زلزال المغرب: هزّة أرضيّة فقط أم هزّة للاستقرار؟
أسلوب تعامل السلطات المغربية مع تداعيات الزلزال الذي وقع مساء الجمعة الفائت سوف يحدّد هدوء أو اضطراب الوضع الداخلي في البلاد.
قد يقتصر الزلزال على كونه هزّة أرضية ذات خسائر مباشرة في البشر أوالحجر أو يمكن أن يكون دافعاً لهزّ أركان الحكم في البلاد.
لماذا أقول ذلك؟
منذ أكثر من عام تُبذل جهود شرّيرة من داخل دوائر في الحكم أو من جماعة الإخوان التي خسر حزبها أغلبيّته البرلمانية في الانتخابات الأخيرة وفقدَ المشاركة بتشكيل الحكومة وخرج من مفاصل الدولة وانخفضت مقاعده إلى 13 مقعداً في البرلمان من إجمالي مقاعد البرلمان البالغة 395 مقعداً.
بناء عليه أدارت حكومة رجل الأعمال عزيز أخنوش البلاد.
هذه الأفعال أوجدت مجموعة من التصدّعات السياسية المبنيّة على العناصر التالية:
1- الادّعاء أنّ هناك خلافاً داخل القصر الملكي المغربي على تأهيل وليّ العهد الشابّ لدور أكبر في وقت يتمّ فيه التركيز الدائم على حقيقة صحّة ملك البلاد رغم ظهوره المتكرّر الذي يؤكّد سلامته الصحيّة.
2- كثرة أخبار ومقالات من داخل المغرب ومجتمع المهاجرين في الخارج عن كثرة أسفار الملك لفترات طويلة.
3- الهجوم على سياسة الحكومة التي يقودها رجل أعمال بدعوى أنّها تعمل من أجل مجتمع المال والأعمال وأنّها لا تراعي مصالح البسطاء والمهمّشين.
4- ما يُذاع بين وقت وآخر عن قيام السلطات برصد وإحباط نشاطات لجماعات إرهابية تدّعي أنّها تجاهد ضدّ الفساد والتطبيع مع "العدوّ الصهيوني".
من هنا، يصبح الزلزال وآثاره "كفراً عظيماً" لكلّ من يتآمر بشكل شرّير على القصر والحكومة وحزب الأغلبية والعهد كلّه.
لنأخذ العبرة من استخدام المعارضتين التركية والسورية ضعف تحرّكات الحكم في أنقرة ودمشق من أجل الادّعاء بالفشل وقلّة الاهتمام وتقديم الدعم الإنساني لضحايا الزلزال.
الجدير بالملاحظة ما صدر عن كاتب الدولة لوزارة الداخلية المغربية من بيان مشدّد أنّه قد تمّت تعبئة وتجنيد كلّ إمكانيات الدولة وأجهزتها العامّة والمحلّية من أجل سرعة إزالة آثار الزلزال.
لا بدّ من ملاحظة تكرار الجهات الرسمية الإشارة إلى صعوبة وصول فرق الإنقاذ إلى الأماكن الجبلية (مركز الزلزال في منطقة الحوز).
هنا لا بدّ من تقويم الأداء الحكومي بناء على المؤشّرات التالية:
1- سرعة الوصول إلى أماكن الإنقاذ في القرى الجبلية.
2- متى يتمّ استخدام القوّات المسلّحة؟
3- سرعة انتشال الجثث وعلاج المصابين وإنقاذ الأحياء تحت الانهيارات.
4- سرعة انتشار الأجهزة الحكومية لمواجهة آثار الزلزال الذي بلغت قوّته 7.2 درجات على مقياس ريختر عند عمق 18.5 كلم تحت الأرض، وانطلق من منطقة الحوز (المرکز) ووصل إلى أطراف العاصمة الرباط قاطعاً مسافة 60 كلم، فاتساع مساحة الكارثة يعني اتسّاع مسرح العمليات المطلوبة.
