عن الحاكم والمحكومين!
دخلت الأزمة الخانقة التي يعيشها لبنان سنتها الرابعة ولم يحصل أي تقدّم على أي مستوى، في محاولة لمعالجة ذيولها الخطيرة، إن كان على مستوى الودائع المصرفيّة التي لم يعد أصحابها يملكون القدرة على سحبها من المصارف التجاريّة أو على مستوى التضخم وفقدان العملة الوطنيّة قيمتها في انهيار دراماتيكي مريب.
وها هو المصرف المركزي أصبح من دون حاكم وذلك يقدّم مثالاً جديداً عن تمدد حالة الشلل المؤسساتي التي سوف تصل بعد أشهر قليلة إلى قيادة الجيش في حال عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، علماً أنّ المسألة أكثر حساسيّة في المؤسسة العسكريّة بسبب عدم وجود رئيس للأركان وبالتالي سيفرغ موقع القيادة العسكريّة بشكل خطير قد يؤدي إلى انكشاف البلاد على مخاطر غير منتظرة.
المهم هنا ألا تسعى بعض القوى السياسيّة التي لا ترغب بوصول قائد الجيش إلى رئاسة الجمهوريّة الى المراوغة في الوقت والأداء السياسي حتى انتهاء ولايته على رأس المؤسسة العسكريّة، بما قد يساعد على إزاحته من السباق، من وجهة نظرها، من دون أن تكترث طبعاً للمحاذير الأمنيّة التي قد تترتب على ذلك.
لقد مرّ أكثر من عام وبضعة أشهر (نيسان 2022) على توقيع لبنان إتفاقيّة مع صندوق النقد الدولي (على مستوى الموظفين) بقيمة 3 مليارات دولار على مدى أربع سنوات، كان من المفترض أن تليها جملة من الإصلاحات التي تقوم بها السلطات اللبنانيّة، وهو الأمر الذي لم يتحقق بطبيعة الحال.
هذا الأمر حدث قبل إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون الذي استقبل وفد الصندوق في قصر بعبدا بحضور رئيس الحكومة ونائبه وعدد من الوزراء المعنيين، وغرّد كاتباً: «يدعم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة البرنامج الإصلاحي الذي تقوم اللجنة الوزارية المكلفة بالتفاوض بشأنه مع صندوق النقد ويؤكدان التعاون بشكل وثيق لضمان التطبيق السريع للإجراءات المتفق عليها بما في ذلك إقرار التشريعات الضرورية الهادفة إلى إنجاح هذا البرنامج، بالتعاون مع مجلس النواب».
بطبيعة الحال، انتهت الولاية الرئاسيّة ولم يحصل شيء من هذا القبيل. لم يُطبّق لبنان أي من الإصلاحات الاقتصاديّة والماليّة رغم إدراك أصحاب الحل والربط بأن سلوك طريق الإصلاحات هو بمثابة تأشيرة عودة الأموال من المجتمع الدولي إلى لبنان، وهو ما صرّح به رئيس الحكومة يومذاك من دون أن نتقدّم قيد أنملة في ذلك.
لا بد من البداية في مكان ما. الولاية الطويلة لحاكم المصرف المركزي (ست سنوات قابلة للتجديد من دون أي قيود) ربما تستحق التفكير بخفضها إلى خمس سنوات أو أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. صحيح أن فكرة الولاية الطويلة كانت ترمي في ذهن المشترع بأن يتمتّع الحاكم بحصانة معيّنة إزاء المتغيرات السياسيّة وتأثيراتها المحتملة على سوق القطع، ولكن قد لا يكون هذا التبرير كافياً أقله بعد التجربة الحالية.
وثمّة حاجة أيضاً لإعادة هيكلة المصرف المركزي والقطاع المصرفي وتنقيته والبحث عن السبل الكفيلة للفصل بين السياستين الماليّة والنقديّة بدءاً بوقف الإقتراض من المصرف المركزي لتلبية حاجات الدولة التي يمكنها تعزيز وارداتها عبر مكافحة الفساد الإداري والحد من الهدر والمحسوبيات والتوظيف العشوائي وسوى ذلك من المشاكل المزمنة التي أصبحت ثقيلة على الاقتصاد اللبناني بشكل مرهق جداً.
الخطوات الإصلاحيّة المطلوبة باتت معروفة وتطبيقها هو سبيل الخلاص، أو بداية الخلاص، الوحيد للبنان. آن الأوان للاقلاع عن المماطلة والتسويف والذهاب نحو الخطوات العمليّة والتنفيذيّة. حتى يحين الموعد، كان الله بعون اللبنانيين!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|