الصحافة

أوحلت العقول في ساحات أيلول

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

غادر رياض سلامة حاكميته في مصرف لبنان بمظاهر "إمبراطورية" وبكى أصحاب الجيوب والبطون، وتمّ نسيانه من أصحاب الأفواه المفتوحة على الجوع واليأس، وقد خلّف وراءه قجّة ودائع اللبنانيين وتخبطاً مخجلاً بين وارثي الصلاحيات والسلطات يمدّون الأيدي نحو قعر القجّة المهشّمة والتي يلحّم شظاياها الشاب المنصوري، مع الإشارة إلى أنّ الـ 128 نائباً سحبوا بقايا روح لبنان بضياعهم وتنافرهم لانتخاب رئيس وها هم يغادرون أيلول المبلول بالوحول لنغرق مجدداً بصغائر العقول فالسؤآل:



ماذا تُراه سيكون طعم القادم غير الوحول؟

هذا هو لبنان "النونو" أو "الهرش" إبن المئة سنة الذي حيّر رؤساء العالم وسفرائه ومبعوثي باريس والخماسية بطرح صيغ للحوار ثنائيّة ورباعية ورؤساء نحو كرسي بعبدا، لكنّهم وكأنهم نفضوا أياديهم وكان الرئيس نبيه برّي قد أعلن صعوبات تجديد الحوار حول طاولته المصقولة التي كان قد مدّها في البرلمان بحثاً في استراتيجيات الدفاع الوطني لتنتقل بعده إلى قصر بعبدا مع الرئيس ميشال سليمان (2008 - 2014) إثر اتّفاق الدوحة العائد فوق الألسن. كان الهدف آنذاك وقف العدّ بين المسلمين والمسيحيين بإقرار مبدأ المناصفة وبحث استراتيجية الدفاع الوطني والإتّفاق على "إعلان بعبدا" الباقي بين أوراق الطاولة المنسية.

عاد لينشق باب الحوار شبه الموصود بين حزب الله وجبران باسيل "القائل بالتضحية 6 سنواتٍ لسليمان فرنجية رئيساً" مقابل: "تحقيق اللامركزية الإدارية والصندوق الإئتماني الخاص بالنفط والغاز للأجيال المقبلة وإلإصلاح الشامل".


لنعترف بضخامة الحفر السحيقة بوجه الجمهورية الوعرة، لكنّ النزوح السوري سبق الجميع معلناً لا اللامركزية بل الله أعلم أين ذاهب لبنان. هكذا نتابع بين أفرقاء تُديرهم جهات خارجية متعددة وكأنّ لبنان رهينة الخرائب في التفكير والتدبير وممارسة الحكم المتجعّد الأصفر.


أضاع لبنان كيان الدولة وملامحها والحرية والديمقراطية والتنمية والإدارة وسقط أسير انتظارات الوعود الحائرة بين باريس وواشنطن وموسكو والسعودية ومصر وقطر وإيران وسوريا وإمارات الخليج التي نرفع لها الحبر قبعات تستضيف طيورنا المهاجرة من جحيم إلى جنائن.

سقطت فكرة صفّ النوّاب حول مزهرية مستديرة الشكل متألّقة بالزهور البريّة وسط الطاولة بكونها ستبعث رائحةً متناغمةً في الأجواء، مع أنّها ضرورة وطنيّة لكنّ الأعناق والخواصر والتصريحات مدججة كلّها بالشوك والفرقة حنيناً للأسلحة التي تُنظّف في المخازن والمنازل. إنّ كميّة الأحقاد في وطن الخراب الكبير بعد الفقر الكثير تبشّر بالمستقبل الأسود الأسود، وإنّ المياه في مزهريات كبار السياسيين المصفوفة فوق طاولاتهم قد توحّلت واسودّت حتّى ولو أنّها من "اللاليك" اللامع أرقى أنواع الزجاج وأثمنه في العالم بعدما تراكمت أفكار التبشير والتهديد المتبادلة بالعواصف والرياح والأمواج العاتية المستوردة وخصوصاً عبر حروب المخيّمات في صيدا بين الفلسطينيين والإسلاميين المتشددين لكأنّ الجنوب اللبناني يسقط نحو بعث الجاهليات العسكرية على أنغام الفدراليات مالئة الشاشات ومقلقة المواطنين بخرائط الأوطان المزركشة الألوان.


يتراءى الحوار إذن وكأنه سجّادة تنبئ بالدم لحبسه أو لتسريعه مع أنّ الجروح المتعددة لم تيبس بعد في جسد لبنان !

وإذا كانت الحواريات والمصالحات المتدفقة والمعلنة والمتوسّعة من حولنا في الأرجاء الدولية والإقليمية بين الصين وروسيا وسوريا والسعودية والإمارات ومصر وقطر لا تُرشد اللبنانيين فتُخرجهم من حنينهم لتواريخهم الدامية الغابرة، فإننا نحيل سياسيينا وباحثينا ومحللينا وأساتذتنا وطلابنا وشبابنا الذين لطالما كانوا حطب المواقد في الحروب التافهة وتذكيرهم بساحاتهم الحمراء من الـ 1975 حتى الـ 2005 مروراً بـ 1991 سواء في العلاقات اللبنانية واللبنانية السورية والعربية والعالمية ولننبش معاً أوطان آبائهم وأجدادهم التي كانت تدفع بالأجيال تباعاً نحو المستشفيات والمقابر أو ردهات المطارات حيث أرصفة الأمم بالإنتظار.


إنّ أعداء لبنان الحقيقيين حفنة من قساة الماضي الأليم بلا مستقبل، وما العلاقات الراهنة مع البلدان العربية أو الإقليمية والأوروبية أو مع الدول العظمى سوى اجترار مُخجل لم ولن يعبر بلبنان نحو وطنٍ له بداية ونهاية وحدود وثوابت ومسؤولين، بل قد يبقيه وطناً راقصاً مفتّتاً بين ساحات الأمم!

 

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا