اسرائيل و"الخيمة"… الحرب لا تشعلها الحسابات الداخلية
خفضت إسرائيل سقف تهديداتها العلنية أو تلك المسرّبة عبر الإعلام، بعد أكثر من شهر حافلٍ بالوعيد وبالاجتماعات الأمنية والوزارية وخطط الحرب مع لبنان وإنجاز الترتيبات اللازمة، الى سقف يكاد يكون الأدنى على الإطلاق عند قبولها بتقرير الجيش الذي يتحدّث عن أن مجرّد خيمة على الحدود لا تستأهل حرباً ولا تشكل خطراً، بعدما كانت قبل أيام قليلة تمسّ بالتوازن الاستراييجي القائم منذ ما بعد حرب تموز.
وأوصى قادة الجيش الإسرائيلي "بضرورة التمييز بين الاستفزازات مثل تخريب كاميرات المراقبة، وإقامة الخيام في الأراضي الإسرائيلية، والمسيّرات على طول السياج (الحدودي)، وبين عمليات على غرار عملية مجدو، التي تنطوي على احتمالات للتسبّب بمواجهة".
وبحسب مسؤولين أمنيين، فإن من غير المجدي الدخول في نشاطات وعمليات "لا نريدها ولا نحتاج إليها" أمام "#حزب الله"، وأن "الاستفزازات الأخيرة لا تشكّل تصعيداً أمنياً"، في نظرهم.
رغم ذلك، أكد المسؤولون ضرورة "التوضيح لنصرالله أن خطأً واحداً من طرفه يمكن أن يكون خطيراً ويؤدّي إلى انزلاق المنطقة إلى مواجهةٍ"، مع التشديد على أن "الهدف هو إفشال العمليات وليس الانجرار إلى الاستفزازات".
وأجمع المسؤولون على أن من الخطأ القيام بعمل عسكري فوري، لكن ثمة تقديرات لدى مسؤولين أمنيين بأن الانتظار لفترة طويلة بشأن خيمة "حزب الله" المنصوبة قرب الحدود، يمكن أن يخلق وضعاً جديداً سيكون من الصعب تغييره، ويتسبّب بضرر دائم للردع.
وفي هذا الإطار يرى الخبير العسكري خليل الحلو أن إسرائيل لا تقوم بحروب إلّا إذا شعرت بأن وجودها مهدّد وهي قامت عام 1956 بحرب السويس وبحرب سيناء 1967، وحرب 1973 وعندما بات أي جيش عربي يهدّد وجودها توقفت عن الحروب وعملت على مفاوضات سلام وتطبيع كالذي جرى مع مصر والأردن.
ويقول لـ"النهار": "بقيت منظمة التحرير تشكل تهديداً من لبنان من سنة 1968 حتى عام 1982 عندما دخلت لبنان وأنهت منظمة التحرير الفلسطينية ولم تعد هناك حروب للفلسطينيين في الخارج".
وبالنسبة للحلو، إن "حزب الله" يشكل تهديداً أمنياً لإسرائيل ولا يشكّل تهديداً وجودياً، وعلى الرغم من ذلك شنّت عليه إسرائيل حروباً منها عناقيد الغضب عام 1996 وحرب تموز 2006 ومنذ ذاك الحين يحترم الحزب الاتفاقيات، وما يجري بين الحين والآخر مجرد مناوشات صغيرة لا معنى لها في الاستراتيجيا".
وبرأي حلو، "الأمين العام لـ"حزب الله" ونتنياهو يطلقان بالونات إعلامية فقط لا غير والمقصد منها جبهتهما الداخلية ولا أحد مستعدّ لحرب وينوي القيام بها، مشيراً الى محاولات كانت تجري في سوريا بين "حزب الله" والحرس الثوري الإيراني يمكن أن تهدّد جدّياً أمن إسرائيل لكنها تقوم بضربها تباعاً لإفقادها جديتها".
ويسأل الحلو: بماذا تهدّد خيمة على الحدود أمن إسرائيل؟ طبعاً لا شيء. وما أهمّيتها في تغيير قواعد الاشتباك؟ أيضاً لا شيء، مشدداً على "أن لدى إسرائيل حكومة تعمل بعكس لبنان وتعمل استراتيجياً وحتى الساعة برأيها "حزب الله" لا يشكل أي تهديد وجودي عليها خصوصاً في ظل الدعم الدولي بحيث أصبحت أغلبية دول العالم تعتبره منظمة إرهابية بالتالي لا داعي لحرب ضده".
لكن من ناحية أخرى، "إن السلاح الموجود في لبنان وفي غزة يمكن أن يشكل خطراً إذا قرّرت إسرائيل ضرب إيران فهذا يمكن أن يؤدّي الى توحيد الساحات كما يقول نصرالله دائماً، ربما عندها الأمور تستدعي تدخلاً أو حرباً، وهو غير مطروح حالياً".
أما الخبير العسكري العميد خالد حمادة فيشير الى أن إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية مراراً في موضوع إزالة #الخيمة أو في مواضيع سابقة مشابهة عن تهديده بالحرب وأنه إن لم يتجاوب "حزب الله" فسليجأ إلى عملية عسكرية، يشبه عملياً خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" عندما يهدّد بالحرب، فيما نعلم جميعاً أن الحرب على الحدود اللبنانية الإسرائيلية هي قرار أميركي وقرار إيراني، وهذا قرار لا يملكه "حزب الله" ولا نتنياهو، وهذه التصريحات الاستعراضية عادة تكون موجّهة للداخل لرفع المستوى المعنوي أو لاستنهاض الشارع أو الجمهور السياسي وليس أكثر من ذلك.
ويضيف لـ"النهار": "طبعاً دخل الجيش الإسرائيلي في أكثر من ملف منها ملف الخيمتين والملف المتعلق بالإصلاحات القضائية، وكان هناك تهديد بأن الجيش لن يتجاوب إذا أجريت التعديلات القضائية، وكذلك الجيش له رأي تقني في هذا الموضوع وربما الإدارة السياسية الهشة وهذا الائتلاف الضعيف الموجود اليوم في الحكومة الإسرائيلية، يُظهر أن ليس هناك قرار متماسك أو قرار مركزي داخل السلطة في إسرائيل أو الحكومة، وبالتالي ما قاله الجيش يعبّر عن وجهة نظر مختلفة في القضاء أو الحرب، ونتنياهو لا يمكنه أن يتخذ قرار الحرب وحده وبالتالي هي ليست عملية رضوخ بل عدم إجماع المكوّنات داخل الحكومة والمجتمع الإسرائيلي، والجيش مكوّن هام في المجتمع الإسرائيلي، على قرار موحّد، وهذا هو التفسير الحقيقي".
ويتابع: "يجب ألّا نفسّر لماذا تراجع نتيناهو بل لماذا قال ذلك؟ نتنياهو شخصية انفعالية موتورة يدرك الأزمة السياسية التي تعيش فيها حكومته ويطلق هذه التصريحات من قبيل الاستنهاض أو باعتبار أنه صاحب قرار في الموضوع، لكن الحدود اللبنانية الإسرائيلية ومسألة أي نزاع مسلّح حقيقي عليها هي مسألة دولية وليست مسألة يمكن أن يتخذ فيها أيّ من الطرفين على الحدود سواء "حزب الله" أو نتنياهو قرار الحرب، ويجب أن ندرك أن قرار الحرب والسلم ليس في تل أبيب ولا في حارة حريك بل في مكان آخر، وكل هذه التصريحات الانفعالية يجب ألّا تؤخذ على محمل الجدّ إلا إن كان هناك مشهد دولي يدعم هذا التوجّه".
ما قاله حمادة يوافق على جزء منه مؤسس ومدير مركز بروجن للدراسات السياسية والعلاقات الدولية رضوان قاسم، الذي يلفت إلى أن "القرار السياسي في تل أبيب لا يُتخذ من دون الرجوع الى رأي العسكريين، هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإن الوضع الداخلي في إسرائيل ليس على ما يُرام وهو مرتبك وغير مؤهّل لدخول حرب".
ويقول لـ"النهار": "الوضع السياسي في الإقليم لا يسمح باندلاع حرب لا أحد يعرف إلى أين يمكن أن تصل من أجل خيمة أو من أجل غير خيمة، كما أن الوضع في منطقة الشرق الأوسط على شفير الهاوية خصوصاً في ما يخصّ سوريا، والصراع الروسي الأميركي والوجود الإيراني فيها، فأي خطر لاندلاع حرب يشعل المنطقة بأسرها بل ربما يفجّر الإقليم بأكمله".
الى ذلك، برأي قاسم، ليس هناك غطاء أميركي لاندلاع الحرب مع لبنان لسببين رئيسيين، الأول أن الاميركي مشغول في مناطق أخرى في العالم في أوكرانيا وفي بحر الصين ولا يستطيع تغطية أي حرب في إسرائيل، والثاني هو أن العلاقة السياسية بين تل أبيب والبيت الأبيض ليست على ما يرام"، وهذه الأسباب كلها تجعل قرار المواجهة في تل أبيب صعباً جداً".
وهذا من ناحية إسرائيل، يتابع قاسم، "أما من ناحية لبنان فتصريحات الأمين العام لـ"حزب الله" تدل وتؤكد أن المقاومة مستعدة مما يعزز قوة المواجهة بالنسبة للبنان ويصعّب على إسرائيل الدخول في أي مواجهة عسكرية من دون أن تعرف نتائجها مسبقاً، لهذا أرى من الصعب الدخول في مواجهة عسكرية، وهذا من أهم الأسباب التي أدت الى تراجع نتنياهو".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|