نهاية التطرّف؟
ستُنهي حرب غزة نظريتيْن، فلسطينية واسرائيلية، تقومان على التطرّف ومنع الوصول إلى تسويات تؤسس إلى سلام مقبول يضمن الشروط الأساسية لتعايش مقبول على أساس حلّ الدولتين. أصل هاتين النظريتين يعود إلى أربعينات القرن الماضي. اتخذت الأمم المتحدة قرارها بتقسيم فلسطين، رفض الجانب العربي وتمسّك بفلسطين عربية كاملة، فردّت المنظمات الصهيونية المتطرفة بقضم البلاد واعلان الدولة الصهيونية.
الآن أيضاً قامت «حماس»، ودعمتها إيران وأنظمة «الإخوان» السياسي ضد مشروع السلطة الوطنية الفلسطينية وياسر عرفات. أقامت إمارة غزة على أنقاض السلطة، وتراجع مشروع الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية، إلى دولتين فلسطينيتين في كلٍ من غزة والضفّة، لتنتهي الضفّة إلى أرض مستباحة لمستوطني بن غفير وسموطريتش، ولتتحول غزة إلى أرض محروقة.
استباح التطرف الإسرائيلي الضفّة قبل أن يهاجم غزة، وقسّم إسرائيل نفسها إلى معسكرين، وأعتقد التطرف «الحمساوي» أنه يمكنه أن يجتاح إسرائيل. انتهى هجوم «حماس» إلى إعادة توحيد القوى السياسية الإسرائيلية في حكومة حرب تسعى للقضاء ليس على «حماس» فقط، وإنما على الوجود الفلسطيني في غزّة ولاحقاً في الضفة الغربية...
انتهى المشروع الحمساوي بمجرد شنّه الهجوم «المثير للاعجاب» في غلاف غزة. كان السؤال عن خطة «حماس» ومشروعها لدى اتخاذ قرارها بـ»طوفان الأقصى». ماذا عن اليوم التالي؟ وكان السؤال أيضاً عن دور وسلوك «محور الممانعة» وإيران في هذه «الموقعة»، ليتبين أنّ شيئاً لم يتغيّر في ظاهرة المقاومة الصوتية الإعلامية الإيرانية، وأنّ «حماس» انخرطت في عملية ستمهّد لوضع برنامج المتطرفين الاسرائيليين موضع التنفيذ من دون قيود.
على هذا المنوال سارت إسرائيل في تدمير غزة وطرد سكانها مدعومة من قوى عالمية أساسية. لكن مخطط «الابادة الجماعية» لن يمر لسبب أساسي هو الموقف العربي الرافض والمتضامن مع حقوق الشعب الفلسطيني وحلّ الدولتين. عبّرت السعودية ومعها مصر ودول الخليج عن هذا الموقف بقوة فاضطر الأميركيون لتعديل موقفهم، وعاد الحديث عن رفض التهجير والحقوق الإنسانية إلى الواجهة.
يبقى ذلك قليلاً تجاه حجم المأساة لكنّه، وحده، ما يمكن أن يؤسس لإعادة التسوية السياسية إلى جدول الأعمال، مع تجديد التمثيل الفلسطيني وإعادة العمل بالأولويات الوطنية وإكمال ما بدأته السلطة الفلسطينية. وسيؤدي ذلك في المقابل، وبعد استعادة الهدوء، إلى تفرّغ الاسرائيليين لمحاسبة متطرفيهم، وهم بدأوا بذلك منذ اليوم. وسيفكر شعب التضحيات الفلسطيني كثيراً، بعد اليوم، في جعل تضحياته لا تذهب سدىّ ، أو لزيادة رصيد ممانع في بنك صادرات إيران.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|