هل تُعيد محكمة الجنايات تنفيذ الإعدام من أجل الطفلة لين طالب؟
في الأول من تموز الماضي، عاشت الطفلة الضحية لين طالب كابوسها الأول. لم تكد فرحتها بقضاء عطلة العيد مع والدتها لتدوم طويلاً، فقد كان الوحش يتربّص، ينتظر ويراقب قبل أن يستغلّ انشغال العائلة ليقترف جريمته الشنعاء.
كانت ضحكتها في الصور قبل جريمة الاغتصاب جميلة مثل طفولتها البريئة. لم تكن تريد أكثر من ذلك، وماذا عسى أن يطلب طفل في هذه السنّ سوى الأمان والفرح؟! مؤلم أن نعرف كلّ التفاصيل التي رافقت لين حتى لحظاتها الأخيرة. لم ينتهِ كابوسها بهذه السرعة. لم تستيقظ للتأكّد من أن كلّ شيء انتهى، أو لتسمع ما يقول الأهل لأطفالهم إنّه مجرّد كابوس. إن ما شعرت به من خذلان وتخلٍّ كان حقيقياً حدّ الوجع. كانت تعيش آلامها الجسدية والنفسية بوجود جلّاديها. وداخل الحيطان الأربعة، وقعت الجريمة الكبرى، وهي التستّر على جريمة الاغتصاب ومراقبة موتها من دون تحريك ساكن!
كان يمكن للين أن تعيش وفق ما أكّد الأطباء في جلسة الاستماع، لكن عائلتها فضّلت أن تموت على أن يُكتشف سرّها. ما هذه الحقارة؟ ما هذه الوحشيّة والأنانية؟ أيعقل أن تضحّي العائلة بحفيدتها لإنقاذ ابنها من جرمه؟ أيّ عقل يستوعب تخلّي الأم عن طفلتها من أجل حماية عائلتها؟ للأسف، ما من شيء يُبرّر جريمتهم المتسلسلة.
شهران تقريباً نتابع من كثب كلّ مستجدّات القضيّة، فقضيّتها أصبحت قضيّة كلّ واحدٍ منّا. سيناريوهات عديدة طُرحت قبل أن تسقط في التضليل والاتهامات الباطلة. سرعان ما بدأت تتكشّف فظاعة هذه الجريمة، إذ تبيّن أن المجرم ليس غير خالها نادر بو خليل، والمشاركون فيها والدتها وعد بو خليل، وجدّها فواز بو خليل، وجدّتها حيات الرّز. الكلّ كان مجرماً على طريقته، والكلّ محكوم عليه بالإعدام!
عندما تغوص في تفاصيل الرواية الكاملة لما جرى تدرك أنّك أمام منطق جرميّ مخيف، تفاصيله مرعبة جداً، والإصرار على قتلها بهذه الطريقة يؤكّد أنّنا أمام أمّ وجدّ وجدّة وخال لا يعرفون شيئاً عن الرحمة والرأفة والأمان. نحن نسمع عن جريمة متسلسلة بدأت لحظة الاغتصاب، وانتهت بعدم تقديم أيّ مساعدة طبيّة للطفلة لين لتموت في المنزل، وتحمل معها كلّ أوجاعها وخيباتها.
أعيد الأحداث في ذاكرتي من جديد؛ كيف تمكّنت الوالدة من إجراء مقابلتها الشهيرة واتهام شقيق زوجها علناً باغتصاب ابنتها؟ كيف لها أن تكون بهذه الوقاحة والبرودة؟ لقد وقع الكثيرون في فخّها، وصدّقوا أنّه قد يكون الفاعل. لقد امتهنت التضليل كما أفراد عائلتها، إلا أن داتا الاتصالات والمحادثات وتناقض الروايات...كلّ ذلك كان كفيلاً بفضحهم جميعاً. إخفاء الملابس، ووضعها في مغاطس المياه والملح لإخفاء الكدمات والجروح، تركها تنزف وتتأوه من آلام وحيدة، حتى قرّروا البحث عن شيخ لقراءة آيات على رأسها... كانوا مستعدّين لفعل أيّ شيء سوى أخذها إلى المستشفى خوفاً من فضح جريمتهم.
إخفاء الجريمة يوازي فعل الجريمة بحدّ ذاته، والحكم: قتل الطفلة قصداً لإخفاء الجريمة. لا شيء يخفف من فظاعة ما حصل. لا شيء يُعيد للين حياتها. ولكن القرار الظني الذي صدر عن قاضية التحقيق الأولى في الشمال سمرندا نصار كفيل بإنصاف لين بعد مماتها، وإنزال أشدّ العقوبات بحقّهم جميعاً.
استندت القاضية إلى المادتين 503 و504 من قانون العقوبات لمحاكمة الخال المغتصب، كما اعتبرت أنّ وفاة الطفلة لين ينطبق عليها نصّ المادة 549 من هذا القانون، وطلبت محاكمة الخالّ ووالدتها وجدّها وجدّتها لأمها بهذه الجناية التي تنصّ على عقوبة الإعدام.
أثلج القرار الظني قلوب اللبنانيين، لكن ما هي الخطوة اللاحقة؟ في هذه السطور قراءة قانونية للقرار الظني والقرارات التالية، التي ستصدر تباعاً، وهل ستنصف المحكمة الجنائية الطفلة لين كما فعلت قاضية التحقيق الأول سمرندا نصار؟
يشرح المحامي خلدون طالب لـ"النهار" بأن القرار الظني الصادر في قضية الطفلة لين استند إلى الدقة في التحقيقات، والتسلسل الزمني للجريمة، التي اقترفت بحق هذه الطفلة، وربط كلّ الوقائع والأدلة، بالرغم من محاولة إخفاء الجريمة. وعليه، توجّهت القاضية نصار إلى الظنّ بالمتّهم نادر بو خليل بعقوبتين، وهما الاغتصاب والإعدام. أما بالنسبة إلى والدة لين وجدّها وجدّتها فطلبت لهم عقوبة الإعدام".
أما عن الخطوات التي ستلي القرار الظني، فيؤكد طالب أن "الملف أُرسل إلى النيابة العامة لإحالته على الهيئة الاتهامية، لأنه حكماً طالما الموضوع يتعلّق بجناية يتحوّل الملف إلى الهيئة الاتهامية. وتقوم هذه الأخيرة بدراسة الملف لمعرفة ما إذا كانت بحاجة إلى البحث أو التحقيق مجدّداً ببعض الثغرات أو المعطيات. وبناء عليه، يمكنها إعادة الاستجواب من جديد كما يحقّ لها بعد دراسة الملف مجدّداً إصدار منع محاكمة، إن تبيّن لها أن الشخص المتّهم ليس له علاقة، أو أن الأدلة ليست كافية. وبعد إنهاء الهيئة الاتهامية كلّ التحقيقات ودرسها للملف، يصدر حكم الاتهام على خلاف الحكم الظنيّ الذي صدر بالأمس، ويتمّ تحويلهم إلى محكمة الجنايات".
في محكمة الجنايات، يُشير طالب إلى أن الملف يفتح بصورة علنيّة، وتعمل على التأكّد من الأدلة.
نُذكّر أن لبنان سجّل تنفيذ 51 حكماً بالإعدام منذ عام 1947، وآخر حكم بالإعدام طبّق كان عام 2004 حين أُعدم 3 أشخاص في داخل سجن رومية، اثنان رمياً بالرّصاص، وواحد شنقاً. فهل يُعاد تنفيد حكم الإعدام بعد وقف تنفيذه من أجل لين طالب؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|