محمد علي الحسيني: "وجود قوات قسد ومستقبلها مرهون بالوجود الأميركي ومصالحه في سورية"
أردوغان ونصرالله وترحيل السوريين
عندما فتح رجب طيب أردوغان حدوده أمام اللاجئين السوريين وغيرهم من الراغبين في الدخول إلى أوروبا وكدّسهم على أبواب اليونان عام 2020، استقبله الاتّحاد الأوروبي بأعلى مسؤوليه في بروكسل وناقشه وعرض عليه المزيد من الدعم، عدا تلك المليارات الستة من اليورو التي كان تعهّد تقديمها لتركيا في اتفاق سابق قبل 4 سنوات.
لم تكن تركيا يومها تستقبل العدد الذي يتحمله لبنان في الأيام الراهنة من «الزوار» السوريين، وهي لا تقارن مساحةً وسكاناً ببلاد الأرز والمافيا والميليشيا، ولبنان لم يغزُ سوريا كما فعلت أنقرة بهدف اقتطاع أجزاء منها والمقايضة اللاحقة على شكل النظام ودوره فيها. وإنما تركيا، الدولة الإقليمية العظمى، قامت بذلك، وهي دولة قوية مكتملة المواصفات، تفاوض على العضوية في الاتحاد الأوروبي وتحتل موقعاً مركزياً في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهي كذلك صديقة لدودة لروسيا وإيران وصاحبة طموحات متوسطية وأفريقية وآسيوية لا حدود لها.
هدّد أردوغان أوروبا بإرسال اللاجئين إليها مع أنّهم كانوا حاجةً في سياسته الداخلية والإقليمية. كان يريد مزيداً من الأموال، وإعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول إلى أوروبا، والأهم أنّه كان يبحث عن دعم أوروبي وغربي في مشروعه ضد الأكراد في شمال سوريا والعراق وعن تأييد لطموحاته الإقليمية. وهو حصل، تقريباً، على كلّ ما يريد لأنّه يتحرّك باسم دولة قوية تقيم تحالفات وتوازنات ويحتاجها الجميع، خصوصاً بعد دورها في حرب أوكرانيا، وتسابق الدول غرباً وشرقاً لكسب ودّها.
قبل أيام اقترح السيد حسن نصرالله بشكل مفاجئ وللمرة الأولى، إتّباع التجربة التركية في تهديد أوروبا وأميركا عبر إرسال اللاجئين إليهما في مراكب «مبرّدة». كثيرون من المواطنين ربما يرحّبون بهذه الفكرة المتأخرة، لكنّ غالبيةً ستسأل من سينفّذ أو سيهدّد بالتنفيذ؟ أي سلطة وأي دولة، والدولة مُلغاة والسلطة قيد التصريف والانقسام والعجز، تبحث لها الدول الأجنبية عن مخارج ولا تجدها...! وفي حالٍ كهذه من سيستفيد من هذا الاقتراح غير «مهرّبي الصف الأول» الذين سيطوّرون وسائل نقلهم من زوارق متهالكة إلى سفنٍ فاخرة برعاية قوى الأمر الواقع نفسها؟
يحتاج لبنان قبل التهديد بإرسال النازحين إلى البلدان العامرة في أوروبا إلى دولة ذات سلطة تتّخذ القرارات وتتحمّل وتحصد نتائجها. إلى مجلس نواب ينتخب رئيساً للجمهورية وحكومة تجتمع وتعيد النظر في كل شيء، بما في ذلك الأسباب التي تجعل اللبنانيين يغادرون بلدهم قبل أن يحلّ السوريون بين ظهرانيهم.
وحتى ذلك الحين يمكن لحزب بوزن «حزب الله» أن يؤدي دوراً إيجابياً في التخفيف من عبء أزمة النزوح عبر إعادة الناس إلى أراضٍ سيطر عليها في سوريا وكذلك عبر إسهامه في ضبط الحدود من الجانب السوري بالتعاون مع حلفائه الإيرانيين والروس الذين قاتلوا جميعاً لدعم صمود واستقرار النظام الذي يرفض عودة السوريين بل ويطردهم من وطنهم. أمّا اقتراح تهديد أوروبا بموجات اللاجئين فيمكنه أن ينتظر حتى قيام الدولة التي تقرّر وتخضع للمساءلة، وإلى ذلك اليوم سنسمع الكثير من الاقتراحات التي لا قيمة لها في الوقت الذي يجري تضييعه بإصرار.
طوني فرنسيس - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|