منصوري في حبال المنظومة.. “تخريجة المنطق والواقع”
باكراً بدأت المنظومة الحاكمة بمحاولات التملّص والتنكّر لالتزاماتها تجاه حاكم مصرف لبنان بالوكالة وسيم منصوري، بعدما تعهّدت عشية انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة بتلبية مطالبه، مع نواب الحاكم الثلاثة الآخرين، وتأمين غطاء حكومي وقانوني له، بهدف الحصول على قروض بالعملة الأجنبية لتغطية دعم بعض الأدوية خصوصاً للأمراض المستعصية، ومعاشات موظفي الدولة والقوى العسكرية والأمنية والطبقات الاجتماعية الهشة.
لم تكد ساعات تمضي على استلام منصوري لحاكمية المركزي بالوكالة، حتى استفاقت الحكومة على أنها حكومة تصريف أعمال، وتذرعت بأن إرسال مشروع قانون إلى مجلس النواب لطلب الإجازة للحكومة بالاقتراض من مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، يحتاج إلى وقت طويل لتحقيقه، في حين يطلب منصوري آلية سريعة. واعتبرت أن الأفضل تقدُّم 10 نواب باقتراح قانون في المجلس النيابي بهذا الخصوص.
حال البرلمان ليست أفضل حالاً من حال الحكومة في التعامل مع المسألة. فرئيسه نبيه بري يرفض رمي الكرة في ملعب البرلمان، معتبراً أن الامر يقع على عاتق الحكومة. في حين، لا يزال منصوري مصرّاً على موقفه المعلن، بأنه لن يتم إقراض دولار واحد للحكومة من دون ضمانات قانونية واضحة وأكيدة تضمن إعادة القرض في مهلة زمنية محددة. فإلى أين يمكن أن يؤدي تقاذف المسؤولية بين الحكومة ومجلس النواب؟ وما سيكون عليه موقف منصوري في حال عدم تلبية شروطه؟
الخبير المالي والاقتصادي لويس حبيقة، يرى، أن “منصوري يريد تقديم تجربة مختلفة عن رياض سلامة”، لكنه يشير إلى أن “الدولة مبتورة اليوم، فالحكومة حكومة تصريف أعمال ولا يحضر اجتماعاتها جميع الوزراء، فيما مجلس النواب هيئة انتخابية رئاسية لا يمكنه التشريع ليحصل منصوري على ما يريد”.
لكن حبيقة يعتبر، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “الحكومة والمجلس النيابي سيؤمّنان نوعاً من الغطاء لمنصوري، بشكل يحفظ له ماء الوجه. على سبيل المثال إن طلب 100 مليون دولار يغطّونه على 50 مليوناً”.
في السياق ذاته، يلفت، إلى أنه “يمكن للحكومة وللبرلمان إيجاد مخرج واقعي ومنطقي للمسألة، والكل يعترف بأن لا شيء يمشي في لبنان اليوم على الدستور والقانون. فحين نقول إن مجلس النواب هيئة انتخابية حالياً فهل هو يقوم بأعمال انتخابية فقط؟ وكذلك حين نقول إن الحكومة القائمة حكومة تصريف أعمال، هل هي تقوم بتصريف الأعمال فقط؟”.
يضيف: “منصوري رجل واقعي، وهو يدرك أنه لا يستطيع الحصول على الأمور المنطقية الدستورية والقانونية التي يطلبها بنسبة 100%، في ظرف كالذي نعيشه والذي هو خارج أي دستور وأي قانون”، مؤكداً أنه “لن يترك الأمور لتفلت، وسيتم إيجاد مخرج قانوني ومنطقي وواقعي معين له ويُكمل عمله”.
عدا عن ذلك، يؤكد حبيقة، أن “العمل الأساسي لمنصوري هو إستعادة ثقة الناس بمصرف لبنان والتي دُمّرت خلال السنوات الماضية”. وبرأيه، أن “هذه الأهم، أما تأمين قرض للحكومة بهذه الطريقة القانونية أو بغيرها، فالناس لن تلومه على ذلك”.
الناس، وفق حبيقة، “لم تنقُم على رياض سلامة لأنه كان يمنح قروضاً للدولة، بل لأنه ترك القطاع المصرفي ينهار، ولم يتدخل لإنقاذ الودائع وضبط الأسواق المالية وسوق الصرف. فالناس تعلم أننا في ظروف استثنائية، ولا مجال أمام مصرف لبنان سوى أن يمنح قروضاً للدولة”.
يضيف: “طبعاً سيتم ترتيب الإخراج القانوني بشكل من الأشكال، بقرار من الحكومة أو بتوصية من مجلس النواب وإعلان رئيسه، أو ما شابه. لكن الأهم كما أشرنا، أن يستعيد منصوري ثقة الناس بالبنك المركزي، وأن يخاطب الشعب بكل شفافية، أي بعكس سلامة الذي كان يعتمد سياسة الغموض والصمت وعدم التصريح والمكاشفة مع الناس، إذ برأيه أن ذلك يمنحه قوة، وهذا خطأ”.
يتابع: “أهم ما تملكه المصارف المركزية في العالم هو التواصل وكيفية مخاطبة الناس، وهذا من أهم ما يمكن أن يقوم به منصوري، وهو يمتلك الشخصية المطلوبة في هذا المجال. على سبيل المثال، ليخاطب الناس كل أسبوع أو أسبوعين، وليحضر إلى مجلس النواب ويجتمع مع لجنة المال والموازنة أو لجنة الإدارة والعدل وغيرهما مرة كل شهر، بمعنى أن يعتمد التواصل والمكاشفة”.
في سياق متصل، يعتبر حبيقة أن “ما قاله حاكم مصرف لبنان السابق سلامة أخيراً، عن أن أموال المودعين ليست في البنك المركزي بل عند المصارف، لا يمنحه مبرّرات لنفض يديه. ولنفرض أن كل ودائع المودعين موجودة في المصارف، مصرف لبنان كسلطة رقابية تنظيمية فوق المصارف، ومن واجبه ردّ الودائع للمودعين، ويبقى مسؤولاً عن كل الودائع أينما كانت”.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|