رقصة أميركية - إيرانية قد تنتهي بتحويل البحر الأحمر الى أسود في منتصف ليل!...
هي لعبة اقتصادية - سياسية - أمنية، تدور في البحر الأحمر حالياً، وتُعيدنا الى مشهد قديم - جديد، هو عداء أميركي - إيراني في الظّاهر، بموازاة استثمار أميركي بالأنشطة الإيرانية أو المدعومة من طهران في المنطقة، وبما يسمح لإيران بلعب دور "الشرطي" الأحبّ على قلبها منذ عقود.
فهجمات البحر الأحمر "الحوثية" تؤثّر على أسعار النفط وسوق الطاقة، كما على التجارة الدولية، ولكنّها قد تشكّل إطاراً أميركياً - إيرانياً للإمساك بأسعار النّفط من خارج تحالف "أوبك بلاس"، وذلك بغضّ النّظر عن مصلحة أعضاء هذا التحالف بالارتفاع المستمرّ للأسعار.
والتحالف الدولي من أجل التصدّي لهجمات "الحوثي"، الذي أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عنه تحت إسم "المبادرة الأمنية متعدّدة الجنسيات"، قد يشكّل إطاراً للتجارة الدولية في منطقة البحر الأحمر، يصعّب الحفاظ على المصالح والمنافع التجارية والاقتصادية بالنّسبة الى الدول "غير الصديقة" لواشنطن ربما، بنسبة معيّنة مستقبلاً.
فماذا عن مصير لعبة الرقص على حافة هاوية الاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة العالمية وتأثيراتها على هذا الاقتصاد، المُتعَب أصلاً منذ أكثر من ثلاث سنوات؟
رأى الباحث في علم الاقتصاد، والأستاذ الجامعي البروفسور جاسم عجاقة أن "ما يجري في البحر الأحمر حالياً هو من ضمن لعبة توازن قوى بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة، وإيران من جهة أخرى".
وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الفارق بين مضيقَي هرمز وباب المندب أساسي. فالأول يشكّل ممرّاً لنحو 40 في المئة من النقل البحري النفطي بالدرجة الأولى، فيما مضيق باب المندب وضعه أدقّ، إذ إن حجم التجارة الأساسية والجوهرية لقارة آسيا تمرّ منه باتّجاه دول الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأوروبا، وغيرها، وهو ما يعني أنه من أهمّ الممرّات التجارية العالمية، حتى بالنّسبة الى الصين".
وأشار عجاقة الى أنه "إذا استمرّت الهجمات على السّفن التجارية على حالها هناك، فستتضرّر التجارة العالمية كلّها. وهذا ما يفسّر الإعلان عن قوة دولية تضمّ كل الدول المتضرّرة اقتصادياً من تلك الأحداث. فاللّعبة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران وصلت الى مستوى متقدّم، ويرى الأميركيون أنهم إذا تساهلوا تجاه ما يجري، فإن قسماً كبيراً من التجارة الدولية في باب المندب سيتعطّل. فحتى الشركات التي تتشجّع على الإبحار بسفنها من هناك، ستكون مُضطّرة لدفع تكاليف أعلى من أجل التأمين. وبالتالي، ما يحصل ليس سهلاً، وهو من أكثر التطوّرات خطورة على المستوى الاقتصادي العالمي".
وأضاف:"أكثر ما يهمّ الولايات المتحدة الأميركية من خلال أي خطوة تقوم بها في هذا الإطار، هو أن تحافظ على تأثيرها على سوق النفط، وعلى الاستقرار في تلك السوق، الى جانب عنصر استراتيجي وعسكري مهمّ بالنّسبة الى الأميركيين وهو الدفاع عن إسرائيل، وعن مصالحها التي تمرّ عبر البحر الأحمر، خصوصاً أن "الحوثيين" يقولون إنهم يستهدفون السُّفن التي تتوجّه الى إسرائيل".
وعن سبب عدم استعمال الصين والسعودية تأثيرهما السياسي على إيران من خلال تسوية بكين، لدفعها الى الضّغط على "الحوثيين" الذين يهدّدون بهجماتهم في البحر الأحمر المصالح الصينية والسعودية أيضاً، ولو بطريقة غير مقصودة، أجاب عجاقة:"المشكلة الحالية ليست بين المملكة العربية السعودية وإيران، والهدف من تلك الهجمات ليس استهداف المصالح السعودية. فالمشهد بات مختلفاً عن السنوات السابقة، ويتمحور التوتُّر الحالي حول لعبة توازن القوى بين الأميركيين والإيرانيين".
وختم:"إذا استمرّ الوضع على تلك الحالة، فسيكون مُلزِماً مراقبة التغيُّرات والتحوُّلات التي يمكن أن تطال سوق النفط. ولكن رغم كل شيء، فإن مفاعيل عدم الاستقرار هذا قد تشكل استفادة لكل الدول المنتجة للنفط انطلاقاً من أن أسعاره سترتفع. وإذا كان ارتفاع أسعاره هيكلياً لا موقّتاً فقط، فإنه سيرتدّ إيجابياً وبمداخيل كبيرة، على الدول المُنتجة للنفط. وهنا نذكّر بأمر أساسي، وهو أن منطقة الخليج القريبة جدّاً من البحر الأحمر، هي منطقة أساسية في لعبة الطاقة العالمية".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|