الشام بين مطرقة الحصار والسندان الأميركي
هي حلقة جديدة من حلقات الحرب على الشام، ولن تكون الحلقة الأخيرة طالما قلب الشام ينبض وعقلها يعمل وإرادة الحياة في ناسها أقوى بكثير من هجوم الموت عليها.
لم تنته الحرب، لم ينته الهجوم على الشام، ولن تقبل أميركا بسهولة تغيير خريطة المنطقة وخروجها مهزومة أو مكسورة الخاطر فهي اعتادت على الربح وإن خسرت لا تعترف بخسارتها ولأن الشام كانت سببا رئيسيا في هزيمتها في لبنان وفي حرب 2006 ولأنها اسطة العقد بين قوى الصراع الدولية، ولأته على أرضها بانت مؤشرات الأفول ومؤشرات الشروق كان لا بد لها ان تكون ساحة المعركة الى ان يهدأ بال أطراف الصراع وتنرسم الخريطة على أتقاض المشروع الأميركي.
نحن اليوم أمام مشهد تفوق خطورته خطورة الحرب التي بدأت منذ دزينة من السنين، نحن اليوم أمام مشهد تدمير الشام عبر عامل اشتداد الأزمة الاقتصادية، عبر حراك تكون رافعته لقمة العيش الجامعة وليس ديكتاتورية السلطة وطائفيتها كما حدث في بداية الحرب على الشام.
نحن اليوم أمام نموذح جديد تسعى الى تحقيقه الولايات المتحدة الأميركية، نموذج ما يسمى الثورة الفرنسية "التغيير بدافع الجوع ولكن بفارق الغاية والاستهداف".
غاية الجوع في الشام تحقيق الفوضى وغاية الفوضى أسقاط الدولة وليس تغيير النظام، وغاية إسقاط الدولة إسقاط سورية من عالم الفعل لمدة تصل الى مئات السنين.
تحاول الولايات المتحدة الأميركية ومعها رتل من الأنطمة العربية الخاضعة لإرادة العم سام وضع المواطن الشامي أمام خيارين لا ثالث لهما بنظرها: الموت جوعا او الاشتراك في حراك مشبوه قسري لا نعلم من ظاهره سوى المطالبة بتحسين الحال والأحوال ولا نعرف ان في باطنه مشروع مؤامرة يستهدف إسقاط فكرة انتماء المواطن الى الأمة والوطن وإشعال فتيل الإضطرابات.
لا شك ان ما يحصل في الشام يحمل بصمات دامغة داخلية وخارجية، وعلينا التعامل معها على قواعد المخارج وليس على قواعد التأزيم والاشتباك الذي لا مصلحة للأمة فيه.
ان الولايات المتحدة هي المسؤول الأول عن الأزمة الاقتصادية في الشام لأنها تقود الحصار الاقتصادي ولأنها المغتصِبة لثرواته والمسيطرة على حقول نفطه وهي التي تحرق مواسم القمح وهي التي تحرق الغابات وهي التي تعمل على حرمان الشام من كل مواردها الاقتصادية لتأخذ منها استقلالية القرار وقومية الموقف.
نرى في الشارع تعبئة نفسية مشبوهة نرى هيجانا صامتا ينتظر لحظة الانفجار، ونرى حراكا مشبوها يعتمد المظلة الأميركية ان من حيث تبني المعلومات والإشاعات التي تطلقها وسائل الاعلام الممولة من بعض دول الخليج والغرب أو من حيث الانجرار الى اعمال فوضوية تزيد من تأزيم الأزمة.
ولا شك ان فريق إدارة الأزمة في الشام لا يعمل على حلها بالجدية المسؤولة وأنه لا يعرف خطورتها بل في اكثر الأحيان يعمل على تأزيمها من حيث يدري أو لا يدري. وهذا ما يزيد في تعبئة الناس ضد الحكم والحكومة.
إن الانخفاض الجنوني لسعر صرف الليرة السورية والارتفاع الجنوني لسعر السلع وضع المواطن الشامي قي خانة الرفض السلبي وأفقده قدرة التمييز بين التدمير والإصلاح والتغيير لانه يشعر بأنه مهدد بمعدته.
الخوف كل الخوف من تكرار النموذج العراقي في الشام واستبدال الدبابة الأميركية بالدولار الأميركي. واستبدال العكاز الطائفية بعُكاز المجاعة.
يتطلب الوضع في الشام أرفع درجات الحذر والانتباه، يتطلب استنفار الادراك العالي لاستنباط المخارج التي تنهي الأزمة.
لا أظن ان زيادة الأجور تشكل حلا منطقيا، ولا أظن ان اجتماع يعفور يعيد الليرة السورية الى وضعها المقبول، ولا اظن ان الحلول التي تأتي من فوق قادرة على تسوية الأمور، لأن المشكلة أصبحت على لسان كل مواطن في الشارع في المقهى في المنزل في العمل في الجامعة في المدرسة في كل مكان يوجد فيه مواطن.
يحتاج المواطن في الشام الى المصارحة والاعتراف، وليس الى المكابرة واللف والدوران، ولا الى تغطية مفاعيل الأزمة بصوابية الموقف القومي والحديث عن بدايات الحرب، لا يمكن للدولة ان تتحدث عن انتصارها في الحرب في معرض الدفاع عن دورها في معالجة الازمة، ولا يمكن لها الاعتماد على قوة الحلفاء والأصدقاء ومصلحتهم في الحفاظ على كيان الشام كصورة وليس كقوة فاعلة.
لذلك نقول ان حل الأزمة الحالية في الشام مسألة شامية بالصميم، بسبب غياب إرادة الأمة السورية، وبسبب أن جميع كيانات الامة السورية مسلوبة الإرادة ومسلوبة القرار.
نذكر ان الرئيس بشار الأسد في بداية الحرب على الشام استقبل وفودا من جميع المحافظات والأحزاب والجمعيات وزار معظم المحاقظات فبان للمشاهد ان الرئيس السوري يتشارك مع المواطن في مشروع التصدي للحرب على الشام. وأشعر المواطن بأنه معني في الدفاع عن الشام كالدولة بالتمام.
نحن لا نقول ان الحرب انتهت ولا نقول ان الشام أصبحت بخير، لكننا نقول ان الشام تعيش حلقة جديدة من حلقات الحرب، تتطلب وسيلة مواجهة جديدة.
نحن نقترح على الرئيس الأسد ان يفعل اليوم ما فعله في بداية الحرب، نقترح عليه ان يستقبل وفودا من المحافظات والأحزاب ويستمع الى أوضاعها وأحوالها ومواقفها واقتراحاتها ويُطلعها على الأوضاع ويُخبرها عن الإمكانيات المتاحة وطريقة المعالجة ويحاورها بطريقة تفاعلية تؤكد مسؤولية الطرفين في الخروج من الأزمة.
ونقترج أيضا ان تبادر القوى السياسية والحزبية المنتشرة على جُغراقية الشام الى تشكيل وفود تطالب بالاجتماع مع الرئيس الأسد لتقابله وتضعه في صورة ما يعانيه الناس وتطلعه على مشاكلهم واقتراحاتهم لجل المشكلة وتُخبره عن الغليان المنتشر في الاحياء والقُرى وخطورة ما قد ينجم من هذه الأجواء المشحونة وإمكانيات استغلالها لتنفيذ ما لا تحمد عقباه.
نحن نعلم ان الشام قادرة على تضميد جراحها وانها قادرة فكّ ضيقتها وحلّ مشاكلها اذا توفرت النية والإرادة، ولا نخال ان الرئيس الأسد يرفض اقتراحا ينقذ الشام من أنياب الذئاب ونعتقد انه يوجد لديه النية والإرادة.
كي لا يركب الأميركي موجة الجوع وكي لا يركب المتعاملون مع الأجنبي موجة الدولار نقول للرئيس الأسد بادر وشاور أصحاب الاختصاص الذين جعلوا مصلحة سورية فوق كل مصلحة وأضرب بيد الشعب بؤر الفساد واجعل المواطن يشعر انك معه فيشعر بالأمان ويتغلب الوجدان القومي على المصالح الخاصة وتسقط النزعة الفردية ويعود الى الشام بريق البطولة المؤيدة بصحة العقيدة.
في الشام علاج الشام وما عدا ذلك انهيار لا تحمد عقباه.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|