الصحافة

هل يمكن أن تصبح الدولة الرديفة دولةً نفطيّة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تتضاءل مع كلّ إشراقة شمس الآمال المعلّقة على زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وتتضاءل معها احتماليّة الزيارة بحدّ ذاتها. يتولّى نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بصفته المكلّف بهذا الملفّ الكشف عن الخطّ البيانيّ لحركة الوسيط الأميركي ومتابعة تنقّلاته وتقديم العواجل تشاؤماً وتفاؤلاً إلى اللبنانيين كلّما استدعت الحاجة ضخّ سخونة، يحتاج إليها الرؤساء الثلاثة وحزب الله، في شرايين الترسيم المنتظر. المفارقة أنّ بو صعب يعتمد منذ إعلان الزيارة الضبابيّة تسويقَ مبرّرات لتأخير أو تأجيل مفاجئ قد يحصل بسبب زيارات سيقوم بها الوسيط الأميركي لإسرائيل وفرنسا قبل حضوره إلى بيروت.

ستكون التطوّرات التي ستحملها الأيّام القليلة المقبلة كافيةً لتبيان مدى الحضور اللبناني في هذا المسار الذي تقوده مباشرة الولايات المتّحدة، والمتشعّب بين ثلاثيّة الحاجة الملحّة أوروبيّاً لاستخراج الغاز، والأمن في شرق المتوسّط المرتبط بالشروط الإسرائيلية والطموحات الإيرانية، وأخيراً الاستماتة اللبنانية للانتهاء من الترسيم لحفظ ما تبقّى من ماء وجه منظومة الحكم والمقاومة والتسويق لشراكات جديدة تضيف مكوّناً فرنسيّاً هذه المرّة إلى معادلة الفساد والهيمنة القائمة.

في هذه الثلاثيّة يبدو المكوّن اللبناني هو الأضعف بسبب طابعه المحلّي وعدم ارتباطه بالقضايا المطروحة على المستوى الجيوسياسي والأمني والاقتصادي من قِبل الدول الإقليمية المتدخّلة بقوّة في جنوب شرق المتوسّط (إسرائيل وإيران)، وبسبب عدم وضوح الأهداف الأميركية والحالة النهائية التي ترومها هذه الإدارة على صعيد خارطة النفوذ وإدارة ملفّ الطاقة على المستوى الدولي.

أسباب التشاؤم

هناك مؤشّرات عديدة يُستدلّ منها أنّ التزامن الإيجابي بين عناصر الثلاثيّة المذكورة أضحى مستحيلاً:

- أوّلها التصريحات الإسرائيلية التصعيدية على لسان رئيس الحكومة يائير لابيد التي يبدو أنّها تمكّنت من اختراق التصميم الأميركي على المضيّ في إحياء الاتّفاق النووي وووقف التجاوب مع الدفع الأوروبي في هذا الاتّجاه.

إسرائيل التي تتحدّث عن استعدادات للمواجهة ليس في شرق المتوسّط فحسب، بل أيضاً في البحر الأحمر، إنّما تعبّر عن الاستعداد لتحدٍّ بحريّ لطهران يُضاف إلى التّحدي البرّي التدميري الذي يؤدّيه سلاحها الجوّي بشكل متواتر على البنية العسكرية الإيرانية في الداخل السوري، وآخر فصوله تدمير مطار حلب وسط صمت روسيّ وذهول سوريّ اكتفى بتوصيف الهجوم بجريمة حرب.

- ثاني هذه المؤشّرات التراجعان الإيراني والأميركي عن ورقة الاتّحاد الأوروبي التي أعدّها جوزيب بوريل لإحياء الاتّفاق النووي، وتواتر تصريحات الوكالة الدولية للطاقة الذريّة عن التجاوزات الإيرانية لمستويات التخصيب والكميّات المخصّبة. وبلغ بها الأمر أن تقول إنّها "لا تستطيع ضمان سلميّة البرنامج النووي الإيراني". وهو ما يعني إسقاط الوساطة الأوروبية واستعادة الولايات المتّحدة للمبادرة، بل احتكار المبادرة في الملفّ النووي. ويمكن في هذا المجال إضافة طرد الدبلوماسيين وإقفال السفارة الإيرانية في ألبانيا بعد تأكيد واشنطن للهجمات السيبرانية الإيرانية على البنية الرقميّة الحكومية لدولة من دول الناتو.

