بالفيديو : بعد تواريه عن الأنظار لأشهر... دكتور فود يطّل على متابعيه من جديد
قائد الجيش لا يوافق شروط "حزب الله" للرئاسة؟
"النهار"
ابراهيم حيدر
بينما يشهد لبنان حركة ديبلوماسية خارجية تسعى للتوصل إلى تسوية في الملف الرئاسي، وتتقدمها زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، تواكبها اتصالات قطرية موازية، لا تظهر مؤشرات ملموسة يمكن أن تقود إلى إنضاج تسوية رئاسية تشكل مدخلاً للحل، خصوصاً مع ارتفاع سقف المواقف الخلافية وظهور مزيد من الاستعصاءات الداخلية، وعدم نضوج البدائل المقترحة للرئاسة لا سيما اسم قائد الجيش جوزف عون الذي لن يكون انتخابه سهلاً في ظل الفيتوات وعدم حسمه من "حزب الله"، فيما الوقت يدهم الجميع في ظل الفراغ قبل أن تتبلور صفقة إقليمية ودولية تكسر المراوحة التي تهدد البلد بوجوده.
وعلى الرغم من الترويج لأجواء إيجابية عن إمكان حصول تقدم حول الملف الرئاسي إلا أنه لا يمكن الجزم بأن الأمور تسير نحو تسوية رئاسية وحل يشمل الحكومة وملفات الحدود والترسيم. لا يظهر في الأفق ما يشير إلى إمكان نجاح لودريان في جمع الأفرقاء، مع رفض أطراف أساسيين وكتل معارضة من المسيحيين حواراً بشروط "حزب الله". وبينما يراهن بعض أفرقاء الممانعة على إمكان أن يحقق لودريان تقدماً في الملف الرئاسي، بعزل القوى المعترضة على الحوار، إلا أن الأولويات الخارجية تجاه لبنان اختلفت وفق مصدر ديبلوماسي لبناني خصوصاً بعد الزيارتين الأخيرتين لكل من الموفد الأميركي آموس هوكشتاين ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إلى بيروت، وإطلاقهما مواقف تتخطى الشأن الرئاسي، إذ باتت الملفات الخلافية تنحصر في المزاحمة بينهما، إضافة إلى دول اللقاء الخماسي الذي بات الفرنسيون وكأنهم يغردون خارجه.
يصر الفرنسيون من خلال تحرك لودريان على تحقيق انجاز ما في الوضع اللبناني، من دون أن تتغير مقاربتهم للأزمة. وحتى الآن لم تعلن باريس فشل مبادرتها الأولى على رغم التغيير في طرح لودريان بعد لقاء الدوحة، وهي تصر على ممارسة دور تعتبره راعياً أكثر من وسيط للتسوية، وإن كانت مبادرتها لا تحظى بتأييد الفرقاء المسيحيين. وعلى رغم الاتصالات واللقاءات التي سعت اليها باريس مع دول عدة خصوصاً مع السعوديين والأميركيين، إلا أنها لم تتخل رسمياً عن المقايضة التي طرحتها سابقاً عبر إنتخاب مرشح الممانعة سليمان فرنجية.
سعت فرنسا إلى الحصول على جرعات دعم لمهمة لودريان، بهدف تحقيق نتائج إيجابية لمبادرتها. عُقد لقاء فرنسي – سعودي في باريس، وتزامن مع اتصالات فرنسية- أميركية للتفاهم على وجهة محددة لتحرك المبعوث الفرنسي، لكن من دون التوصل الى اتفاق على طرح أسماء للرئاسة، أو أقله التفاهم على تبني اسم قائد الجيش كمرشح تطرحه دولة قطر. ويشير المصدر الديبلوماسي إلى أن باريس تريد تقديم شيء جديد لكنها لا تزال أسيرة مبادرتها السابقة التي لم تستطع الخروج منها كلياً.
ويبدو أن الاهتمام الدولي المستجد بلبنان والذي يشدد من خلال بيانات الدول المعنية على ضرورة انتخاب رئيس وتشكيل حكومة والشروع بالاصلاحات، لا يعني اتفاقاً على قرار بفرض تسوية، طالما أن الأمور لم تنضج بعد في ملفات مرتبطة بالتوازنات الإقليمية والدولية. ويظهر أنه لا تزال هناك اختلافات في وجهات النظر بين فرنسا ودول الخماسية حول الوضع اللبناني، خصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية التي لم تدعم مبادرة المقايضة الفرنسية بتبنيها لخيار فرنجية. وعلى رغم تنسيق باريس مع دول لقاء الدوحة الخماسي تأتي زيارة لودريان في لحظة تحولات في المنطقة، خصوصاً مع تقدم الأميركيين وعودتهم إلى لبنان عبر ملفات الترسيم الحدودية والملف المالي، فيما الإيرانيون يرتكزون في تحركهم على قوة "حزب الله" وما يفرضه من هيمنة على المسار اللبناني وقدرة على التعطيل، إضافة إلى قوته الإقليمية المتمثلة بوحدة الجبهات.
