الأميركي ذاهب الى التفاوض مع حزب الله بشكل غير مباشر؟
اصاب بعض السياسين القلائل ومعهم عدد من المراقبين، حين توقعوا ان تقوم الولايات المتحدة الاميركية بأجهاض كل المبادرات التي لها علاقة بملف الانتخابات الرئاسية في لبنان ، وآخرها مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي حظيت بتبني فرنسي متين ، والتي تلقفها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل واعتبرها تلبي شروطه ، وأيدها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي داعيا الى التجاوب معها، لانها تضمنت نقاطاً تحاكي طموحات القوى المسيحية المعارضة.
تقول مصادر مطلعة انه حين لمست الادارة الاميركية أن مبادرة بري اقتربت كثيراً من تحقيق الاجماع الوطني ، سارعت الى استخدام حق "الفيتو" الذي منحها اياه دولة خليجية، وبعض من في الداخل من الادوات، واشارت المصادر الى ان مجيء الموفد القطري الى لبنان ليقيم فيه لفترة طويلة ، ليقوم بجولات مكوكية على القوى السياسية المؤثرة بالملف الرئاسي، ومتابعة بورصة للأسماء التي ترتفع اسهمها على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المؤسسات الاعلامية، لتعود في اليوم التالي لتهبط هذه الاسهم الى حد الافلاس.
واكدت المصادر ان هذا هو الدور المناط بالموفد القطري، أي تقطيع الوقت بأنتظار اللحظة الموآتية التي تسعى اليها الادارة الاميركية، من خلال الواسطات التي تجريها مع بري لإقناع حزب الله بالحوار المباشر، للتفاوض على ملفات في غاية الاهمية وبعيدة كل البعد عن ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان.
ورأت المصادر ان زيارة هوكشتاين الاخيرة التي فاجأت العديد من السياسين، وحيّرت المتابعين بتوقيتها وغايتها، اتضح انها ابعد ما تكون لجس النبض بمسألة الترسيم البري مع فلسطين المحتلة، علماً إن هذه الحدود مرسّمة، وترسيمها مثبت بالامم المتحدة، واشارت المصادر الى ان أميركا و"اسرائيل" هما من الدول التي وافقت على الترسيم ، اما بعض النقاط التي يتواجد فيها جيش العدو الصهيوني هو وجود عدواني احتلالي، ومن هذه النقاط القسم الشمالي من بلدة الغجر، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا ستحررها المقاومة عاجلاً أم آجلاً .
ولفتت المصادر انه بعد أجهاض المبادرات وزيارة هوكشتاين، زار وفد اميركي رفيع المستوى رئيس مجلس النواب نبيه بري وقدم له اقتراحاً ليبلغه لحزب الله، يتضمن رغبة الادارة الاميركية بإجراء مفاوضات مباشرة مع قيادة الحزب حول ملفات ساخنة وتحمل اهمية استراتيجية قصوي ، فكان رد حزب الله برفض أي حوار مباشر.
وتشير المصادر الى ان ثمة مَن يعتقد أن موضوع الترسيم البري هو الغاية الاميركية القصوى، فهذا الاعتقاد خاطئ لان الاميركي يدرك بأن الحدود مرسم،ة لكنه سينطلق من هذا العنوان كمدخل الى الملفات الاستراتيجية لإيجاد حل لها، منها اقناع حزب الله بتخفيض مستوى المخاطر التي يرفعها يوميا بوجه العدو الإسرائيلي على الحدود مع فلسطين المحتلة ،لاسترجاع كل النقاط التي يحتلها هذا العدو في الجنوب اللبناني، ورفع مستوى المخاطر في الجنوب يرى فيه الاميركي خطراً كبيراً على الكيان الصهيوني اذا انزلقت المواجهة بين الفلسطينين الذين يوجهون ضربات نوعية في الضفة الغربية و بين الصهاينة، وشملت المواجهة كل المناطق الفلسطينية حتى اراضي ٤٨، قد يرى حزب الله في هذه المواجهة فرصته للأنخراط فيها ومعه كل محور المقاومة، وسط انقسام عامودي افقي طبقي عنصري شرقي غربي ديني وعلماني يعيشه المجتمع الصهيوني في فلسطين المحتلة، ووسط ترهل كبير في وحدات الجيش "الاسرائيلي"، وتراجع الحوافز العقائدية لديه، وهذا ما اكدته مراكز الابحاث والدراسات الامريكية والصهيونية، في مقابل تعاظم قدرات المقاومة في لبنان وفلسطين، وكل المحور عديداً وعتاداً .
واكدت المصادر ان الملف الاستراتيجي الآخر هو أمن الطاقة في البحر المتوسط، حيث يشكل هاجساً كبيراً لدى الغرب، خصوصاً على ابواب فصل الشتاء. ويدرك الاميركيون ومعهم الغرب، أن امن الطاقة في البحر الابيض المتوسط بيد "اسرائيل" وحزب الله ، الذي يمتد تأثيره حتى باب المندب، ولكي تضمن الولايات المتحدة الاميركية سلامة استجرار الطاقة الى الغرب عبر البحر الابيض المتوسط، لا بد لهذه الادارة من اجراء تفاوض مع حزب الله، وقد يكون هذا التفاوض عبر الحكومة اللبنانية او مرجعية سياسية بارزة، وقد يضطر الاميركي الى تقديم تنازلات تفاجىء كل من راهن عليها من حلفاء في الاقليم وأدوات في الداخل ، لانه لن يكون الثمن وفق المصادر نفسها، اقل من تحرير كل النقاط التي ما زال يحتلها العدو الصهيوني من الاراضي اللبنانية، ورفع الحصار كلياً عن لبنان، كذلك رفع العقوبات عن المؤسسات والافراد التي طاولتها تلك العقوبات الظالمة.
واعتبرت المصادر انه قد يكون لقانون قيصر نصيب من هذه التنازلات الاميركية، لان هذا القانون أضر بلبنان ضرراً كبيراً، خصوصاً في موضوع استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن، وحال دون اي زيادة في ساعات التغذية في التيار الكهربائي. علماً ان هذا الوعد الذي قطعته السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا هدفه الالتفاف على ما قام به حزب الله في السنة الماضية من تأمين لمادة المازوت لكل اللبنانين والعديد من المؤسسات الرسمية والانسانية.
وختمت المصادر انه خلافاً لكل ما يعتقده البعض في لبنان، لن يكون ملف الانتخابات الرئاسية على طاولة التفاوض، بل هو امر ثانوي يناقش في الممرات الجانبية، ومن المرجح أن تعود مبادرة بري لتكون المعبر الرئيسي لانتخاب رئيس للجمهورية، وستلقى تأييداً واسعاً من كل القوى السياسية لا سيما القوى التي عارضتها ، ويبقى الوزير السابق سليمان فرنجية الاسم الثابت والوحيد لدى "الثنائي الشيعي" وحلفائه، وكل الضجيج الذي يثار حول احتمال تخلي هذا الثنائي عن فرنجية غير صحيح ويجافي الواقع.
خالد عرار- الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|