الصحافة

خارطة سياسية جغرافية جديدة في سوريا ترسم معالم مشروع التقسيم في المنطقة...حلف الأقليات إلى زوال!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ العام 2011، عاد الحديث عن تقسيم سوريا بقوة. لكن المشروع مطروح  منذ اللحظة التي فرضت فيها فرنسا انتدابها على سوريا بموجب اتفاقية سايكس- بيكو عام 1916، التي قسّمت البلاد عبر إقامة خمس دويلات على أسس مناطقية وإثنية وطائفية، وهي: حلب، دمشق، جبل الدروز -السويداء حاليًا، وجبل العلويين أي اللاذقية وطرطوس، ودولة لبنان الكبير. فهل تأتي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى فرنسا اليوم تلبية لدعوة الرئيس إيمانويل ماكرون في سياق عودة مشروع التقسيم إلى الواجهة على خلفية الأحداث التي تدور في المناطق ذات الطابع الدرزي وبروز المسعى الإسرائيلي لإنشاء "ممر داوود"؟

قد يفسر مسعى إسرائيل الملح اليوم لإنشاء "ممر داوود" خلفيات مشهد هذه التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة. فالطريق الإفتراضي الذي اتفق على تسميته ب"ممر داوود" يبدأ من شواطئ البحر الأبيض المتوسط ويجتاز الجولان ودرعا والسويداء والرقة ودير الزور والتنف وصولا إلى نهر الفرات في العراق. وبوجود عدد من القواعد العسكرية الأميركية التي تقع على طول هذا الممر فهذا يعني أنه سيكون تحت إشرافها وإذا تم تحقيقه سيوفر لإسرائيل سيطرة كاملة على مناطق شاسعة تصل إلى الحدود العراقية -السورية ويحول سوريا إلى كيانات درزية وكردية منفصلة.

الكاتب السياسي الياس الزغبي يقول أن " الوضع في الشرق الأوسط بات مطروحاً أمام احتمالات واسعة يهدد أبرزها الخرائط التي رسمها الإتفاق الفرنسي البريطاني في أعقاب الحرب العالمية الأولى والمعروف باتفاق سايكس-بيكو". وكل الدلائل الميدانية التي تحصل منذ عملية "طوفان الأقصى" وما عرف بعدها بـ"حرب الإسناد" التي شنها حزب الله على إسرائيل تحت عنوان مساندة قطاع غزة، لم يكن مقررا وفق القراءات الجيوسياسية آنذاك أن هاتين الحربين ستؤديان إلى اهتزاز ما عُرف تاريخياً بالشرق الأدنى وتحديدا بين لبنان وسوريا والأردن والعراق والذي عُرف أيضاً بإسم الهلال الخصيب الذي حاولت الجمهورية الإسلامية في إيران تحويله إلى "الهلال الشيعي".

ويضيف"ما يحصل اليوم في سوريا يشي بأن محاولات توحيد هذه الدولة بدأت تتراجع لمصلحة إعادة توزيعها في الإتجاهات السابقة للإنتداب الفرنسي أي إلى 4 دول بدءا من شمالها في حلب، وغربها في اللاذقية، وشرقها في دير الزور، ووسطها وجنوبها، والأحداث الأخيرة التي حصلت في الساحل السوري ثم في محافظة السويداء ذات الطابع الدرزي امتداداً إلى ريف دمشق الجنوبي ودرعا والجولان، تكشف أن هناك إرادة لم تعد خفية لإعادة تركيب الجغرافيا السورية على أساس المكونات الطائفية والعرقية تحت عنوان يخفي التقسيم الفعلي وهو الفيدرالية أو نوعا من الكونفدرالية وهو في الحقيقة تقسيم سياسي تحت شعار الوحدة الهشة".

من سوريا إلى لبنان هل يتمدد مشروع التقسيم؟

يقول الزغبي" الواضح أن هذا الواقع السوري ليس معزولاً عن سائر "البازل" الذي وضعه الإتفاق البريطاني الفرنسي، أي أنها صيغة سياسية وجغرافية جديدة تتمدد غرباً في اتجاه لبنان، وشرقا في اتجاه العراق ،وربما كان العراق سبّاقاً في اعتماد الصيغة التقسيمية المموهة ما بين المكونات الثلاثة الكبرى هناك أي الأكراد والسنة والشيعة.

ومعلوم أن هذه الصيغة الجغرافية والسياسية هي مشروع إسرائيلي قديم يتم تنفيذه بعد تأخير أكثر من قرن، ولا تبدو القوى العالمية الكبرى المعنية بوضع هذه الرقعة الجغرافية بعيدة عن هذا المخطط ربما لأهداف تتصل باستقرار إسرائيل ولكن في العمق لأهداف إقتصادية نظراً إلى غنى هذه المنطقة مع امتدادها الخليجي بثروات الطاقة من نفط وغاز ، ولسبب ثالث هو الصراع مع الشرق الأقصى الذي تقوده الصين سواء تحت عنوان"حزام الطريق" أو "طريق الحرير" مقابل طريق الهند والشرق نحو أوروبا عبر إسرائيل".

في المحصلة يصف الزغبي المشهد "بلعبة أمم حقيقية، ولا يمكن منذ الآن استشراق نتائجها بشكل واضح ومحسوم ولكن وفقاً لمؤشراتها الميدانية بين إسرائيل وسوريا وتركيا والوضع العراقي تتجه في هذا المنحى التقسيمي أو على الأقل إعادة التركيب لهذه المنطقة".

وسط هذه التحولات يبرز مصير الأقليات في الدول التي دخلت مرحلة التقسيم وبات يخشى على مصيرها. وفي هذا السياق يؤكد الزغبي أن " التوزيع الجديد المحتمل للخرائط يأخذ في الإعتبار مسألة الأقليات. ولكن صيغة ما عُرفَ في الآونة الأخيرة بحلف الأقليات أي ما بين الدروز والمسيحيين والشيعة وربما الأكراد والأقليات الأخرى لن تعتمد، إنما صيغة تفكيك العلاقة بين هذه الأقليات لئلا تلتقي في قوة لا يستهان بها تحلّ محل الأكثرية السابقة المحسومة في هذه المنطقة لمصلحة الطائفة السنية. فالمقصود من التوزيع الجغرافي والسياسي الجديد هو التوازن ما بين الأقليات وإضعاف تلك الأكثرية، فتتجه المنطقة إلى توازن قوى متنافرة ومفككة لا يمكن أن تشكل خطراً على إسرائيل أولاً وعلى نفسها ثانياً. وستبقى هذه الخارطة الجديدة تحت العين الدولية التي تبحث عن الإستقرار في ما بين هذه المناطق والطوائف والأقليات لأن الإستقرار يفتح باب الإستثمار الدولي أمام القوى العظمى أي أميركا والصين وروسيا وأوروبا".

ويختم الزغبي" الأكيد أن ما كان قائماً بعد الحرب العالمية الأولى حتى اليوم لم يعد صالحاً للتنفيذ والتطبيق. لذلك تتجه المنطقة إلى صيغة غير واضحة تماماً لكنها مختلفة عن تلك المرحلة في الدول المتجاورة والمتصادقة والتي تقوم على تناقضات بنيوية بين مجتمعاتها ومكوناتها. فإذا استمرت الصيغة القديمة ستكون كوصفة دائمة للإحتراب داخل هذه الكيانات وفي ما بينها".

المركزية - جوانا فرحات

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا