عن الإشتباكات المُميتة في "عين الحلوة"
ليست اشتباكات الفلسطينيين داخل أكبر مخيماتهم في لبنان سوى انعكاس لأمرين أساسيين:
الأول، حالة الانحدار التي وصلها العمل الوطني الفلسطيني، والانقسام الحاصل بين التنظيمات الفلسطينية على حساب المشروع الوطني الوحيد المفترض، وهو تثبيت واستعادة الحقوق التاريخية، وحماية الأرض من الاستيطان، وصولاً إلى طرد الاحتلال وبناء الدولة المستقلة.
فالانقسام المديد منذ 2006 أسفر عن قيام سلطة حماس في غزه وسلطة فتح في الضفة. السلطتان تخضعان ليوميات العدوان والإرهاب الاسرائيلية، لكنهما لم تجدا سبيلاً للاتفاق والتفاهم، رغم عشرات الوساطات والاجتماعات وحفلات تبويس اللحى والشوارب والذقون. والمثير هذه المرة أنّ اشتباك عين الحلوة اندلع وواصل نشاطه فيما كانت الفصائل المتعارضة مجتمعة في العلمين (حيث هزم رومل) للبحث في الوحدة الوطنية السليبة!
الأمر الثاني، الذي يقف في خلفية الاشتباك هو دور المسؤولين اللبنانيين، فهؤلاء الذين قضوا على الدولة كسلطة ومؤسسات، وسعوا لاستغلال الوجود الفلسطيني المسلح في مصالحهم وتجاذباتهم منعوا تنفيذ الاتفاق على نزع سلاح المخيمات وحوّلوها إلى ملجأ للخارجين على القانون ومنصات تعمل بالأجرة ومسرحاً في النهاية لتصفية الحسابات الخاصة.
لا يوجد مخيم فلسطيني في أي دولة عربية يتصرف المقيمون فيه كما يحصل في مخيمات لبنان. في سوريا التي لا يقبل قادتها بأقل من تحرير فلسطين من النهر إلى البحر لا يسمح لفلسطيني بسكينٍ خارج قرار السلطة، وفي الأردن قضي على الحالات النافرة منذ نصف قرن، أمّا في بغداد فحدّث ولا حرج. فقط في لبنان يحمل الفلسطينيون السلاح الذي لا يستعمل سوى للإضرار بأهلهم وبجيرانهم، تحت الشعارات الفضفاضة عن التحرير والعودة.
كان تبرير اقتناء السلاح في الماضي في الحاجة إليه للدفاع عن المخيمات في وجه الاعتداءات الاسرائيلية، لكن، حتى هذا التبرير لم يعد جائزاً بعد صدور القرار 1701، وامساك «حزب الله» بالجنوب وقيام توازنات جديدة غابت فيها إسرائيل كلياً عن سماء المخيمات.
إنها مأساة كاملة وعبثية أن تستمر الأوضاع على ما هي عليه في عين الحلوة، والمشكلة تحتاج حلولاً جذرية تنتظر حلاً جذرياً لأزمة السلطتين اللبنانية والفلسطينية. ولعل أفضل ما يمكن أن ينتجه «حوار العلمين» إرسال السادة القادة المتناحرين لطمأنة أهلهم وسحب سلاح الفتنة من أيديهم، ثم تجديد التأكيد على عمق علاقات الأخوة الراسخة بين جماهير الشعبين الشقيقين.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|