العدالة القضائية لمحاسبة مجرمي الحرب "الفارين" إلى لبنان...الحزب لا يحمل تبعاتهم
تحفّظات على حماسة بكركي لقمّة روحيّة
لم يحبّذ نواب وسياسيون لبنانيون إعلان بكركي الاستعداد للذهاب الى قمة روحية يُخشى أن يتم من خلالها بيع الكنيسة المارونية المتشددة في منع تعيين قائد جديد للجيش حتى انتخاب رئيس للجمهورية، هذا المطلب في الوقت الذي من واجب القوى السياسية فيه إيجاد المخرج، وأي قمة روحية تُعقد على هذه الخلفية قد تخرج هذه القوى المحرجة من إحراجها وتبيع الكنيسة المارونية من كيسها على قاعدة مقايضة ذلك بموقع رئاسة الجمهورية. ويقارن هؤلاء موضوع القمة الروحية التي أثيرت مع زيارة وفد من المجلس الشيعي الاعلى أخيراً للصرح البطريركي بالحوار الذي دفع به الثنائي الشيعي الى الواجهة من أجل تمرير دعمه لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عملاً بقاعدة أن الحوار حق يراد به باطل.
فليس التحفظ عن القمة الروحية تحفظاً في المطلق أو تحفظاً على التقاء القيادات الروحية من كل الطوائف بل في التوقيت والأهداف المرجوة منها. ومع أن البلد في أمسّ الحاجة الى التلاقي على كل المستويات، فإن القمة الروحية تأتي على خلفية بعيدة من رأب الصدع على الصعيد السياسي في شكل خاص وأكثر. وقد أثير هذا الموضوع في لقاءات نيابية أخيرة من دون اتضاح ما إن كان هؤلاء النواب أبلغوا البطريرك الماروني وجهة نظرهم وتبريراتهم أم لا، ولكن هذا التحفظ سيظهر ذلك الى العلن قريباً.
وازدادت في الأيام الأخيرة التحذيرات من مقايضات كان أبرزها ما ورد على لسان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في ظل الكلام عن سعي "حزب الله" الى بيع الخارج الذي يريد استمرار التهدئة في الجنوب انسحاباً من جنوب الليطاني الى شماله بمعنى تنفيذ القليل من القرار 1701 لقاء بيعه موقع الرئاسة الأولى ومطالب أخرى. وهي مقايضة يخشى سياسيون معارضون أن يقع الخارج ضحيتها لجملة أسباب على رغم أن عدم توسع القتال في الجنوب لا يتصل كما قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بوصول أكثر من 20 رسالة الى الحزب بهذا المعنى وضبط النفس لكن السؤال هل سيذهب الحزب الى توسيع الحرب وبأي ثمن، وما الدور الإيراني في بيع هذه الورقة للأميركيين وما أهمية حاملات الطائرات الأميركية الرادعة الى جانب إسرائيل؟
وهذه الأسباب تتصل في شكل أساسي بأن الخارج الطامح لإنهاء أزمة لبنان الضعيف أمام الحزب وشروطه ويريد انتهاء الأزمة بغض النظر عن التوازنات الطائفية أو السياسية في الوقت الذي يمتلك فيه الحزب ورقة تعطيل انتخاب الرئيس وحتى ورقة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون من عدمه في الوقت الذي يريد فيه الخارج التمديد للأخير.
ويمكن أن يبيع الحزب الخارج من كيسه في القرار 1701 باعتبار أن الحزب الذي بادر الى "مشاغلة" الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني دعماً لحركة "حماس" ومنع إسرائيل من إنهائها على غير السردية التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية، وبغض النظر عن احتمالات نجاح إسرائيل أم لا، فتح باب خرق القرار 1701 بقوة لا بل استعان بالتنظيمات الفلسطينية على سبيل التغطية السنية فيما هو يستطيع بيع هذه الورقة أيضاً وضبط هؤلاء تحت عنوان العودة الى العمل بالقرار 1701 وتنفيذه واحترام مهام القوات الدولية التي تتركز بحسب القرار على مراقبة وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل ودعم السلطات اللبنانية في الحفاظ على المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني، خالية من العناصر المسلحة أو الأسلحة أو الأصول الأخرى غير المصرّح بها.
وتالياً فإن الانسحاب الى شمالي الليطاني يُحتمل أن يكون بنداً على الطاولة على رغم أن الأمر قد لا يستمر ما دامت المناطق الخاضعة لولاية اليونيفيل جنوب لبنان، تشكل بمعظمها بيئة شعبية حاضنة لـ"حزب الله" فيما لم يتردد في وضع أنصاره بوجه القوات الدولية في أكثر من مناسبة، بهدف عرقلة عملها أو وصولها إلى أماكن معيّنة لتفتيشها، ما أدى إلى وقوع صدامات عدة، كانت أبرزها حادثة "العاقبية" التي راح ضحيتها جندي من الكتيبة الإيرلندية العاملة في لبنان في شباط منذ العام الماضي.
هذه الخشية من محاولة توظيف الحزب عدم توسيعه الحرب مع إسرائيل برزت منذ الأيام الأولى لانخراط الحزب في هذه الحرب ولا سيما في ظل تجربة توظيفه حرب تموز لمصلحة تنفيذ أجندته ليس إلا والمستمر حتى الوقت الراهن. ولذلك فإن المبادرات من بعض دول الخماسية في اتجاه لبنان لإعادة تحريك ملفه الرئاسي وإن كانت مبررة ومفهومة وضرورية، فإن هناك توجساً من أنها تتم على لهيب غزة أو جمرها سواء كانت هذه المبادرة من قطر أو من فرنسا في ظل عدم ارتياح كلّي لأي منهما ولا سيما أن الإنهاك الخارجي في موضوع لبنان يدفع الى استسهال الحلول بعيداً من البحث في الحيثيات والأسباب والأبعاد التي أدت الى التعطيل الرئاسي حتى الآن، إذ حتى لو أن الحزب الذي لا يزال يشهر دعمه للنائب والوزير السابق فرنجية، يعتقد أن الدفع سيتم في اتجاه مرشح آخر يناسب الحزب بحيث قد يتخلى عن الاسم لقاء أثمان معيّنة ولكن ليس عن المشروع الأساسي. وهذا بات شبه واضح بالنسبة الى سياسيين كثر يعتقدون أن الحزب بدا مدركاً أنه لن يستطيع إيصال اسم يسمّيه أو يرشحه وهو لا سيما بعد الحرب على غزة وعدم القدرة على الرهان على أي انفتاح خليجي من مبدأ احتفاظ الدول الأساسية بهامش مريح لها في التعاطي إيجاباً أو سلباً وفق ما تنتهي إليه الأمور في لبنان. لذلك القلق، كل القلق، من مضاعفات الحرب على غزة وانعكاساتها في زمن يقول فيه البعض همساً إنه تأكيد لأدوار أكثر منه إنهاءً فعلياً وسليماً لأزمة لبنان.
"النهار"- روزانا بومنصف
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|