القوانين التي تقبع في ادراج مجلس النواب، خالية من المراسيم التطبيقية، وعلى سبيل المثال لا الحصر «محافظة كسروان جبيل»، ويذكر الجميع التهليل الذي قوبلت به «المحافظة» حين أُقرَت، لكن مراسيمها التطبيقية لم تصدر، ما جعلها «بيع سمك في البحر».
النائب جورج عطالله الذي يُعتبر من الحلقة الضيقة حول باسيل، نعى اللامركزية في الوقت الذي يطرحها باسيل، فكشف أنّ «طرح اللامركزية عُرض في اللجان النيابية، لكن الطرف الشيعي كان غير موافق عليه، وأحد الاسباب لرفضه وجود فئة تعيش على حساب أخرى».
السؤال هنا: هل يناور باسيل؟ هل يُقطِّع الوقت للوصول إلى كانون الثاني، موعد خروج قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى التقاعد، فيكون بين آب وكانون الثاني قد أزاح مرشحَيْن من طريقه: رياض سلامة وجوزاف عون؟
جان الفغالي - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|