الصحافة

وسيم منصوري في فم التنين

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مَن يمدحه كثيراً ويدفع به قُدماً الى مواجهة حادة غير متكافئة، يورّطه، ومَن يهاجمه لموقف سياسي أو حُكم مسبق أو مصالح ومنافع، يظلمه. فالسياسيون متحالفون مع قوى مالية معلومة ومجهولة الهوية، ومافيات داخلية وخارجية، ولو تحت غطاء منظمات ودول، أقوى من كل إمكانات التغيير أو حتى التأثير الايجابي في مسار الأمور.

لا يملك وسيم منصوري سوى الارادة الحسنة، ونيّة العمل لإنجاح مهمته الموقتة على رأس حاكمية مصرف لبنان. يفتقد عدة الشغل. لا أموال متوافرة. ولا احتياطات بالعملات الاجنبية لأن ما يملكه مصرف لبنان هو ضمانة الودائع، وهو ملك المصارف، بل المودعين، ومن المفترض ان تعود الى صغارهم قبل الكبار.

ولا يملك منصوري الدعم السياسي الكافي لمهمته الانقاذية. كلام السياسيين الداعم له مهاترات ومزايدات. ولو ملكوا النية الحسنة لأوقفوا الانهيار قبل اربع سنوات، ولأقرّ مجلس النواب، السيد نفسه، القوانين الاصلاحية، ولكانت الحكومات المتعاقبة تقدمت في التفاوض مع المنظمات والمؤسسات الدولية، ولكانت أحزاب رفعت غطاءها عن اتباعها الراشين والمرتشين، الفاسدين والمفسدين.

الأهم من كل هذا، هو الاستقرار السياسي الضروري لنهضة كل اقتصاد في العالم. وهو غير متوافر في لبنان. وهو يؤثر على الوضع الأمني الذي "يطفّش" كل الاستثمارات، خصوصا العربية والخليجية تحديداً، اذ لا تكاد العلاقات تستقر حتى يخرج أحدهم متوعداً ومهدداً بقوة السلاح، ناهيك عن فساد الادارات وسوء المعاملة التي تدفع لبنانيين الى نقل استثماراتهم الى الخارج.

ولا يملك منصوري عصا سحرية لضبط الحدود ووقف التهريب والتهرب الجمركي وسرقة الكهرباء والتعدّي على المياه، كما ان ملف النازحين السوريين الذي يستنزف البلد لا يدخل في صلاحياته.

وقد تصرّف منصوري الى اليوم بما يجبر السياسيين على اللحاق به، وإلا ستزداد سرعة التدهور، وسيتعمق الانهيار، اذ في امتناع مصرف لبنان عن تمويل الدولة، فإن لا قدرة للأخيرة على تأمين حاجات الوزارات. عندها سيسقط الهيكل المتداعي أصلاً.

يمكن للقوى السياسية أن تلاقي منصوري على الأقل في خطته لوقف الانهيار، بإقرار اصلاحات لم تعد ترفاً، خصوصا انه وضع كل امكانات المصرف المركزي في تصرّف النواب لإنجاز تشريعات اصلاحية.

ما أمّنه منصوري هو رواتب موظفي القطاع العام وحاجات المؤسسات العسكرية والأمنية بالدولار، بصفر تكاليف، أي من دون المسّ بالودائع، ونجح في السيطرة على سعر الصرف، رغم كل الضغوط الامنية من الكحالة وعين الحلوة الى البيانات حول تحذير الرعايا الاجانب وتوتر الحدود... وهذا لا يمكن ان يستمر طويلا اذا استمرت الضغوط نفسها أو زادت.

الشفافية التي اعتمدها جعلت المواطنين يأملون خيراً بعد اطلاعهم على الحقائق: جدول الموجودات في المصرف المركزي، تقرير تدقيق الذهب... الشفافية جيدة لكنها تكشف الهوة الواسعة بين حاجات الاستيراد والمصاريف والموجودات التي لا تكفي أشهراً إذا تم المسّ بها.

نجح منصوري عملياً برمي الكرة في ملعب السياسيين من كل صنف ولون: أنا أقوم بواجبي... ماذا عن واجباتكم؟

فهل يدرك هؤلاء ان المراوحة وعدم إقرار القوانين الإصلاحية يؤدّيان الى تنامي الاقتصاد النقدي وتعريض لبنان لمخاطر عزله، وتعميق انهياره، وعندئذ لا يمكن لمنصوري وغيره، ولو حاكماً أصيلاً، القيام بأي خطوة تقي البلد شرّ الانفلات والفوضى.

غسان حجار -  "النهار"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا