الجيش في الكحّالة... أسئلة عن الأداء والمهمّة
نال الجيش اللبناني قسطاً وافراً من الانتقادات على ضوء حادثة الكحالة، رسمت علامات استفهام حول أدائه وطريقة تعاطيه مع الجريمة منذ وقوع شاحنة "حزب الله" المحمّلة بالذخائر، مروراً بالاشتباك المسلّح، وصولاً إلى غضب الأهالي وردود أفعالهم. وفي هذا السياق، أصدر حزب "الكتائب" من خلال نوّابه وقياديّيه مواقف عالية النبرة تنتقد الجيش، اتّهموه فيها بحماية "حزب الله" وسلاحه مقابل التخلّي عن دوره السيادي.
الأسئلة التي طُرحت، معظمها تمحور حول سبب تأخّر الجيش في التدخّل لمنع الاشتباك المسلّح، وسبب تركه عناصر "حزب الله" يستقلّون سيارتهم الرباعية الدفع أمام أنظاره دون توقيفهم، علماً أنّهم كانوا مسلّحين ويُطلقون النار، ثمّ مصير الذخائر التي صادرها الجيش من شاحنة "الحزب"، فسحب الشاحنة من الطريق قبل وصول الأدلّة الجنائية والقضاء العسكريّ، وغيرها من الأسئلة.
لا بدّ من التأكيد أنّ الجيش جنّب اشتباكاً دموياً بين الأهالي وعناصر "حزب الله" على رغم الاشتباك المحدود الذي حصل وأدّى إلى وقوع شهيد من الكحالة، وآخر من "الحزب" بحسب بيان دائرته الإعلامية. وربما لم يلبّ الجيش طموح اللبنانيين بشكل كامل، لكن يبقى الرهان الأكبر على وجوده ودوره مهما حصلت استثناءات هنا وهناك.
وبرأي مراقبين سياسيين، فإنّ الجيش يتفادى منذ وقت طويل المشاركة في أيّ اشتباك، من الطيّونة مروراً بخلدة وصولاً إلى الكحالة، ويتفادى الاشتباك مع "حزب الله" بشكل خاصّ، نسبةً إلى حساسية الأمر وتبعاته التي قد لا تُحمد عقباها وتجرّ البلاد إلى اقتتال أهليّ، بسبب قدرات الطرفين العالية، ثم أنّ هناك حسابات سياسية ورئاسية مرتبطة بقائده جوزيف عون. كما أنّ الجيش يرفض تحميله ما يعجز المستوى السياسي عن تحقيقه، ودأبه الالتزام بالبيانات الوزارية التي يجب أن تتغيّر بعد عمل سياسي أو بعد تغيير المعادلة السياسية في البلاد. وتبقى حماية السلم الأهلي من ضمن أولويّاته، وفق لسان حاله.
الجميّل: الجريمة حصلت والجيش تلكّأ
عضو كتلة "الكتائب" اللبنانية النائب نديم الجميّل يُشير إلى أنّ "ثمّة تساؤلات طرحناها بسبب عدم تدخّل الجيش في حادثة الكحّالة، وقبلها في الطيّونة، والاكتفاء بضبط الأمور لتفادي وقوع المزيد من القتلى، وفي رأينا، إنّ الجريمة حصلت والجيش لم يتدخّل ولم يقم بواجباته".
وفي حديث لـ"النهار"، يعتبر أنّ "الجيش تلكّأ وكان ثمّة تقصير على الأرض، ثمّ أنّه أوقف الشاحنة لكنّه لم يكشف أيّ معلومات عن محتوياتها ومصدرها وهويّة مالكيها"، موجّهاً أسئلة إلى الجيش حول أسباب تأخّره عن التدخّل ومصير مكنونات الشاحنة التابعة لـ"حزب الله".
ويُذكّر الجميّل بأحداث سابقة امتنع خلالها الجيش أيضاً عن التدخّل، كاشتباكات الطيّونة أو خلدة أو مواقع أخرى، محذّراً من "انفلات الملق" في حال الاستمرار في هذا النهج، وعودة الأمن الذاتيّ وغيره من المظاهر.
كيف تردّ الأوساط العسكريّة؟
رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، العميد الركن هشام جابر يُشير إلى أنّ "الجيش لم يتأخّر، بل تدخّل فور علمه بالحادث والتوتّر الحاصل، لكنّ الموضوع آخذ بعض الوقت بين علمه بما حصل عند كوع الكحالة وتجهيز دورية والوصول للتدخّل، ما بين 20 إلى 30 دقيقة، فكان الاشتباك المسلّح قد حصل".
وفي حديث لـ"النهار"، يرفض جابر ما يُساق في حقّ الجيش، ويعتبر أنّه "قام بواجبه على أكمل وجه، وجنّب لبنان فتنةً كبيرة، فلو تأخّر أو لم يتدخّل لكان وقع المزيد من القتلى، واتّخذت الأمور مساراً مختلفاً، ثمّ أنّه صادر شحنة الأسلحة ولم يسلّمها للحزب حتّى اليوم وفق معلومات أكيدة، لكنّه قد يسلّمها في ما بعد نسبةً إلى تجارب سابقة".
أمّا عن سبب عدم توقيف الجيش للمسلّحين من الجهتين، يلفت جابر إلى أنّ "المسلّحين انسحبوا فور وصول قوّة من الجيش، والأولوية كانت لتهدئة النفوس وسحب الجرحى والسيطرة على الشاحنة، وليس توقيف المسلّحين الذين من الممكن أن توقفهم المخابرات بعد انتهاء مجريات الأمور على الأرض، ثمّ إنّ الشاحنة سُحبت لتسهيل حركة المرور ولا علاقة لها بالأدلّة الجنائيّة".
ويُتابع في هذا السياق: "كما أنّ ثمّة تنسيقاً بين "حزب الله" والجيش، يقضي بسماح الجيش لعناصر الحزب بالانسحاب في آليّاتهم وعدم توقيفهم، خصوصاً وأنّ هذا التنسيق يجري بشكل وثيق بين مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا من الحزب، والمخابرات من الجيش".
إذاً، فإنّ ثمّة اختلافاً في وجهات النظر حول أداء الجيش، وبغضّ النظر عن حادثة الكحالة، فإنّ طموح اللبنانيين الأكبر، أن يكون جيشهم هو الوحيد على هذه الأرض، وسلاحه هو السيّد على مساحتها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|