ضغوطٌ سياسيّة لـ"تخريب" التحقيق.. و"تخريجة" غير قانونية!
توقف أهالي شهداء وضحايا تفجير مرفأ بيروت عند الضغوط السياسية الهادفة إلى «تخريب التحقيق» بعد طلب وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري من مجلس القضاء الأعلى الموافقة على تعيين محقق عدلي إضافي بما يشكل إطاحة ضمنيّة لما توصل له القاضي طارق البيطار في الملف.
وأكد الأهالي خلال تحرّكاتهم الإحتجاجية تمسّكهم بإبعاد التحقيق عن المناكفات السياسية والتعيينات «غب الطلب» التي تشكل عائقاً أمام استكمال المحقق العدلي عمله ومنها البتّ في إخلاءات السبيل وفق الأصول القانونية بعد إفراج وزير الماليّة عن التشكيلات القضائية المحتجزة إنسجاماً مع مطالب «الثنائي الشيعي» بقبع المحقق العدلي والإطاحة بالخيوط التي توصّل إليها التحقيق.
وتعقيباً على هذا الإجراء «القضائي»، أوضح رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق القاضي غالب غانم لـ»نداء الوطن» وجود قراءتين قد تكونان متكاملتين لهذا القرار، إحداهما تطرح العديد من الأسئلة وعلامات الإستفهام، والثانية قد تكون في السياق الطبيعي للأمور، نظراً لكون مهمّة المحقق الذي سيتمّ تعيينه محدّدة جداً، منبهاً في الوقت نفسه إلى أن ما يحصل في لبنان يدعو على الدوام إلى التساؤل، في محاولةٍ لتبيان وكشف النيات الكامنة وراء أيٍّ من القرارات التي تتّخذ.
ولفت إلى أن الضرورات أو المقصود في الظاهر من القرار هو النظر في قضيّة الموقوفين الذين يمكن إخلاء سبيل البعض منهم وفق المادة 108 أصول محاكمات جزائية، والتي تحدد الحدّ الأقصى للتوقيف بالدعاوى أكانت جناية أم جنحة، بـ6 أشهر ويمكن تمديدها لـ6 أشهر أخرى، (المادة التي لا تقيّد المحقق العدلي وفق القانون)، وأشار إلى أن تخطي التوقيفات هذه المهل، يدفع إلى مقاربة القرار من الزاويتين الواقعية والإنسانية والبحث عن ضرورة معينة للتخلص من المأزق الموجود.
ورأى غانم أن موافقة مجلس القضاء الأعلى بـ»الإجماع» على الإقتراح تعني نوعاً من الإرتياح بالنسبة له، لخلوّه من الضغوطات السياسيّة أو المناورات التي ترافق قرارات كهذه في لبنان، واضعاً سابقة إبعاد القاضي الياس عيد في العام 2006 عن ملف التحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، في السياق ولأسباب سياسية لا قانونية، بعد تبيان توجه القاضي عيد حينها إلى الإفراج عن الضباط الأربعة، ما أدى إلى استباق هذا القرار واستبداله بعد إبلاغه النيابة العامة بما يضمر.
وإذ شدّد على أن تلك السابقة لا تكفي لتكرارها اليوم، لفت إلى أنه من الناحية القانونية، لا يوجد مانع من وجود قاضي تحقيق آخر إلى جانب القاضي الأصيل، وتحديداً أن مهمته محددة في النظر في إخلاءات السبيل والدفوع الشكلية.
أما القراءة الثانية للقاضي الدكتور غالب غانم فتوقفت عند «حسن النية» الذي يجب ألا يطغى على مقاربة القرارات المتخذة، مؤكداً أن الأساس والأجدى إصدار تشكيلات الهيئة العليا لمحكمة التمييز لتمارس صلاحياتها، ما يؤدي إلى تجنّب كافة الأمور المرتبطة بهذا القرار اليوم، آملاً في الوقت نفسه، بألّا تكون النوايا وراء اتخاذ هذا القرار هي الإلتفاف على مسار التحقيق والنيل من هيبة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.
وإذ لفت إلى أن تعيين قاضٍ إضافي سيكون لفترة محددة إلى حين زوال المانع الذي يحول دون ممارسة القاضي البيطار مهامه، أوضح أن تعيين محقق عدلي يصدر بمرسوم عادي دون الحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء، وذلك بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى على اسم القاضي الذي يقترحه وزير العدل على المجلس الذي تعود إليه الموافقة.
ورغم تأكيده وجوب أن يصل التحقيق إلى نتائج تنصف أهالي الضحايا والمتضررين بشكل عام، أبدى تخوفه وعدم اطمئنانه لمسار التحقيق، أو للمسار المواكب للتحقيق بعد تعرضه للعديد من وجوه العرقلة، قائلاً: «لا لست مرتاحاً للسياق المرتبط بتحقيق المرفأ».
بدورها، اعتبرت المحامية سيسيل روكز شقيقة الضحية جوزيف روكز، أن قرار وزير العدل سياسي وترافق مع العديد من الضغوط السياسية الهادفة إلى طمس التحقيق في قضية المرفأ، مؤكدة عبر «نداء الوطن» أن الجهة السياسية التي تقف وراء الوزير والضغوط التي قام بها نواب من التيار الوطني الحر بالتزامن مع اتخاذ الوزير قراره، أخرجتا الموضوع من سياقه القانوني وسط غياب أيٍ من النصوص القانونية التي تجيز تكليف قاضٍ آخر بالتوازي مع القاضي الأصيل.
وإذ لفتت إلى أن المادة 360 تجيز لوزير العدل تعيين محقق عدلي (واحد) بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى، أوضحت أن عدم تمكّن «المتضررين» من إزاحة المحقق العدلي عن الملف وفق الأصول القانونية المرعية الإجراء أكان بطلبات الردّ أم بسبب الإرتياب المشروع، دفعهم إلى اعتماد وسائل غير قانونية، في حين أن السياق الطبيعي لاستكمال التحقيق والبتّ في طلبات إخلاء السبيل يكونان عبر إقدام وزير المالية على إمضاء التشكيلات القضائية والتئام الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
ومع تشديد روكز على أن قرار وزير العدل سياسي بامتياز، رفضت المواءمة بينه وبين ما جرى في 2006 مع القاضي الياس عيد، مؤكدة أن ما حصل حينها لا يشكل سابقة نظراً لتمسك المحقق العدلي طارق البيطار اليوم باستكمال التحقيق في ملف المرفأ خلافاً لما حصل مع القاضي عيد الذي كان بصدد السفر وترك الملف برضاه.
وإذ أكدت حق الموقوفين في التقدم وفق القانون بطلبات إخلاء السبيل، رفضت في الوقت نفسه التحايل على القضاء عبر «تخريجة» غير قانونية لأكثر من اعتبار، مشيرة إلى أن الدفوع الشكلية التي يعمد السياسيون المتهمون إلى تقديمها ومنها المرتكزة على أن القاضي البيطار خالف المادة 70 من الدستور قد تؤدي إلى تطيير كافة التحقيقات في الملف.
كذلك، رفض وليم نون شقيق الشهيد جو نون تجزئة الملف على أكثر من قاضٍ بما يؤدي إلى تضييع التحقيق بوجود المحقق العدلي الأصيل، مشيراً إلى أن ضغوطاً سياسية تمارس على المعنيين من أجل اتخاذ هذا القرار. ومع تأكيد نون تعاطف الأهالي مع الموقوفين إذا ثبتت للقضاء براءتهم من القضيّة، شدّد على عدم اتخاذ الموقوفين كأداة ضغط من أجل استكمال التحقيق، رافضاً في الوقت نفسه إخلاء سبيل جميع الموقوفين وأن يكون الحلّ على حساب دماء الشهداء والضحايا وأهاليهم.
طوني كرم - "نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|