"ظاهرة النينو" ستؤثر على الغذاء في العالم... وارتفاع هستيري بأسعار السلع الضروريّة
يُنذر الارتفاع غير الاعتيادي بدرجات الحرارة، الى تضخم مرتَقَب بأسعار السلع والمواد الغذائية. فالتوقعات بصيف حار وجاف صدقت، الا ان القيظ الشديد يتوعّد البلدان المنتجة لبعض أنواع المحاصيل الهامة، التي ستتأثر بشح المياه الناتج عن القحط. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية "ان أنماط الطقس المستجدة ، يمكن ان تقلب مناطق انتاج الغذاء الرئيسية اليوم رأسا على عقب".
بالموازاة، كانت سجّلت درجات الحرارة مؤخرا مستويات عالية في مناطق مختلفة حول العالم، ومن المتوقع ان تؤثر هذه الظروف الجوية المتطرفة سلبا على الفلاحين في مناطق انتاج الغذاء والسلع الهامة والأساسية. وفي هذا السياق، اشارت الصحيفة الى ان تضرر النِتَاج في ولاية كانساس متوقع، بسبب تعرض أغلبية مناطق الولاية للجدْب. لذلك ستنخفض غَلّة القمح في الولاية الى معدلات تاريخية هذا الشتاء، بنسبة 22 في المئة عن العام الماضي وفقا لوزارة الزراعة الأميركية.
تطرف مناخي غير مسبوق!
وبحسب العلماء، فإن "ظاهرة النينو" تحدث بشكل دوري في المحيط الهادئ، وهذه الحالة الطبيعية ينتج عنها ارتفاع بدرجات حرارة سطح المياه في مناطق مختلفة من المحيط، الامر الذي يؤدي الى تبدّل في العوامل الجوية كالحرارة، الضغط الجوي، الرياح والامطار التي تعرف بها حالة مكان معين من اعتدال الأحوال الجوية، او تطرفها في أماكن متنوعة من الكرة الأرضية.
وتتأثر مناطق جنوب شرق آسيا وأوستراليا وجنوب افريقيا واميركا الجنوبية بـ "ظاهرة النينو"، التي تسبب انخفاض معدلات هطول الامطار في بعض الأماكن، بينما تشهد مناطق أخرى فيضانات وارتفاع في كميات تساقط الامطار. ووفقا لدراسات نشرت في مجلة المناخ والغلاف الجوي "NP" ان "الاشتطاط بالطقس سيؤدي الى انتكاسات جسيمة في المزروعات كل 6 سنوات".
بالمقابل، ستعمل التجارة العالمية على تخفيض تأثير بعض التقلبات المناخية لتعويض المحاصيل المحلية الضعيفة، وستُكثف الجهود في هذا المجال لإيجاد أساليب زراعية وطرقا جديدة للتكيّف، ويمكن تعديل البذور وراثيا للتعامل مع القيظ والقحط.
ويؤثر هذا الطقس الحار على نباتات معينة مثل أشجار الزيتون، وهذا ما أدى الى ارتفاع غير مسبوق بأسعار زيت الزيتون البكر بنسبة 87%. وتشير تقديرات البنك المركزي الأوروبي الى "ان درجات الحرارة الشديدة ستضيف بحلول عام 2035 ما بين 0.92 و3.23 نقطة مئوية لتضخم الغذاء العالمي سنويا".
في سياق متصل، أظهرت قاعدة بيانات استخبارات المستهلك "Nielsen IQ"، ان أسعار الشوكولاتة قد تضاعفت بنسبة 14%. وبحسب بعض مراقبي السوق، فإن مزيدا من الارتفاع سيطال هذه السلعة بسبب ضعف انتاج الكاكاو. لذلك من المتوقع ان يتراجع انتاج حبوب قهوة الروبوستا بنسبة 5% في البرازيل، بينما في اندونيسيا، ثاني أكبر مصدر للروبوستا في العالم، من المحتمل ان يخف الإنتاج بنسبة 20%، هذا الى جانب تقليص المخزونات في فيتنام، وهو ما سينتج عنه ارتفاع كبير بالأسعار، ما سينعكس سلبا على صناعة الشكولاتة بسبب التأثير السيء للعوامل المناخية، وتحديدا "ظاهرة النينو" على النباتات والغلال الزراعية.
وفي هذا السياق، قدّر رئيس شركة غانا لتسويق الكاكاو فؤاد محمد أبو بكر، "ان انتاج حبوب الكاكاو في غرب افريقيا قد يتقلص في الموسم القادم بمعدل يصل الى 8 في المئة، بسبب التقلبات المناخية"، واشار الى "ان أسعار الكاكاو لن تبقى على حالها، وقد ارتفعت بالفعل الى اعلى مستوياتها بعد غلّة مخيبة للآمال وفقر بالمحصول في ساحل العاج، باعتباره أكبر مصدر للكاكاو".
على خطٍ موازٍ، قال سيرجي تشيتفرتاكوف محلل الأبحاث الرئيسي لشركة "S & P Global Commodity Insights" وفقا لما ذكره لشبكة CNBC "ان أسواق الكاكاو تشهد ارتفاعا قياسيا في الأسعار، ويُعْتَبر هذا الموسم ثاني عجز على التوالي. لذلك من المتوقع ان تنخفض مخزونات الكاكاو الى مستويات قليلة بشكل غير اعتيادي". واشار "الى ان أسعار الكاكاو ارتفعت الى حدود 3171 دولارا مقابل الطن المتري، وهو اعلى معدل منذ 5 مايو 2016". واكد انه "من المحتمل ان تؤدي ظاهرة النينو الجوية الى تساقط امطار اقل من المتوسط، ورياح "هرتامان" القوية على غرب افريقيا حيث مكان زراعة الكاكاو. إذا تشكل كل من "كوت ديفوار" و "غانا" أكثر من 60 بالمئة من انتاج هذه المادة في العالم".
اضاف: "بناء على كل ما تقدم، من المرجح ان يتأثر سوق الكاكاو، وبالتالي نترقّب ان تتضاعف أسعار الشكولاتة، حيث سيحمّل منتجوها المستهلكين تكاليف المواد الخام ونفقات الطاقة وأسعار الفائدة". والمح تشيتفرتاكوف "الى ان جزءا كبيرا مما يدخل في صناعة الواح الشكولاتة هي زبدة الكاكاو، والتي شهدت زيادة بنسبة 20.5 في المئة منذ بداية العام، بحسب قاعدة بيانات أسعار السلع الغذائية "Mintec".
الشوكولاتة السوداء الأغلى
وتعتبر الشكولاتة الداكنة الأكثر ارتفاعا، لان صناعتها تتطلب المزيد من مواد الكاكاو الصلبة، مقارنة بنظيراتها من الشوكولاتة البيضاء المخلوطة مع حليب، وتحتوي على حوالي 50 الى 90 في المئة من مواد الكاكاو الصلبة وزبدة الكاكاو والسكر.
من جهة ثانية، وجد الخبراء ان الشكولاتة تحتوي على العديد من العناصر المسؤولة عن الإحساس بالسعادة، مثل مادة "التريبتوفان" التي تساعد الدماغ على افراز هرمون "السيرتونين" ، وهو الناقل العصبي المسؤول عن شعورنا بالرضى والسعادة. كما ان "الدوبامين" أيضا من الهرمونات التي تعزز الادراك بالفرح، وتناولها يحفز على زيادة افراز هذا الهرمون.
وتشير الدراسات الى ان الرغبة في استهلاك هذه الحلوى يعود الى وجود نقص في معدلات المغنسيوم، ويمكن معالجة هذه الحالة من خلال تناول الأطعمة الغنية بهذا المعدن، او الاستعانة بالمكملات الغذائية تحت اشراف خبير/ة تغذية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|