الزلزال الأعنف في المغرب
يشير تاريخ المغرب إلى أنّ الزلزال الأخير هو الأعنف منذ قرن، ولا تقارن قوّته وأهميّته ما حصل من زلزال "أغادير " و"الحسيمة".
عند حدوث زلزال "أغادير" قال الملك محمد الخامس (جدّ الملك الحالي) علينا الانتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
هنا ينتظر أهل المغرب عودة مليكهم من أوروبا بعدما غادر الجزيرة الواقعة في الغابون التي كان يقيم فيها بعد الانقلاب وانتقل إلى أوروبا.
ينتظر شعب المغرب قرارات الحكومة والسلطات المحلية وعمليات الإنقاذ السريع ونجدة المشرّدين وتوفير الغذاء والكساء والماء والكهرباء والاحتياجات الأساسية للضحايا في ظلّ أوضاع كانت قبل الزلزال صعبة يعاني فيها المواطن البسيط ارتفاع الأسعار وصعوبات الحياة.
أوّل آثار التحرّك السلبي الشرّير ضدّ آثار الزلزال هو ما انتشر على الفور على السوشيل ميديا من تلفيق صور دمار لمناطق لم يطُلها الزلزال.
كثرت الشائعات أيضاً عن وجود ارتدادات فورية للزلزال الأوّل.
بالطبع سوف تكون هناك ارتدادات في منطقة جبال أطلس التي يتعرّض سطح الطبقات الصخرية فيها لانتفاخ.
من هنا نقول إنّ القصّة قد تقتصر على زلزال له ارتدادات طبقية أو قد يكون بداية زلزال سياسي يؤثّرعلى الاستقرار.
أرضا خصبة للاحتجاجات الشعبية
لم يسلم المغرب من آثار الربيع العربي، فقد ظهرت احتجاجات شعبية عام 2011 أدّت إلي إعلان الملك محمد السادس سلسلة من الإصلاحات الدستورية تمّ الاستفتاء عليها في تموز 2011.
عادت الاحتجاجات بعد انتخابات 2016.
عام 2017 حدث حراك عُرف باسم حراك الريف ضدّ ما عُرف بالاحتجاج على الفساد والبطالة.
بالطبع لم يسلم المغرب مثله مثل الدول النامية من دفع فاتورة باهظة نتيجة جائحة كورونا وارتفاع السلع إثر الحرب الروسية – الأوكرانية.
حلّ المشاكل الأساسية للمغرب ليس سهلاً لأنّه يواجه تحدّيات كبرى:
1- بعض موارد الطاقة المرهقة لموازنة الدولة.
2- أزمة الخلاف التاريخى العنيد مع الجزائر الذي انتقل من الخلاف على ملفّ البوليساريو إلى إصرار الجزائر على الخلاف حول نظام الحكم في الرباط.
3- الزيادة السكّانية (يبلغ عدد السكان 38 مليون وتسعمئة ألف نسمة بزيادة سنوية تقارب 2%).
4- الفساد الإداري في الأجهزة المحلية والحكومية.
يجعل ذلك كلّه من سرعة الحركة والتدبير الكلمة السحرية التي يمكن، بإذن الله، ألّا تؤدّي إلى تدهور الأمور وحدوث فوضى شعبية.
نعم، سرعة تحرّك أجهزة الدولة، وسرعة انتشال الجثث، وسرعة إنقاذ من هم تحت الانقاض، وسرعة علاج المصابين، وسرعة تعويض المتضرّرين، وسرعة إسكان النازحين، وسرعة توفير الاحتياجات الأساسية، وسرعة التعامل مع الارتدادات المتوقّعة.
أهمّ عنصر من عناصر السرعة المطلوبة هو عنصر ظهور الملك محمد السادس وسط شعبه وتحرّكه هو ووليّ عهده ورئيس حكومته ووزاراته وسط الناس.
تعازينا لأهل الضحايا وتمنّينا للمصابين بالشفاء وليحفظ الله أهلنا في المغرب من کلّ سوء.
عماد الدين أديب - أساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|