بري يستبق العقوبات بحوار خُلّبي!

رمى رئيس مجلس النواب نبيه بري رمية غير متوقّعة، بدعوته إلى حوار في أيلول لسبعة أيام "وبعدها نذهب لجلسات انتخاب متتالية". ولم يكن في الإمكان معرفة ما إذا كان بري تقصّد بدعوته هذه تجاوز المبادرة الفرنسية، أو أنه نسّق الأمر مع باريس (وهو أمر مستبعد وفق المعطيات المتوافرة).

لكن الأكيد أن مبادرة رئيس البرلمان لا تقصد أو تنحصر في الداخل بقدر ما تتّصل بالمطالبات في الكونغرس الأميركي بفرض عقوبات عليه بتهمة عرقلة انتخاب رئيس الجمهورية. بهذا المعنى، يخطّ بري مسعى استباقيا ليبرّئ ساحته قبل أن يقع المحظور.

في هذا الوقت، وما إن حطّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان رحاله في بيروت حتى غادر كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن آموس هوكستين، منهيا زيارة قصيرة أمضاها بين بيروت وبعلبك، من دون أن يحمل رسائل سياسية استثنائية، ما عدا حضّه على أهمية الاستقرار جنوبا وفي الداخل ضنّا بالغاز والنفط المأمولين لبنانيا، وبمجمل ثروات الباطن في الإقليم الذي أضحى عقدة ربط استراتيجية وبديلا وان غير كاف عن الغاز الروسي.

ولم يتبيّن أن هوكستين أضاف جديدا على الخلاف الحدودي البري مع اسرائيل. إذ لم يحمل مبادرة واضحة ومتكاملة في هذا السياق، ولا تبيّن أن الأمر يتقدم راهنا في الاهتمامات الأميركية في المنطقة على غرار ما كان الوضع إبان إصرار الإدارة في واشنطن على تسوية النزاع الحدودي البحري. كما لم يظهر موضوع الغاز المصري للبنان على الرادار الأميركي خلافا لما تردّد في اليومين الأخيرين، فيما الملف الرئاسي غاب عن الزيارة، ما عدا العبارات التقليدية عن أهمية انتخاب رئيس للجمهورية.

أما عبداللهيان فهو وإن كرر رئاسيا الموقف الإيراني إياه عن أن الأمر يعود إلى اللبنانيين، لكنه كان بذلك يردّ مباشرة على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اتّهم إيران صراحة بعرقلة انتخاب الرئيس. وجاء هذا الرد كواحد من مجموعة إجراءات إيرانية كانت متوقّعة، أبرزها إغلاق المعهد الفرنسي للأبحاث حول إيران في طهران بالشمع الأحمر.

لكن اللافت في كلام المسؤول الإيراني تأكيده أنه سمع "تصريحات إيجابية بشأن لبنان خلال المباحثات التي أجريناها مع السعودية"، وهي إشارة واضحة إلى أن موضوع لبنان حضر في لقاءاته مع المسؤولين السعوديين، وعلى الأرجح مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من دون أن يتبيّن مآل تلك التصريحات الإيجابية وكيفية ترجمتها عمليا.