هذه المؤشّرات تؤكّد أنّ هناك إعادة صياغة أميركية، ربّما لم تنضج خطوطها العريضة بعد، لمقوّمات وعناوين التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط وفي سائر المناطق الحسّاسة في العالم. يمكن أن تُضاف إليها مواقيت الانتخابات النصفيّة في الولايات المتّحدة في الثامن من تشرين الثاني المقبل، التي ستحدّد مسارات السياسة الأميركية وتوجّهاتها في المنطقة، والانتخابات الإسرائيلية في الأوّل منه التي لن تكون سوى إسقاط لها.

خيارات إيران

لا خيار لإيران في هذا الموقف سوى التريّث. ولن تغامر طهران بأيّ عمل عسكري يمكن أن يبعثر مشاركتها في شبكة النفوذ والأمان القائمة أو تلك التي يتمّ ترتيبها، وهي التي أتقنت استراتيجية الملاءمة والتعايش مع كلّ القوى في المنطقة من دون أيّ صدام حقيقي.

التهديد الوحيد لمصالحها في المنطقة هو الاستقرار العربي، وكلّ ما عدا ذلك قابل للتدوير على وقع تبادل المصالح أو تجاهلها في أحيان كثيرة. هذا ما أثبتته التجربة مع تركيا وإسرائيل والولايات المتّحدة في كلّ من سوريا والعراق واليمن والبحر الأحمر، وما أثبتته الاعتداءات الإيرانية في اليمن وجنوب المملكة العربية السعودية.

ماذا عن لبنان؟

خيار لبنان بمواصفاته الحالية هو ما تترجمه الإجراءات التي تقوم بها رئاسة الجمهورية وفقاً لمقتضيات التوريث السياسي. قرار مجلس القضاء الأعلى بالموافقة بالإجماع على تعيين "قاضٍ رديف" في ملفّ انفجار المرفأ للنظر بالأمور "الضروريّة والملحّة"، وفق مصادره، إلى حين بتّ الطلبات التي تحول دون تمكين قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار من متابعة النظر في جريمة تفجير مرفأ بيروت. وهو ما اعتبره رئيس محكمة التمييز القاضي جوزيف سماحة "فصلاً من فصول المؤامرة وصادراً عن سلطة قضائية غير مختصّة، إذ لا يمكن لقرار من وزير ولا من مجلس القضاء أن يحلّ محلّ قانون".

يُضاف ذلك إلى محاولات تصفية الأكثرية النيابية التي أفرزتها الانتخابات النيابية والذهاب إلى "مجلس نيابي رديف" باستصدار قرار من المجلس الدستوري بإبطال نيابة بعض النواب السياديّين أسوةً بقرار مجلس القضاء الأعلى. وقد يُستكمل ذلك فصولاً بالزيارة التي سيقوم بها رئيس الجمهورية ميشال عون لنيويورك على رأس وفد للمشاركة في أعمال الدورة السنوية للجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في نهاية الشهر الجاري وانتظار مفاجآت خطابه الذي سيتضمّن بالتأكيد نقاط بعيدة عن الإجماع اللبناني وتؤسس لمزيد من الانقسامات بين اللبنانيين.

إنّ حضور لبنان الهزيل عربيّاً ودوليّاً في نهايات عهد أضحت إخفاقاته وفساده مضرب مثلٍ للقاصي والداني لن يخدش حياءه التسويق "لدولة رديفة" مزمع إقامتها على أنقاض دولة الطائف.

العميد الركن خالد حماده - اساس ميديا

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا