بالفيديو : بعد تواريه عن الأنظار لأشهر... دكتور فود يطّل على متابعيه من جديد
لهذه المعطيات الميدانيّة خسر "حزب الله" هذا العدّد من مقاتليه المحترفين في غضون أيام
لم يعد جديداً أن التوجّه المبدئي الأول لـ"حزب الله" لحظة أخذ قرار مشاركته حركة "حماس" ومن سار في ركبها من فصائل فلسطينية في منازلتها المفتوحة التي شرعت بها عندما أطلقت عمليتها "طوفان الأقصى" من غزة في اتجاه غلافها الذي حصّنته إسرائيل بصفته خط دفاع عن عمقها، كان يريد تحقيق هدفين أساسيين:
– مشاغلة القوة العسكرية الإسرائيلية بغية تخفيف وتيرة الضغط العسكري المتوقع على غزة وقطاعها والضفة الغربية والفصائل المقاومة فيهما.
– إسقاط نظرية "جبهة الشمال الإسرائيلي المجمدة" وإعطاء إثبات بأنها آلت الى جبهة حيّة مشاركة وجاهزة لكل الاحتمالات.
على هذا المنوال وضع الحزب حسابات انخراطه الأولى في المواجهات التي انفتحت على مصراعيها منذ صبيحة الثامن من شهر تشرين الأول الجاري عندما سارعت وحدات الحزب المقاتلة المتمركزة في أعلى منطقة العرقوب الى توجيه قذائفها المدفعية والصاروخية نحو ثلاثة مواقع إسرائيلية من أصل خمسة تتمركز في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بانتظار التطورات الميدانية وردة الفعل الإسرائيلية على عملية طوفان الأقصى لكي يكون بمقدوره أن يبني على الشيء المقتضى.
ولم يطل الوقت حتى استجدّ ما بدّل المعادلات عند الحزب، فتحت وطأة الغضب الإسرائيلي الذي تفلّت من كل القيود بعد الضربة الكبرى التي باغتته وآذته في صلب معقله، وتحت وطأة مسارعة الغرب لإنقاذه من مأزقه، وجد الحزب نفسه مجبراً على الانتقال من مهمة المشاغلة، الى مربّع الاستنزاف اليومي. ويبدو جلياً أن هذه النقلة كانت بالنسبة إليه سلاحاً ذا حدّين إذ إنه نجح في إرباك العقل الاستراتيجي للجيش الإسرائيلي وأجبره وفق تقديرات الحزب على تجميد أكثر من ثلث القوة العسكرية الإسرائيلية المقاتلة على حدوده الشمالية تحسباً واحترازاً، وأن يجبر أكثر من 30 ألف مستوطن يعيشون في أكثر من عشر مستوطنات حدودية مع لبنان على النزوح جنوباً فضلاً عن خسائر في عسكره عناصر وآليات.
لكن الجيش الإسرائيلي ما لبث بعد وقت قصير أن "امتصّ" تداعيات الضربة المزدوجة في غزة وعلى الحدود مع لبنان، وانطلق في أقل من أسبوع في تنظيم هجوم استيعابي مضادّ أدى الى نتيجتين مهمتين له:
– "فرملة" الاندفاعة العسكرية للحزب التي كانت عنصر مباغتة له.
– الشروع في تقييد أكبر لمجموعات الحزب المقاتلة وتوهين تكتيكات غرف عملياتها.
ووفق تقديرات خبراء عسكريين يعدّون من أصدقاء الحزب وعلى صلة بدوائره، إن العقل العسكري الإسرائيلي نجح في استخدام تقنيات قتالية متطورة وأدخلها في الميدان، فيما بدا الحزب متكئاً على معادلات ونظريات قديمة نسبياً لا تتلاءم مع المعادلات المستجدة. فكانت من أكثر النتائج إيلاماً أن يفقد الحزب في الأيام الخمسة عشر الأولى لانخراطه في ميدان المواجهات الدائرة نحو 42 مقاتلاً يُفترض أن يكونوا في عداد القوة المحترفة وليسوا من عناصر الحشد والتعبئة.
– صحيح أن العقل العسكري للحزب ليس من النوع الذي يئنّ ويلجأ الى أسلوب التراجع أو يظهر بمظهر المأزوم، لكن قاعدة الحزب الجماهيرية أصابها ارتياب وصدمة.
ووفق معلومات ضيّقة سرت في الأيام القليلة الماضية إن قيادة الحزب اضطرّت الى اتخاذ إجراءات عاجلة أقصت بموجبها قيادات عسكرية مكلفة بإدارة الموقف على طول الحدود واستبدلتهم بغرف عمليات تضمّ فريقاً جديداً رديفاً. ومع هذه الإجراءات العاجلة والسرية فإن الحزب بدا كأنه "محاصر" ويصعب عليه التبديل العاجل لفرض معادلات ميدانية مختلفة يتم فيها تلافي الأخطاء والثغر لأن مثل ذلك بحاجة الى وقت وجهود استثنائية.
ويروي هؤلاء الخبراء أن الحزب الذي أنشأ خلال الأعوام التي تلت حرب تمّوز عام 2006 قوة نخبوية أطلق عليها اسم قوة "الرضوان" (تضمّ وفق تقديرات الإسرائيليين نحو 4 آلاف مقاتل أخضعوا لتدريبات صعبة في المعسكرات كما لتدريبات في الميدان السوري)، أعدّها لمهمتين غير المهمة التي وجدت نفسها مجبرة على خوض غمارها وهما:
– الاقتحام والاشتباك للعمق الإسرائيلي لا التراشق عبر خطوط تماس كما هو واقع الحال حالياً، خصوصاً أن مثل هذا الوضع هو حتماً لمصلحة جيوش كلاسيكية نظامية لا قوات من نوع قوات الحزب، إذ إن ميزان القوى العسكري هو حتماً لمصلحة الجيش النظامي.
– استخدم الإسرائيلي بكفاءة عالية تقنيات حرب المسيّرات وهي التقنيات الأحدث في الحروب وقد جرّبها الجيشان الروسي والأوكراني في حربهما المدمرة منذ أكثر من عامين وقد أبلى كل منهما في إثخان الآخر بالجراح والخسائر لكونهما استوعبا قسراً هذا السلاح ذا التقنية المعقدة ولكن ذات المفعول القوي والكاسح في تدمير قوة الخصم.
وحسب الوقائع المتوافرة فإن نحو 37 عنصراً من العناصر الذين فقدهم الحزب قد سقطوا بفعل حمولات القوة النارية لهذه المسيّرات.
وحسب المعلومات نفسها فإن الخيارات المتاحة أمام مقاتلي الحزب تكاد تكون مقتصرة على سلاحين هما: الصواريخ الموجهة (قصيرة المدى) وقاذفات الكورنيت الروسية الفاعلة في إلحاق الأذى بالميركافا الإسرائيلية الحصينة.
ووفق خريطة عسكرية في غرف عمليات الحزب ثمة وقائع أساسية منها:
– إن طول جبهة المواجهة بين لبنان وإسرائيل يبلغ 106 كيلومترات تبدأ بالنقطة صفر عند بحر الناقورة وتنتهي عند مرتفعات شبعا البالغ ارتفاعها نحو 2814 متراً.
– إن التضاريس الجغرافية لهذا الخط صعبة ومعقدة وتحتاج الى عدد كبير من المقاتلين لحمايتها.
– إن قوات الاحتلال حصّنت نفسها بـ64 موقعاً على طول هذا الخط بطاقة نارية عالية من دبابات ميركافا ومدفعية متنوعة ونظام مراقبة إلكتروني متطور ومعقد بالإضافة الى القبة الحديدية والى الأسلحة الرشاشة الثقيلة.
– وبمعنى أوضح، تفيد تلك المعلومات أن إسرائيل نشرت على الجبهة مع لبنان عشرات ألوف الجنود المزوّدين بفرقة مشاة خاصة وفرقة مدرعات وفرقة احتياط.
– الى المواقع والتحصينات الـ64 التي أقيمت بعيداً بأغلبها عن خط المواجهة المباشر، هناك الجدار الاسمنتي العازل الذي بدأت إسرائيل بإنشائه منذ أعوام على طول الحدود وهو يبدأ من تحت الأرض بـ16 متراً وصولاً الى ما فوق الأرض بارتفاعات تراوح بين 10 و12 متراً في بعض الأماكن.
واللافت أن الحزب ليس بمقدوره بناءً على خريطة الانتشار إلا مشاغلة نحو 6 الى 8 مواقع فقط في خط مواجهة مباشر. لذا ليس مستغرباً أن يعلن عن قصفه المتكرر وشبه اليومي لهذه المواقع بالاسم.
إذن المسيّرات هي العدو الأول لمقاتلي الحزب، فهي قادرة على رصد المواقع التي يطلق منها أولئك المقاتلون الصواريخ الموجهة والتي تحتاج الى 36 ثانية لتطلق الصاروخ وتطلق آلياً حمولتها النارية على مصدر الإطلاق الذي يحتاج عملياً الى ثلاثة عناصر حداً أدنى.
وبمعنى آخر فإن مقاتلي الحزب يبذلون جهداً استثنائياً للعثور على هدف عسكري إسرائيلي وهم في هذه الحال يكونون في حركة وحال انكشاف واستطراداً يكونون هدفاً سهلاً للمسيّرات الإسرائيلية التي لا ترحمهم، ولأن الوضع هكذا خسر الحزب من العناصر في أسبوعين نصف ما خسره إبان حرب تموز التي استمرت 33 يوماً وكانت أكثر ضراوة وشراسة واتساعاً.
"النهار"- ابراهيم بيرم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|