بري وميقاتي يدرسان التمديد 3 سنوات لقائد الجيش!
يعرف اللبنانيون الضائقة الكبيرة التي يعيش فيها الجيش اللبناني منذ تدهور العملة الوطنية وغياب الأمل في إعادتها الى "عزّها" السابق. ويقدّرون المساعدات المالية التي مدّته بها دولة قطر ثم الولايات المتحدة، والتي مكّنته من الإستمرار في القيام بمهماته وفي إضعاف خطر "الفِرار" منه وفي إبقاء وحدته وحُسن إداء قيادته وضباطه ورتبائه والأفراد. يعرفون أيضاً أنه لا يزال معرّضاً للعودة الى الضائقة المذكورة. لكنهم لم يظنوا أنه على أبواب العودة الحادّة إليها والسريعة والحاجة الماسّة الى المال للقيام بمهماته. وقد تحدّث عن ذلك قائده العماد جوزف عون في أثناء إجتماعه بوفد من أهالي بلدة #الكحالة جاء يعرض له ما حصل على "كوعها" الشهير قبل مدة قصيرة بعد انقلاب شاحنة محمّلة بالذخيرة لـ"حزب الله"، ويشكوا طلب أربعة من أبنائها للتحقيق في كل ما رافق ذلك من تحرّك شعبي أعقبه تبادل إطلاق نار مع عناصر المواكبة للشاحنة أدّى الى مقتل شخصين. كما أنهم تساءلوا عن سبب إثارة الوضع المالي الصعب للمؤسسة العسكرية في هذا الوقت بالذات.
طبعاً لا يرمي هذا الكلام الى التشكيك بدوافع القائد عون. إذ أن وضع الجيش وتوفير الحد الأدنى له مادياً ومعيشياً شكّلا له هاجساً يومياً ولا سيما بعدما صار الجيش المؤسسة الرسمية الوحيدة الباقية على قيد الحياة بل العاملة وإن باللحم الحي بعد إنهيار دولة لبنان بغالبية مؤسساتها، كما بعد الضعف الكبير الذي أصاب التي بقيت منها على قيد الحياة مثل مجلس النواب وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي. بل يرمي الى دعوة المسؤولين كلهم الى التروّي والتصرّف بحكمة وعدم مزج العام بالخاص والتعاون وفقاً للقانون والدستور من أجل المحافظة على المؤسسة العسكرية والحؤول في الوقت نفسه دون إستعمالها أو استغلالها لتحقيق أهداف شخصية. فالبلاد لم تعد تحتمل هذا النوع من السلوك الذي لم يتورّع عن ممارسته ويا للأسف مسؤولون كبار ينتمون الى الطوائف والمذاهب كلها من أجل تحقيق أهدافهم الخاصة.
هذه المقدّمة غير القصيرة تفتح الباب أمام تناول الخلاف القائم بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش جوزف عون منذ أشهر كثيرة ولا سيما بعدما عطّل ملء فراغات عسكرية مهمة في السابق الأمر الذي لا بد أن يضع الجيش أمام استحقاقات صعبة أهمها ملء الفراغ في قيادته بعد إحالة قائده الحالي الى التقاعد في كانون الثاني المقبل. وهي لا بد أن تزداد صعوبةً في حال استمر الشغور الرئاسي واستمر عجز أطراف حكومة تصريف الأعمال عن التوافق على تسوية أو تسويات قانونية لتلافي الفراغ في قيادة الجيش. طبعاً لن يدخل "الموقف هذا النهار" في تفاصيل الخلاف لأن وزير الدفاع معروفٌ باستقامته ولأن "تمثيله" لـ"التيار الوطني الحر" في الحكومة لم يُلغِ عقله وحسّه الوطني وتمسّكه بالقانون وحرصه على عدم مخالفته تحت أي ظرف أو ضغط، وهو أمرٌ قدّره فيه مؤسِّسه الرئيس السابق ميشال عون وغالبية مسؤوليه. وأيضاً لأن قائد الجيش نجح في المحافظة على وحدته وعلى ثقة "الشعوب" اللبنانية المتخاصمة بل المتعادية به وتجنّب بمهارة الإصطفاف مع أيٍّ منها فبقي الجيش موضع ثقة الجميع و"أملهم". لكنه يشير الى أن المساعي لا تزال تُبذل لحلّ الخلاف المذكور. وآخر محاولة على هذا الصعيد كانت جمع مدير المخابرات العميد طوني قهوجي الوزير سليم والقائد عون في مكتبه للبحث في الخلافات بينهما وأسبابها وطُرق حلّها وأبرزها ما يتعلّق بالتعيينات في المجلس العسكري وبالجهة التي تمتلك صلاحية ممارستها الوزير أم القائد. لكن محاولته أخفقت فانفض الإجتماع بعد وقت قصير، وأعقبه صدور مذكرة "بحث وتحرٍّ" من القيادة بحق عميد فصله الوزير الى المجلس المذكور معتبراً أن ذلك من صلاحياته بخلاف إعتبار القيادة.
طبعاً لا يرمي هذا الكلام الى تأجيج صراع محتدمٍ أساساً بل الى دفع طرفيه الى التمسّك بالقوانين واحترامها في أثناء قيامهما بمهماتهما وعدم ترك الإعتبارات الشخصية والمصالح والطموحات من جهة ورفضها من جهة أخرى تؤثّر على المؤسسة العسكرية وسمعتها وأدائها المؤيَّد من الناس.
هل سيبقى الخلاف المذكور أعلاه من دون حل؟ لا أحد يعرف علماً أن الشغور الرئاسي بما يثيره من طموحات مشروعة حيناً ولكن مقيّدة بالقانون قد يكون ساهم في إذكائه. وحكومة تصريف الأعمال عاجزة عن حلّه لأنها صارت جزءاً من الخلافات المستعصية على الحلّ في البلاد. لأن ممارستها رئيساً وأعضاءً لم تكن على قدر التحديات بسبب المصالح السياسية وغير السياسية المتناقضة داخلها وخارجها. فهي لا تمون على وزرائها ولا على رؤساء المؤسسات المهمة وقادتها، وتنتظر على ما يبدو حلولاً من السماء أو فرجاً يفكّ أسرها أو تطوراً يجعل من رئيسها ميقاتي "زعيماً كبيراً" لا يُستغنى عنه علماً أنه يحاول إعطاء إنطباع للناس أنه ينتظر إنتهاء مهمته بفارغ صبرٍ كي يترك السياسة ويتفرّغ لأعماله الخاصة وما أكثرها. ولعلّ قضاءه إجازتين على يخته في الآونة الأخيرة وآخرها كان يوم حادث "كوع الكحالة" يعزّز انطباعاً كهذا. لكن ما يناقضه هو سعيه حالياً الى تكوين "فريق عمل" برئاسته لكن لأي هدف. في النهاية لا بد من الإشارة الى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة ميقاتي يبحثان معاً عن حل لمشكلة فراغ قيادة الجيش بعد ذهاب قائده عون الى التقاعد. وهو قد يكون التمديد للأخير ثلاث سنوات في قيادة الجيش مثلما حصل مع القائد الأسبق إميل لحود قبل إنتخابه رئيساً.
سركيس نعوم - "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|