يتضح من خلال هذه الوقائع أن الفرنسيين لا يستطيعون وحدهم إدارة حوار للوصول الى تسوية للاستحقاق الرئاسي، إذ أن تأثيرهم اليوم بات ضعيفاً وينعكس على مبادرتهم. ويتبين من خلال المعطيات أن الولايات المتحدة هي اللاعب الأكثر تأثيراً وفق ما تقرره من أولويات حول الملفات المطروحة. وإذا كانت لم تحسم خياراتها الرئاسية أو أنها لم تقرر في هذا الاستحقاق، فإن أولويتها لبنانياً على ما أظهرته جولات هوكشتاين الأخيرة ومواقفه حول ترسيم الحدود البرية، يبقى الحدود اللبنانية – الإسرائيلية والتنقيب عن الغاز والنفط كملف ضامن للاستقرار في المنطقة، اي أن هذا الأمر مرتبط بأولويات واشنطن الاستراتيجية، وليس التسوية الرئاسية.
لم يعلن الفرنسيون موقفاً واضحاً من عودة اسم قائد الجيش الى الواجهة كمرشح تسوية، وان كان ذلك لا يعني أنهم يعترضون عليه، لكنه مؤشر إلى عدم تراجع الفرنسيين عن مقاربتهم الأولى. أما التطور الذي حدث بلقاء جوزف عون ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، فلا يبدو أنه سيفرض نفسه على جدول الحوار الفرنسي، حتى لو كان قائد الجيش يحظى بمباركة خارجية خصوصاً من الولايات المتحدة وقطر وحتى بمواصفات السعودية للرئاسة. لكن لقاء "حزب الله" بعون ليس رفعاً للفيتو عنه، انما له وفق سياسي لبناني متابع حسابات ضمن أجندة الحزب ترتبط بالحوار مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وأيضاً تجاه الأميركيين للقول أن الجيش لن يكون تحت العباءة الأميركية. ويرى السياسي اللبناني أن هذا اللقاء يستثمره "حزب الله" لرفع الاتهامات عنه بأنه غير منفتح على أسماء أخرى للرئاسة، والأهم لا يعني التخلي عن سليمان فرنجية، وهو ما أكده نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أخيراً عندما حدد الشروط التي يريدها وهي ليست متوافرة إلا عند فرنجية، "لأنه يمتلك أولا الانفتاح على الجميع وعدم تكريس الاصطفافات، وثانياً، له رؤية سياسية واضحة باستقلال لبنان وتحريره ومقاومته للعدو الاسرائيلي، واستعداده ثالثاً لإنجاز خطة اقتصادية انقاذية والانفتاح على الشرق والغرب. وهذه الشروط بالنسبة الى الحزب غير متوافرة في جوزف عون الذي لديه علاقة قوية بالأميركيين وبالتالي إشارة إلى أن أي طرح لاسم عون يجب أن ينطلق من مسار إقليمي يحدد العلاقة بين الأميركيين والإيرانيين في أي صفقة محتملة ليكرس "جوزف عون" تسوية تعايش بين الأميركيين والحزب، وهو أمر مستبعد أقله في الوقت الحالي.
سيبقى الوضع اللبناني في دائرة الفراغ خلال الأشهر الثلاثة المقبلة التي تشكل مخاضاً صعباً في ظل الفراغ، فحتى لو حققت الحركة الديبلوماسية الدولية تقدماً، إلا أن التسوية تحتاج وقتاً لتتبلور أقله حتى نهاية السنة، وفي هذا الوقت تشارف ولاية جوزف عون على الانتهاء فيما الأولويات الأميركية لبنانياً أو الاهتمامات المباشرة لواشنطن على هذه الساحة تتصل بـ"حزب الله" وإيران، انطلاقاً من الحدود التي يسيطر عليها الحزب والمقرر بشأنها، فالحسم فيها يفتح مباشرة على الاستحقاقات الأخرى. وانطلاقاً من ذلك يُتوقع ألا يؤدي حوار لودريان إلى نتائج حاسمة في الاستحقاق الرئاسي، قبل أن يتثبت "حزب الله" من مكاسبه الداخلية وترسيخ هيمنته السياسية والرئاسية...
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|