الصحافة

نزع السلاح عاجلاً أو آجلاً…

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا يمكن لعمليّة بناء الدولة وإجراء الإصلاحات أن تنطلق وتتطوّر، ما دام هناك سلاح خارج إطار القوى العسكرية الشرعيّة، أي الجيش وقوى الأمن. وهذا يُعتبر من ضمن منطق الأمور الطبيعي. ولكن، هناك أسباب أخرى تجبر الحكومة على اتّباع هذا التسلسل، وهو أنّ الدول الغربية لن تقدّم أيّ مساعدات للنهوض الاقتصادي، ما لم يصبح السلاح في يد الدولة وحدها، وما لم تجرِ إصلاحات مقنعة، تمنع الفساد والهدر. كما أنّ واشنطن كانت واضحة في أنّ استمرار المساعدات للجيش اللبناني مرتبط بمعالجة موضوع سلاح “حزب الله”.

وتبدو الحكومة مرتبكة أمام كيفية مقاربة هذا الموضوع الحسّاس. وهي حتّى الآن لم تتطرّق إليه في شكل مباشر، في حين دعا البعض إلى طرح الملفّ على جلسة قريبة لمجلس الوزراء، وتحديد مهلة لتسليم السلاح. ولكنّ رئيسي الجمهورية جوزف عون والحكومة نوّاف سلام  يبدوان متمهّلين، لأنّهما يريدان معالجة الأمر بهدوء. وليس لديهما  خطّة واضحة لكيفية معالجة هذا الموضوع. وهناك وجهات نظر مختلفة داخل الحكومة حول الأسلوب الذي يجب اتّباعه لسحب السلاح من “الحزب”.

إحدى وجهات النظر تقول بالتروّي بعض الوقت، وانتظار متغيّرات خارجية. فالمنطقة تشهد تبدّلات سريعة. واليوم يجري ضرب آخر أذرع إيران، حيث بدأت الولايات المتّحدة حملة عسكرية واسعة للقضاء على قوّة الحوثيين، ومنعهم من تخريب طريق الملاحة البحرية عبر مضيق باب المندب. وبعدها ستركّز واشنطن على الملفّ الإيراني. وقد بعث الرئيس دونالد ترامب برسالة واضحة إلى طهران، مفادها: إمّا القبول بالحلّ الدبلوماسي حسب وجهة النظر الأميركية، أوالاستعداد للحلّ العسكري. وعليه، ومع المزيد من إضعاف المحور الإيراني، تصبح عملية تسليم سلاح “الحزب” تلقائية، حسب ما يعتقد البعض، بما يوفّر على لبنان توتّرات أمنية أو مواجهة بين الجيش والبيئة الشيعية.

ولكن في المقابل، تقول معلومات إنّ الحكومة اللبنانية لا يمكنها أن تماطل طويلاً في موضوع السلاح، وخصوصاً في جنوب الليطاني كمرحلة أولى. ويبدو أنّ ترامب سيمهل لبنان بضعة أسابيع فقط لحلّ المسألة في الجنوب، وإلّا فإنّه، كما قال، سيسمح لإسرائيل بأعمال عسكرية واسعة، بمعنى أنّ الحرب ستعود، وهي ستتكفّل بالمهمّة. وهذا الأسلوب يتّبعه ترامب، مهدّداً ومتوعّداً، وهو لا يتأخّر فعلاً في تنفيذ تهديداته. وهذا في الواقع ما يجري في غزّة، حيث استأنفت إسرائيل الحرب أمس، بسبب تعثّر صفقة الرهائن، وبعدما كان ترامب قد هدّد بأنّ أبواب الجحيم ستفتح، ما لم تسلّم “حماس” جميع الرهائن دفعة واحدة.

وإذا كان الضغط الأميركي الحقيقي على لبنان لم يبدأ بعد، فإنّ إدارة ترامب لن تتهاون في موضوع نزع سلاح “حزب الله” على كلّ الأراضي اللبنانية. فأمامها بعد موضوع الحوثيين، ثمّ يأتي دور إيران. وبعد ذلك، تتفرّغ للبنان، قبل أن تنتقل إلى الملفات الأهمّ المتعلقة بالموضوع الصيني والموضوع الاقتصادي العالمي.

ولكنّ اتّكال الحكومة اللبنانية على عامل الوقت قبل الإقدام على التصدّي لملف السلاح، ليس أمراً آمناً. إذ قد تطرأ تطوّرات غير ملائمة. وهذا ما يحصل بالفعل على الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا. وفي حال لم يتدخّل الجيش لإنهاء الوضع، فإنّ المواجهات قد تتوسّع، وتهدّد الأمن اللبناني. لذا، قد تضطر الحكومة إلى معالجة قضية السلاح ككلّ، وليس الاكتفاء بمعالجات موضعية موقّتة، لا تمنع الإشكالات من أن تتكرّر، كما هي الحال اليوم، حيث وقعت اشتباكات قبل فترة، وتمّت معالجتها، ولكنّها عادت بوتيرة أكبر وأكثر خطورة، ما دفع مجلس الوزراء في جلسته أمس إلى تخصيص حيّز واسع للتطوّرات الأمنية على الحدود مع سوريا.

قد تسهّل التطوّرات الإقليمية وإضعاف إيران المهمّة على الحكومة اللبنانية بالنسبة إلى حسم ملفّ السلاح، سواء لدى “الحزب” أو في المخيّمات الفلسطينية. ولكن عامل الوقت ليس في مصلحة لبنان. فالنار في الجنوب لم تُخمد، وقد تتوسّع في أي لحظة، تحت ستار عدم تنفيذ لبنان تعهّداته بنزع سلاح “الحزب”. ونار الشرق أيضاً تشتعل، وقد تكبر رقعتها، ما لم يتمّ وضع حلّ نهائي للتفلّت على الحدود. وهذا لا يكون بمعالجات موقّتة، إنّما بحلول جذرية، عبر تطبيق القرارات الدولية 1701 و1559 و1680. وعلى الحكومة أن تبدأ الخطوة الأولى عاجلاً أو آجلاً.

 ايلين زغيب عيسى -Beirut24

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا