وماذا... بعدَ بعدَ غـزَّة...؟
يا فاتحَ القدسِ خلِّ السيفَ ناحيةً ليسَ الصليبُ حديداً كانَ بلْ خشَبا
إذا نظرتَ إلى أينَ انتهَتْ يـدُهُ وكيفَ جاوزَ في سلطانهِ القُطُبـا
علمتَ أن وراءَ الضعفِ مقدرةً وأنّ للحـقِ لا للقـوَّةِ الغَلَبـا.
أحمد شوقي
الحقّ: حقٌ فلسطيني، إنّـهُ الحق المغدور والحـقّ المهدور، منذ أنْ كان وعـدُ «بلفـور» يكرّس حـقَّ القـوّة طاغياً على قـوّةِ الحقّ، والمجتمع الدولي الذي سـنَّ شرعةَ حقوق الإنسان، أصبحت في حضرتهِ شريعةَ غاب حيثما كانَ، وكأنما الإنسان هو ذئبٌ على الإنسان.
الحـقُّ الفلسطيني يتجسّد اليوم بالمعركة الحـقّ التي طال انتظارها بعد المعارك التي تجّـيشتْ للإستيلاء على وطنٍ بديل.
نعم... إنّ المرجعيات العسكرية على اختلافها شهدت بأنّ «طوفان الأقصى» عمليةٌ عسكرية نوعية تخطّت كلَّ التوقعات، وسجَّلتْ إنكساراً ثانياً للجيش الإسرائيلي الذي لا يُـقهر بعد هزيمة: 2006 في لبنان... ولكنّ هل تقتصر المبارزة على قصفٍ من هنا وقصفٍ من هناك بما يسجل كلٌّ من الفريقين إنتصاراً على الآخر بعدد القتلى...؟
«طوفان الأقصى» قد يسهِّل عملية الحـلّ بتخفيض مستوى المكابرة الإسرائيلية، ولكنه ليس هو الحل، ولقد قوبِل بطوفانٍ من الدعم الغربي إلى جانب إسرائيل: أميركا، فرنسا، بريطانيا، إلمانيا، إيطاليا، بما يشبه الحملة الصليبية.
يوم انتزع الأتراكُ بيت المقدس من الفاطميين سنة 1070 أخـذَ الحّجاج المسيحيون يلقون كلَّ أنواعِ الظلم والتحقير والإضطهاد، وكان ذلك أحـدَ أسباب الحملات الصليبية... وحين انتصر صلاح الدين الأيوبي كان يعامل رعايا الحملات الصليبية بلغة القرآن، حتى أنـّه أرسل طبيبَـهُ خِفْيـةً لمعالجة خصمه الملك ريكاردوس، وقيل: إنّ صلاح الدين اقترح زواج شقيقته بشقيق ريكاردوس وإهداء أورشليم إلى الزوجين لإنهاء الخلاف الدموي حول قضية فلسطين.
السؤال.. هل سيؤدّي هذا النزاع إلى حرب واسعة، تتوحّـد فيها الساحات وتتعدّد الجبهات لتحقيق متغيّرات جذرية في المنطقة حسبما قال نتنياهو: «بتغيير وجـه منطقة الشرق الأوسط»...؟
أوْ أنّ الولايات المتحدة تهـوّل بحاملة الطائرات من أجل إعادة احتواء المشكلة كبديل من التطبيع في محاولة للمضيّ بحلّ الدولتين...؟ إنّـه الهدفُ الأميركي المزعوم، منذ أوسلو وكمب ديفيد إلى الرئيسين باراك أوباما وجو بايدن..؟
يقول الرئيس «أوباما» في ذلك الخطاب التاريخي الذي ألقاه في جامعة القاهرة في 4 حزيران 2009: «على حركة حماس أن تضع حداً للعنف وأن تعترف بحـق إسرائيل في البقاء، وعلى الإسرائيليين الإقرار بأنّ حـق فلسطين في البقاء لا يمكن إنكاره... يدرك الكثيرون من المسلمين في قرارة أنفسهم أنّ إسرائيل لن تختفي، ويدرك الإسرائيليون أنّ دولة فلسطين أمـرٌ ضروري... ويجب على الدول العربية أنْ تعترف بمبادرة السلام العربية... لأنّ طريق العنف والقتل أسلوب خاطئ لا يؤدي إلى النجاح..»
هذا يعني أنّ الولايات المتحدة تدرك هي أيضاً أنّ العنف لا يـؤدي إلى الحـلّ، وأنّها بالعنف قد تخسر حلفاءَها ونفوذها في المنطقة، مستفيدةً مـمّا كان بينها وبين إيـران في عملية تبادل الأسرى ورفع الحظر عن عشرة مليارات دولار إيرانية.
في هذا الخضـمّ العنيف، أين هو لبنان من «طوفان الأقصى»، وقد تحمّل أقصى الأعباء في سبيل القضية الفلسطينية وهو يرزح اليوم تحت طوفان من الرماد والفساد، والفراغ، واللاَّمسؤولية واللاَّوطنية، واللاّوطن...؟
هل يُؤْذنُ لأشباهِ الوزراء بأنْ يلتئمـوا في حكومة طوارئ لمواجهة الإستحقاقات التاريخية الرهيبة...؟ وهل تكـفُّ الألسنة الموتورة عن رشق الجيش وقائد الجيش بالإتهامات الفارغة، ولم يبقَ من مؤسسات الدولة إلاّ الجيش؟
نذكّر الذين لم يكونوا قد ولدوا سنة 1948 عندما سيطر الإسرائيليون على قريـة «المالكية» التي تبعد 700 متر عن الحدود اللبنانية، أنّ كتيبة من الجيش اللبناني تمكنت في 5 حزيران من إخراج الإسرائيليين من «المالكية» والتوّغل في الأراضي المجاورة...؟
عندما تفرض علينا الحرب، سواء نريدها أو نرفضها، فعلينا أنْ نواجهها متحّدين حتى لا نتعرّض لغزوة «الغـزَّتين».
الوزير السابق جوزف الهاشم- الجمهورية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|